ماذا تُخبِّئ البدانة من أمراض فتّاكة؟

لبدانة ليست مجرّد رؤية جمالية أو رقماً يبلغه محيط الخصر، إنما هي مصدر لمجموعة غير متوقّعة من المشكلات الصحّية! إذا كنتم تظنّون أنّ إنعكاساتها تقتصر فقط على السكري، وأمراض القلب، والضغط المرتفع، فأنتم تجهلون حقائق كثيرة توصّلت إليها الأبحاث العلمية الأخيرة التي أُجريت في هذا المجال.وفق منظمة الصحّة العالمية، البدانة هي عبارة عن دهون مفرطة في الجسم تؤدي إلى آثار مضرّة جداً بالصحّة، ويتمّ تقييمها من خلال مؤشر كتلة الجسم "BMI" عندما يتخطّى 30 كلغ/م2. غير أنّ الأمراض الناتجة عن هذا الوزن الزائد لا تعتمد فقط على كمية الدهون إنما أيضاً طريقة توزيعها، وتكوين الجسم، والعمر، والعرق. لذلك من الصواب التحدّث عن أمراض الأنسجة الدهنية بدلاً من البدانة. وجد العلماء على مرّ السنين أنّ البدانة في منطقة البطن هي الأكثر إشكالية عندما يتعلّق الأمر بالمخاطر الصحّية لأنها تهيّئ خصوصاً للسكري، وتعقيدات القلب، والأوعية الدموية. في المقابل، عندما تتوزّع الأنسجة الدهنية في مختلف أنحاء الجسم أو تنحصر في الجزء السفلي منه، فإنها تعزّز أشكالاً أخرى من الأمراض كإلتهاب المفاصل في الركبة، والقصور الوريدي. في حال الإصابة بالبدانة، إستشيروا الخبراء لمساعدتكم على التخلّص تدريجاً منها وتحصين أجسامكم ضدّ كمّ هائل من أخطر الأمراض. كذلك يجب على أصحاب الوزن الطبيعي أخذ الإحتياطات اللازمة لتفادي بلوغ هذه المرحلة الدقيقة: السكري 80 في المئة من مرضى السكري من النوع الثاني يشكون من زيادة الوزن أو البدانة، ومن بين الأشخاص البدناء نحو 30 إلى 40 في المئة يعانون هذا الداء. وجود تاريخ عائلي للسكري ومدّة البدانة الطويلة يزيدان خطر المرض لدى البدناء. لا غنى عن الحركة البدنية والتعديلات الغذائية لعلاج هذه المشكلة، جنباً إلى الأدوية التي يصفها الطبيب وفق حالة كلّ مريض. الضغط المرتفع 40 في المئة من البدناء مصابون بالضغط المرتفع، واللافت أنّ البدانة في منطقة البطن تعزّز هذا الخطر. السيطرة على معدل الضغط تشكّل السبيل الوحيد لحماية الشرايين من الشيخوخة ومشكلات القلب والأوعية الدموية. تسمح خسارة الوزن بتحسين الضغط المرتفع، لكنها قد تكون غير كافية. بشكل عام، خسارة الوزن إلى جانب وضع حدّ لكمية الملح المستهلكة، وممارسة رياضة منتظمة، كلّها عوامل تملك فاعلية أكيدة. من دون نسيان الإلتزام بالعقاقير الطبّية وفق تعليمات الطبيب. الكولسترول والتريغليسريد متلازمة الأيض هي عبارة عن مجموعة علامات تحذير لخطر السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية. تشكّل بدانة البطن إحدى مكوّناتها، مع إرتفاع الضغط والسكر في الدم. كذلك يوجد عنصر آخر هو إختلال نسبة الدهون المتمثّل بزيادة التريغليسريد وإنخفاض الكولسترول الجيّد (HDL). تؤدي بدانة البطن إلى مقاومة الإنسولين، فيظهر إرتفاع السكر في الدم الذي يؤدي إلى السكري، وضغط مرتفع، وأيضاً إختلالات في الدهون. أمراض القلب والأوعية الدموية تهيّئ البدانة لعضلة قلب غير طبيعية مثل تضخم البطين الأيسر الشائع جداً. كإستجابة لزيادة تدفق الدم في القلب، يتضخّم القلب. وفي حال حدوث أيضاً تشوّهات في الجهاز التنفسي، يمكن للشخص البدين أن يتعرّض لقصور