Advertisement

لبنان

قانون السير: الرفاهية قبل السلامة

Lebanon 24
05-05-2016 | 00:33
A-
A+
Doc-P-148236-6367053837777841011280x960.jpg
Doc-P-148236-6367053837777841011280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
نشرت قوى الأمن الداخلي اللبناني، قبل أيام عدة، مقارنة بين نسبة حوادث السير قبل تطبيق القانون الجديد وبعد عام على تطبيقه، لافتة إلى أنّ النسبة انخفضت بـ37 في المئة، وبالتالي تراجعت نسبة القتلى 19.8 في المئة. يدفع المواطن مبلغاً لا يستهان به لقاء إضافة أنظمة السلامة عند شرائه سيارة جديدة، كالوسائد الهوائية (SRS Airbags). أما الأنظمة الأكثر تطوراً، مثل الكبح الالكتروني، فنادراً ما تتوافر في السيارات التي تدخل السوق اللبنانية. ويعود ذلك لسببين: الأول هو عدم وجود قانون يفرضها، والثاني هو غياب "ثقافة السلامة" عند المستهلك اللبناني الذي يبحث عادةً عن سيارة "اقتصادية" (تكلفة منخفضة)، وبالتالي يتجاهل فكرة وجود هذه الأنظمة المكلفة. لكن، ألم يكن ممكناً استبدال الرسوم الجمركية المرتفعة بفرض وجود أنظمة سلامة متطورة في السيارات اللبنانية؟ تفرض دول العالم العديد من معايير السلامة الواجب أن تتضمنها السيارات الموجودة على طرقها، حرصاً على حياة السائقين والركاب. ولعل أكثر هذه المعايير تشدداً وحزماً هي تلك التي تفرضها "الإدارة الوطنية لسلامة السير على الطرق الأميركية السريعة" (NHTSA)، التابعة لوزارة النقل الأميركية، إذ تحظّر دخول أي سيارة إلى البلاد أو السماح باستخدامها على الطرق في حال عدم توفر معايير السلامة المطلوبة فيها. كما تُلزم تجهيز جميع سيارات الركاب الجديدة بنظام "منع انغلاق المكابح ـ ABS يمنع انزلاق السيارة"، ونظام "التحكم الإلكتروني بالثبات "ESC" يكشف ويحدّ من الانزلاق عبر تطبيق الكبح تلقائياً على الإطارات فرديا. تُطبق هذه المعايير في أوروبا أيضاً، بل وسبقت الولايات المتحدة بإلزام تجهيز جميع سيارات الركاب الجديدة، التي تباع في الاتحاد الأوروبي، بنظام "منع انغلاق المكابح" منذ العام 2004. وكانت كندا الأولى في جعل نظام "التحكم الإلكتروني بالثبات" إلزامياً للآليات التي تحمل مواد خطرة عام 2005. وتدرس هذه الدول حالياً فرض أنظمة جديدة مثل تجهيز السيارات بوسائد هوائية للمشاة "Pedestrian Airbags" (تنتفخ عند اصطدام السيارة بالمشاة لحماية الرأس من الزجاج الأمامي). أما في لبنان فتختلف معايير السلامة جداً وقانون السير لا يطلب أكثر من معايير "فيزيائية"، تتعلق بهيكل السيارة وحجمها، وكأنّ صناعة السيارات ما زالت في بدايتها. والمعايير المتعلقة بالسلامة التي يفرضها القانون تتوافر في معظم السيارات ومنذ سنوات طويلة كـ "تزويد كل سيارة وكل مركبة آلية بمكبحين على الأقل، يكون كل منهما مستقلاً عن الآخر"، أي ببساطة: "فرام ايد وفرام اجر". ويجعل غياب المعايير في لبنان من سلامة السائق والركاب «رفاهية». فطلب أنظمة سلامة متطورة في السيارات الجديدة يرفع سعرها إلى نسبة تصل إلى الـ30 في المئة. ولا يستطيع اللبناني، الذي يقود تحديداً سيارات ذات استهلاك قليل للوقود، دفع مبالغ إضافية للحصول على هذه الأنظمة. الجدير بالذكر هو أنّ بعض الشركات تزود سياراتها التي تباع في الأسواق غير اللبنانية بأنظمة سلامة متطورة، ومنها تلك التي تقتصد في استهلاك الوقود. حيث يمكن شراء واحدة من هذه الفئة مزوّدة بعشر وسائد هواء مقارنة بنظيرتها اللبنانية المزودة بوسادتين فقط. حتى أنّ العديد من هذه السيارات تباع من دون وسائد هوائية، وعلى المستهلك أن يدفع مبلغاً إضافياً مقابل الوسادتين الأماميتين. (تقول الإدارة الوطنية لسلامة السير على الطرق الأميركية السريعة إنّ وجود الوسائد الأمامية يخفض نسبة الوفيات أثناء الحادث بـ29 في المئة). وبدلاً من الحصول على أنظمة سلامة متطورة، يستبدل المواطن هذه التكاليف بأخرى باهظة لقاء ضبط سرعة، ضمن قانون السير الجديد، يهدف إلى "تغيير السلوك وليس الغرامة"، بحسب قول رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزيف مسلم (أثناء إطلاق قانون السير الجديد في 21 نيسان 2015). قد يتخلى السائق اللبناني عن "رفاهية" سلامته، إلى حد ما، لكن رفاهيته تبقى "حاجة" أساسية تؤمّنها له الدولة. نُصبت أخيراً لوحات الكترونية على بعض الطرق السريعة اللبنانية تفيد السائقين بالسرعة القصوى، وهي تشكل في بعض الأحيان وسيلة تشتيت لانتباه السائق، ما قد يسبب المزيد من حوادث السير. ولكن، ما الفائدة من إخبار السائق بوجود زحمة سير أمامه، وهو الروتين اليومي الذي درج عليه اللبناني في كل مرة يخرج بها إلى الطرق؟ والسخرية تكمن في "أوتوستراد الأسد"، حيث تخبرك "شاشة العرض" بـ "زحمة سير كثيفة من المدينة الرياضية باتجاه الوسط التجاري"، وأنت تعلم ذلك مسبقاً، لتدخل بعدها الأنفاق المظلمة من المدينة الرياضية حتى سليم سلام و"الرينغ". وإذا مُتّ بسبب غياب الإنارة في الأنفاق، فاعلم أنك مت سعيداً على الأقل، لأنك خرجت لتوّك من صالة السينما. (رأفت ابو دقة - السفير)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك