Advertisement

عربي-دولي

المياه.. مفتاح السلام والحروب في العالم

Lebanon 24
22-03-2016 | 11:13
A-
A+
Doc-P-130816-6367053700764844571280x960.jpg
Doc-P-130816-6367053700764844571280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
منذ أن أعلنت الأمم المتحدة، في شهر أيلول الماضي، المياه هدفاً للتنمية المستدامة، ثابر عدد من البلدان على تكثيف الجهود لتعزيز التعاون المائي مع الدول المجاورة، غير أن الشرق الأوسط لا يزال يفتقد هذا التعاون. على مدى عقود، فاوض كل من العراق وسوريا وتركيا حول معاهدات تعاون على نهري دجلة والفرات، لكن من دون التوصل إلى أي نتيجة. وأدّى فشل هذه الدول في إيجاد تسوية، إلى إتاحة الفرصة أمام تنظيمات غير حكومية، تحديداً تنظيم داعش. فالجماعات الإرهابية المتطرفة في المنطقة، تسيطر اليوم على بعض السدود وخطوط الأنابيب والخزانات ومحطات الرصد، وتستخدم المياه سلاحاً لإجبار السكان على الإمتثال لرغباتها. وقد أدّى هذا الوضع إلى استحالة الحفاظ على سد الموصل شمال العراق. وحذّر العديد من الخبراء من خطر الإنهيار الوشيك للسد، والذي يمكن أن يفيض ويقتل معه نصف مليون شخص في غضون ساعات قليلة. تشهد منطقة الشرق الأوسط سلسلة أزمات ملتهبة، لا يمكن حلّها بطريقة سهلة. السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمات، هو قبول جميع الدول بتقديم التنازلات الكبيرة، والتفاوض حول اتفاقية سلام شاملة، يكون التعاون المائي ركناً أساسياً فيها. عادة ما تشكل قضايا المياه، جزءاً مهماً من اتفاقيات السلام. فقد احتفلنا عام 2015، بالذكرى المئوية الثانية لمؤتمر فيينا، الذي أوجد الإطار التنظيمي لنهر الراين واللجنة المركزية للملاحة في النهر. كما يصادف هذه السنة، مرور 160 عاماً على توقيع معاهدة السلام في باريس، وإنشاء اللجنة الأولى على نهر الدانوب. تتواجد هاتان اللجنتان اليوم، بأطرهما الحديثة، وتعتبران ضمن عوامل الإستقرار في أوروبا. بالعودة إلى الحرب الباردة في أوروبا، فقد لعبت المياه دوراً مهماً. سلوفينيا أيّدت اتفاقية حماية نهر الدانوب وهي دولة أساسية في اتفاقية نهر سافا. وهذه الأخيرة هي أول اتفاقية متعددة الأطراف حول قضية موجهة في جنوب شرق أوروبا، جاءت عقب اتفاقية دايتون للسلام، والتي أوقفت الحرب في البوسنة. هناك علاقة وثيقة بين السلام الإقليمي والتعاون المائي. نموذج مماثل من العلاقة بين المياه والسلام، تأسّس في أميركا الوسطى. فبمجرد نجاح رئيس كوستاريكا أوسكار أرياس، في التفاوض حول خطة سلام لأميركا الوسطى عام 1980، توالت اتفاقيات التعاون الإقليمي في مجال المياه. العلاقة بين المياه والسلام لا تقتصر فقط على مرحلة التنظيم التي تعقب الصراعات. إدارة المياه تعتبر أداة هامة لمنع نشوب النزاعات. إن إنشاء لجنة إدارة شؤون نهر الأوروغواي عام 2010، بعد التوصل إلى حل سلمي للنزاع المرير بين الأرجنتين والأوروغواي، هو مثال على أهمية الإرادة السياسية في إدارة الشؤون البيئية بطريقة فعالة ووقائية. علاوة على ذلك، توجد مبادرات أخرى، متقدمة كثيراً عن تلك المعروفة في أوروبا، والتي وضعت أسس التعاون الإقليمي الطويل المدى والاستقرار، بينها لجنة نهر الميكونغ، غير أن الصين مستبعدة عنها لغاية اليوم. وفي تشرين الثاني، أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إنشاء آلية Lacang للتعاون حول الميكونغ، وذلك سعياً إلى تعزيز التعاون على نهر الميكونغ بين الصين والدول المجاورة لها جنوب شرق آسيا. تتخلّى أيضاً دول حوض النيل عن تنافسها القديم لصالح إدارة مشتركة للمياه. فمنذ عام بالضبط، اجتمع رؤساء أثيوبيا ومصر والسودان في الخرطوم، للاتفاق حول التخطيط المشترك لسد النهضة الأثيوبي الكبير. وعلى الأرجح، فإن لجنة حوض نهر السنغال تعتبر الأكثر تنظيماً اليوم، حيث تدير أصول المياه في مالي والسنغال وموريتانيا وغينيا، من منطلق تعاون إقليمي يتجاوز المصالح الوطنية. ومن المتوقع أن تكثّف لجان أحواض الأنهار في الكونغو وغامبيا التعاون بينها هذه السنة، مستفيدة من تجربة لجنة حوض نهر السنغال. عندما تتمكّن الحكومات ليس فقط في أوروبا وأميركا الشمالية، إنّما أيضاً في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، من أن تدعم التعاون العابر للحدود، فما الذي يمنع دول الشرق الأوسط من التعاون؟ يحيط النقاش بين دول الشرق الأوسط، مخاوف من خسائر محتملة جرّاء التعاون الإقليمي، في حين تركّز دول أخرى حول العالم على الفوائد المحتملة. إنّها مسألة خيار بين سيكولوجية المنافع وسيكولوجية الخسائر. في تشرين الثاني، شاركت 15 دولة في الاجتماع العالمي الرفيع المستوى حول المياه والسلام. وهذا يوفّر فرصة لقادة الشرق الأوسط للانخراط في العمل، واستخلاص الدروس من التجارب الناجحة في مجالات التعاون حول العالم، وبالتالي صياغة مستقبلهم. إن خطر الانهيار المحتمل لسدّ الموصل، دلالة على أن المسألة لا تقتصر على مجرد انهيار دول، إنّما تتعلّق ببقاء مجتمعات سكانية كبيرة على قيد الحياة. الخيار هو بين التسوية والكارثة، بين الكرامة والموت، ولم يعد لدى المنطقة متّسع من الوقت لاتّخاذ الخيار الناجع. (سارة مطر – المستقبل)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك