صدق أو لا تصدق...بدأ مزارعو أعالي كسروان بقطع أشجار التفاح ويفكر بعضهم الآخر بالبحث عن زراعات بديلة سواء من الفاكهة أم الخضار وهم لم يحددوا ذلك حتى الآن!
ومشكلة أعالي كسروان شبيهة بكل المناطق الجبلية التي تعتمد على التفاح مصدر رزق أساسياً في حياة أبنائها مع كل خريف.
هذا العام وقعت الكارثة على رؤوس أبناء أعالي كسروان حيث تنتشر زراعة التفاح من ميروبا إلى حراجل وفاريا وكفردبيان ووطى الجوز إلى كفرتيه وبقعاتا كنعان وبقعاتا عشقوت على ارتفاع بين 1000 و1800م تقريباً.
في هذه القرى والبلدات يعتمد أبناؤها إما على الحركة السياحية على مدار السنة إما على بعض الأعمال المحلية إما على التجارة وهي محصورة إما على الوظائف إما ينتقلون إلى ساحلي كسروان والمتن إما يهاجرون....وقد يكون 40% منهم يعيشون من التفاح.
عملياً لم تكن السياحة مقبولة في حدها الأدنى ولم تؤت الأعمال التجارية والموسمية ثمارها إلى جانب الإهمال اللاحق بأعالي كسروان منذ زمن طويل...ولم ينقصه إلا مشكلة التفاح حيث يباع الصندوق بأقل من 6 دولارات أي بأقل من كلفة إنتاجه وبيعه بكثير.
ويقول رئيس بلدية حراجل المهندس طوني زغيب إن أكثر من نصف المزارعين لم يقطفو موسمهم بعد والتجار لم يأتوا إلى المنطقة بالأعداد نفسها مثل كل عام مشيراً إلى أن السوق المحلية لم تعد تستوعب إن بفعل الكميات التي قطفت من التفاح المحلي وبيعت فيه وإن بسبب التفاح الخارجي الذي تم استيراده وهو يشكل مصدر مزاحمة سلبية بحق التفاح اللبناني.
ويؤكد زغيب لـ "
لبنان 24" إن المزارعين في أعالي كسروان قد يبقون التفاح على أشجاره مما يعرض الموسم برمته للتلف وما همهم إن كان قطافه سيلحق بهم خسائر أكبر من القطاف؟
لا مصر ولا الأردن ولا ليبيا
وهو يلفت إلى أن من بين أسباب هذه المشكلة أن التصدير إلى مصر لم يعد مجدياً بسبب هبوط قيمة العملة المصرية، وأن التصدير إلى الاردن لم يحن أوانه بعد وأن الأسواق العربية الاخرى غير مفتوحة أمام التفاح اللبناني في طليعتها العراق وليبيا.
أعالي كسروان إذن على موعد مع التصعيد المتتالي اسوة بسائر المناطق الجبلية التي تعتمد على التفاح مصدراً أساسياً للرزق وقد تذهب التحركات إلى حد بعيد جداً.
ويشير زغيب في هذا الإطار إلى أن الحلول المرجوة بعيدة الأمد وهي تتراوح بين تصدير التفاح إلى اوروبا وهنا يجب أن تعتمد مواصفات معينة في الزراعة والرش والتوضيب وبين الدخول إلى الأسواق الروسية التي تستوجب من يسوق للإنتاج اللبناني فيها وهي كبيرة وتستوعب كميات كبيرة وبأسعار أفضل من الأسواق العربية مع أن كلفة النقل غير قليلة على الإطلاق.
التفاح بين العصير والخل
ومن الحلول إقامة معامل لشراب التفاح وزيادة تصنيع عصير التفاح وخله... وحتى ذلك الحين ولئلا ينقطع التفاح في اعالي الجبال فيستبدل بفواكه وخضار أو تندثر بساتينه أو حتى لئلا يدخل الباطون في الأمكنة التي يزرع فيها التفاح...
من أجل ذلك كله يتحرك أبناء أعالي كسروان مطالبين الدولة بدعم سريع بأساليب عدة بينها تقديم دعم بخمسة آلاف ليرة عن كل صندوقة تفاح وفتح الأسواق الخارجية...فالحلول الجذرية تحتاج إلى متسع من الوقت لتكون بعيدة الأمد ولتؤسس لتحولات نوعية تؤمن البدائل المطلوبة.
وحتى ذلك الحين ومع أن وزير الزراعة أكرم شهيب أصدر مذكرة قضت بحصر استيراد التفاح والإيجاص والبطاطا المجلدة بالإجازات المسبقة...يبقى الرهان على تجاوب سريع من المسؤولين في ظل شلل تام وفراغ رئاسي أشبه بحارة كل مين إيدو إلو على مستوى المسؤوليات والمؤسسات.