Advertisement

مقالات لبنان24

هل يجرؤ الحريري على حكومة "الأمر الواقع"؟

زينة ابو رزق

|
Lebanon 24
02-12-2016 | 06:02
A-
A+
Doc-P-237742-6367054605650060631280x960.jpg
Doc-P-237742-6367054605650060631280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
في حين يكثر الكلام عن ارتباط التأخير في التشكيلة الحكومية بالاستحقاق النيابي المقبل، وتحديدا بأي قانون انتخابي يريده أهل الحكم في ضوء التلويح المتزايد بقانون الستين، تزعم مصادر وزارية أن هنالك اتجاهاً لدى رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بتأليف حكومة "الأمر الواقع"، أي حكومة بحدّ أدنى من الاتفاق بين أطراف الصفّ الأوّل، وبالذهاب بها الى مجلس النواب. فإذا حجب المجلس الثقة عنها كما هو متوقّع في هكذا سيناريو، تتحّول الى حكومة تصريف أعمال وتكون هي المسؤولة عن إدارة الشؤون العامة في مرحلة ما قبل الاستحقاق النيابي، ما يزيد من تأثير الحريري على مجرى الأمور ويسهّل عليه إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين الساري المفعول حاليّاً. ولو أنّ هذا التصور يبدو صعب التنفيذ، وهو أقرب الى سيناريو غير واقعي وتهديد مبطّن يروّج له بعض المطلعين على المشاورات القائمة حول التشكيل بغية التعجيل في حلّ العقد، منه الى واقع يدرس الحريري وفريق عمله فعليّا امكانية تنفيذه ان اضطرّوا الى ذلك، الا أنّ هذه الفكرة متداولة في الأوساط السياسية، حيث تلاقي أصداء متضاربة وآذان بعضها صاغية والبعض الآخر صماء. الحريري وقانون الستين أما الأمر الذي بات واضحاً، فهو تعلّق الحريري بقانون الستين، وكون هذا القانون هو خيار "الشيخ" النهائي. وقد جاء الكلام الأخير لوزير الداخلية نهاد المشنوق حول ضرورة إجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس القانون الساري المفعول نظرا إلى ضيق الوقت، والّا تأجيلها، ليؤكّد هذا الواقع. فبحسب مصادر مقربة من الثنائي المسيحي، فإن كلام الوزير المشنوق لم يكن ضرورياً لأنّه جاء ليؤكد ما هو مؤكد أو ما هو معلوم، وفي ذلك خطأ سياسي، لأنّ هذا الحديث، إن دلّ على شيء، فعلى رغبة واضحة وفاضحة في فريق الحريري في تحقيق غاية معينة، أي استعجال الإقرار بقانون الستين كمدخل للانتخابات المقبلة. ويسعى حلف معراب الى التوافق على قانون حديث للانتخابات، تكون النسبية إحدى ركائزه. وقد نقل زوار بعبدا عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تمسّكه بقانون جديد للانتخابات، مهما كان الثمن. الّا أنّ انطباعاً عاماً يسود في البلاد وهو أنّ الجميع متفقون ضمناً على قانون الستين، الا أنّ التسليم به منذ الآن يناقض كلّ مبادئ الإصلاح والتغيير التي لم ينبرِ العهد ينادي بها. وثمة من يذهب أبعد في التحاليل، مؤكداً أنّ صهر العهد ورجله الأول جبران باسيل لا يمانع فكرة قيام حكومة الأمر الواقع التي يتمّ التداول بها اذا كان ذلك يسهّل السير بقانون الستين بأقلّ الخسائر السياسية الممكنة، أي بعدم إرباك العهد مباشرة بهذا الموضوع. واذ ينادي حلف معراب بقانون حديث للانتخابات يضمن حقوق اللبنانيين اجمالا والمسيحيين خصوصا، الا أنّ الثنائي المسيحي يبدو مرتاحا على حاله الانتخابي مهما كانت الظروف وتحت أي قانون انتخاب يُصار الاتفاق عليه، اذ، وبحسب ما تجزمه أوساط مقرّبة من هذا الحلف، فإنّ الثنائية المسيحية المستحدثة سوف تساعد الى حدّ كبير في تصحيح التمثيل المسيحي الذي لا ينصفه قانون الستين. وتعطي الأوساط على سبيل المثال لا الحصر أمثالا عديدة حيث يفقد الأفرقاء الآخرون تأثيرهم الانتخابي، أو أقلّه