القلب الإحتقاني. من جهة أخرى تُعتبر البدانة جزءاً من عوامل خطر الموت المفاجئ الذي يبلغ معدله السنوي 40 مرّة أكثر لدى البدناء مقارنةً بأصحاب الوزن الطبيعي، وفق دراسة فرامنغهام للقلب. فضلاً عن أنّ خطر السكتة الدماغية يرتفع بدوره، على رغم أنّ البيانات ليست كلّها متّسقة. كذلك يمكن للبدانة أن تزيد المشكلات الوريدية في الأطراف السفلية مع تفاقم خطر الإلتهاب الوريدي، والإنسداد الرئوي. إنقطاع التنفّس أثناء النوم 40 في المئة من البدناء يعانون إنقطاع التنفس أثناء النوم الذي يسبب التعب، والخمول، وعدم القدرة على التركيز. ومن بين الذين يشكون من هذه المشكلة، 30 في المئة هم بدناء. إنقطاع التنفّس أثناء النوم يشكّل أحد الأسباب الرئيسة لإرتفاع ضغط الدم. وفي مرحلة شديدة، فإنّ خطر أمراض القلب والأوعية الدموية يزداد ثلاث مرّات على الأقلّ. من جهة أخرى، يُعتبر ضيق التنفّس من بين المضاعفات الأخرى في الجهاز التنفسي التي تسبّبها البدانة أو الوزن الزائد. أمّا في ما يخصّ الربو، فيتمّ ربطه غالباً بالبدانة. السرطان أنواع معيّنة من السرطان المعتمدة على الهرمونات أو المرتبطة بالجهاز الهضمي تكون أكثر شيوعاً لدى البدناء، كسرطان البروستات، والكلى، وبطانة الرحم، والثدي بعد إنقطاع الطمث، والمريء، والقولون. وفق منظمة الصحّة العالمية، تشكّل البدانة الثلث في حدوث هذه الأنواع من السرطان. تلف المفاصل يرتبط إلتهاب مفاصل الركبة بالوزن المفرط. التخلّص من الكيلوغرامات الإضافية يسمح بخفض الضغط المفصلي، ويُعتبر مفيداً لخفض الألم وتأخير الجراحة، بحيث إنّ خسارة 5 كيلوغرامات تُتيح خفض اللجوء إلى العملية الجراحية بنسبة 25 في المئة. فرط حامض اليوريك التركيز القويّ لحامض اليوريك في الدم يكون أكثر شيوعاً في حالات البدانة، إلّا أنّ السبب الفعلي لا يزال غير معلوم. يمكن لهذه المشكلة أن تسبّب داء النقرس، أو حصى الكلى. خسارة الوزن تملك تأثيراً مفيداً في هذه الحالة. إرتجاع المريء وسلس البول الوزن الزائد، وبدانة البطن، والإفراط في إستهلاك الدهون تلعب دوراً رئيساً في ظهور إرتجاع المريء. من جهة أخرى، تشكّل البدانة عامل خطر الإصابة بإرتخاء الأعضاء التناسلية، وأيضاً سلس البول وزيادة حدّته. الضغط في البطن الناتج من الوزن الزائد يُعتبر سبباً رئيساً وراء حدوث هذه المشكلة، إلّا أنّ التخلّص من الكيلوغرامات الزائدة تدريجاً يحسّن بوضوح الأعراض. إختلال الدورة الشهرية غياب الدورة الشهرية أو عدم إنتظامها يكونان شائعين لدى المرأة البدينة. ترتبط هذه المشكلة غالباً بالإضطرابات الهرمونية، وتسبّب ضعف الإباضة وإنخفاض الخصوبة. الإضطرابات النفسية كآبة، وقلق، وإنخفاض الثقة بالنفس... إضطرابات أكثر شيوعاً لدى البدناء، إلّا أنه يصعب تحديد السبب والنتيجة. الجانب الإجتماعي والإقتصادي في البدانة يحتلّ مركزاً كبيراً. البدانة هي 5 مرّات أكثر شيوعاً لدى أصحاب الدخل الأكثر إنخفاضاً مقارنةً بالأكثر إرتفاعاً. فضلاً عن أنها مصدرٌ إضافي لعدم المساواة: صعوبات إجتماعية وشخصية ترجع إلى تشويه سمعة البدناء في مجتمعاتنا وثقافة النحافة، وصعوبة الحصول على فرص عمل على رغم الشهادات المتساوية، وإنخفاض الأجور، وإرتفاع معدل البطالة... (سينتيا عواد - الجمهورية)