قيمتهم الانتخابية المضافة، في وجه الثنائي المعرابي، مشيرة في هذه الحالة الى تراجع نفوذ الصوت الشيعي في جبيل والصوت الأرمني في المتن والصوت السني في دائرة بيروت الأولى. وترى هذه الأوساط أنّ هنالك تخوفا واسعا من ارتدادات التحالف المسيحي على الساحة السياسية الداخلية، ما يفسّر جزءاً من التركيز على موضوع قانون الانتخاب من جهة، وجزءاً من التأخير في تشكيل الحكومة من جهة أخرى. وفي هذا الإطار، ترى هذه الأوساط أنّ الثنائي الشيعي يلجأ الى استعمال ورقة سليمان فرنجية المسيحية في وجه حلف معراب، وأنّ تمسّك الرئيس نبيه برّي- وهو المفاوض حكوميّاً باسمه وباسم "حزب الله"- بهذه الورقة وتعنّته بالنسبة لايلاء نائب زغرتا حقيبة أساسية يندرج في إطار مواجهة الثنائي المسيحي بزعيم مسيحي آخر. والإرادة الشيعية بخلق توازن مسيحي خارج تحالف معراب ليست مستغربة، ولو أنّ أسبابها مختلفة في بعض جوانبها بالنسبة إلى برّي و"حزب الله". فرئيس المجلس يريد تفادي حالات سياسية جديدة تخرجه من الاتفاقات الثنائية بين الحريري والحلف المسيحي في أيام العهد المقبلة، فيكون له شريك مسيحي قوي هو ايضا في وجه هذه المعادلة. وأما "حزب الله"، وبالإضافة الى كون فرنجية حليف " الخط" الأساس ومشروع رئاسي مستقبلي، فهو، أي الحزب، يريد أيضاً الإبقاء على قوة مسيحية ضاغطة خارج ثنائي معراب تفاديا لتعويم الحريري من خلال اتفاقات ثنائية بينه وبين شريك مسيحي نجح في احتكار الساحة المسيحية بمجملها، وتجنّبا أيضاً لتكريس تفوّق حزب القوات، وهو الخصم السياسي الاستراتيجي، على الزعامات المسيحية الأخرى، وعلى رأسها فرنجية. وثمة من يجزم في هذا الإطار أنّ معركة رئاسة الجمهورية المقبلة قد بدأت منذ الآن، وأنّ الفريق الشيعي يحضّر لها بعزم وجدّية على وقع التطورات الإقليمية وخصوصا السورية منها، وبالتالي فتمسّكه بفرنجية وإصراره على تحسين وضع البيك في الحكومة المقبلة وفي أي حكومة تليها يندرج في إطار التخطيط للمرحلة المقبلة. وأما اللحمة القوية بين حزب القوات والوزير جبران باسيل وإصرار الجهتين على عدم تلبية رغبة فرنجية بحقيبة أساسية، فتأتي أيضاً من باب التهيّؤ للمستقبل وتحجيم المنافسين منذ الآن، ولو أنّ العنوان المعلن للتصدّي لفرنجية مختلف. اذ، وكما تلخّصه المصادر المقرّبة من حلف معراب، كيف يعقل أن يُطلب من عون الموافقة على إيلاء حقيبة أساسية لمنافسه حتى آخر لحظة على الرئاسة، وللرجل الذي لم يصوّت له ولم يكلّف نفسه حتى عناء تهنئته بعد الانتخاب؟ وتعقيبا على الكلام عن تمسّك مستغرب لبرّي والثنائي الشيعي عموما بفرنجية، تقول المصادر نفسها أنّه كان قد تمّ الاتفاق بين برّي وحزب القوات على أن يتراجع هذا الأخير عن مطالبته بوزارة الدفاع السيادية نظرا إلى ااعتراض "حزب الله" على ذلك، مقابل الحصول على نيابة رئاسة الحكومة وحقيبة الأشغال، وكان برّي قد أبدى موافقته التامة على هذا الموضوع ثمّ تراجع فجأة دون مبرّر، ليتّضح لاحقا أنّ عين فرنجية على وزارة الأشغال، وأنّ ما يطلبه "البيك" يقف عنده الثنائي الشيعي دون تردّد. وفي ضوء هذه المعطيات وتعليقات البعض وكلام البعض الآخر، يبدو واضحاً أنّ كلّ فريق يسعى الى تأمين مساحة مريحة له وهامش واسع للتأثير على مجرى الأمور في المرحلة المقبلة، الا أن هذه المرحلة، كما يبدو، لا تقتصر على تشكيل حكومة جديدة أو حتى إجراء انتخابات نيابية، بل تتخطّاها الى ما هو أبعد من ذلك، وتحديدا الى ما يبدو كمعركة وجود وكيان، لا في هذا العهد فحسب، بل أيضاً وراءه وبعده.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك