Advertisement

مقالات لبنان24

"حزب الله والموسيقى": حبّ من طرف واحد...ولكن!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
05-12-2016 | 09:39
A-
A+
Doc-P-238937-6367054617770445421280x960.jpg
Doc-P-238937-6367054617770445421280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
أكثر من أي وقت مضى، باتت قيادة "حزب الله" بأعلى مستوياتها، مطالبة بإعلان موقف واضح وصريح حيال ما جرى مؤخراً في كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية. لم يعد من الحنكة التعتيم على مثل هذه القضايا المتكررة أو تجاهلها لتخمد من تلقاء نفسها بعد أيام من "عواصف" ميدانية وافتراضية. تترك "نيران" هذه الحوادث رماداً في القلوب يصعب محوه. وتترك أيضاً صورة الحزب رمادية الألوان، تبعث إلى الخوف. لا يمكن الحزب الذي يقول بأنه داعمٌ للدولة والذي يحارب الإرهاب والتكفير (على رغم اعتراض قسم كبير من اللبنانيين والأحزاب السياسية على تدخله في الحرب السورية)، أن يسمح لأي من مؤيديه ومناصريه وأعضائه، "باستنساخ" الفكر المتطرف وتطبيقه وتعميمه. هذا ما يقوله المنطق. والحال أن الجامعة اللبنانية صرحاً رسمياً عاماً، تحتكم إلى قانون ينظم عملها ويتقدم بطبيعة الحال على أي قرار حزبي أو إداريّ، فبأي حق ومنطق و"تكليف" يمنع شباب من التعبئة التربوية للحزب طلاب آخرين من إحياء ذكرى زميل لهم في الكلية "فيصادرون" صوت الموسيقى بحجة أنهم لا يسمعون الأغاني؟! لا يبدو "حزب الله" راضياً عن هذا السلوك بدليل بعض المواقف الصادرة من هنا وهناك على ألسنة "جماعته". ليس الأمر دفاعاً عن السيدة فيروز، أو "أيقونة" لبنان كما تُلقّب، ولا عن السيدة جوليا بطرس التي كرّست بعضاً من صوتها ووقتها و"مكتبتها" الفنية للتغني بجمهور حزب الله ولتكريم "أشرف الناس"، "سيّد" المقاومة. صودف أن الطالب الذي كانت "الاحتفالية" مخصصة لذكراه بعد أن حصد روحه حادث سير، يحبّ فيروز. القضية إذاً لا تتعلق بشخص هذه أو تلك، بل ببثّ الأغاني عموماً، وهو أمر بنظر شباب مجلس طلاب الفرع محرّم عقائدياً. وقصة حزب الله مع الفنون والموسيقى والغناء بشكل أدقّ، فيها من الالتباس بقدر ما تحمل من الوضوح والصراحة. كان الإمام الخميني قد حرّم الغناء إذا كان بالشكل المتعارف في مجالس اللهو والعصيان، لكنّ موقفه هذا تغيّر مع الأيام فتحوّل من التحريم التام إلى جواز الاستماع للموسيقى ذات المضمون الجيّد. ومنذ صعود المقاومة الإسلامية في لبنان في الثمانينات وحتى يومنا هذا، طرأت تغييرات ملحوظة على علاقتها بعالم اللحن والكلمات. راهناً، يملك الحزب كادراً فنيّاً كبيراً وفرقاَ إنشادية ، بالإضافة إلى استمرار عمل "الجمعية اللبنانية للفنون – رسالات" (لم ينشئها حزب الله بنفسه) والتي يتمّ التعريف عنها (بحسب موقعها الالكتروني) وفق التالي:" في رسالات نؤمن، بأن الفنون هي الآن أبلغ اللغات تعبيرا، وأكثرها فعالية في الاتصال والتواصل. نعمل منذ العام 2007 في مجال الثقافة، ونستخدم الفنون في تحسين نمط الحياة في مجتمع المقاومة، من خلال الأبحاث والتدريب والإنتاج والأنشطة". تلتزم الجمعية طبعاً بالفنّ الملتزم دينياً وبخدمة قضية المقاومة وتعميم قيم الثورة الإسلامية، حالها حال قناة المنار التابعة رسمياً لحزب الله والتي تغيب عنها البرامج الفنية وتقتصر الأغاني المصوّرة على النوع الحزبي والوطني، بالإضافة إلى الأناشيد. القناة الحائزة ترخيص وسيلة إعلامية دينية تمتنع أيضاً عن عرض أغاني جوليا الموّجهة إلى المقاومة وأهلها، لكنها تقدم وتعرض سهرة زجلية بمناسبة عيد المقاومة والتحرير! في مطلق الأحوال، يملك الحزب ومؤسساته الإعلامية الحرية المطلقة في اختيار ما يُعرض وما لا يُعرض حتى لو كان هذا الخيار استنسابياً أو لنقل غير مفهوم بالنسبة إلى شريحة كبيرة من اللبنانيين، وربما جمهور المقاومة. ما هو المقبول وما هو المحرّم؟ يبدو من الأجدى الابتعاد عن الغوص في تفاصيل هذه القضية التي يلعب فيها الدين دوراً اساسياً، وذلك انطلاقاً من مبدأ احترام الآخر وليس تخوّفاً من خوض نقاش دينيّ موضوعيّ. ثمة خلاصة قد تكون الأكثر ملاءمة في هذا الواقع الراهن حيث يجمع "حزب الله" بين الحزب الديني العقائدي، والمقاومة الشعبية، والحزب السياسي الذي يشارك أعضاؤه في البرلمان والحكومة في مختلف المناسبات الاجتماعية، وأحياناً الفنية، وهي أن حزب الله يسمح لمن يحبّه التعبير عن ذلك بالموسيقى والغناء والعزف (وهذا ما ينطبق على أغاني جوليا)، لكنه لا يبادل هذا "الحبّ" إلا بطريقته الخاصة وقناعاته. على سبيل المثال لا الحصر، يقيم الحزب حفلا موسيقيا ميلاديا حياً في قاعة البطريرك الياس الحويك في ثانوية القديس يوسف في جبيل (في العام 2011)، بعنوان "ميلاد الروح" وتقدمه الفرقة الموسيقية المركزية قسم النحاسيات التابعة له! على هذا النحو، لا يخصّ أحداً أن يعارض حزب الله أو غيره من الأحزاب والجماعات في المعتقد والإيمان وتطبيقهما طالما أن الأمر ليس مفروضاً على الآخرين، وعلى وجه الخصوص على مؤسسات الدولة وإداراتها الرسمية....ولا حتى على النطاق الجغرافي المجتمعي. لعلّ هذا هو الموقف المنتظر من حزب الله، لا سيّما وأن هذه "الحادثة" ليست الأولى من نوعها، إن في الجامعة اللبنانية أو في سواها من المرافق والمؤسسات. الأهم من كل ذلك، صدور موقف واضح عن الدولة اللبنانية وعن وزارة التربية تحديداً يُترجم بأداء فعليّ يوقف النشاز الحاصل في الجامعة اللبنانية، أكان من تأدية وغناء بعض الشبان الذين يرفعون راية حزب الله أو من توقيع "فانزات" فيديل كاسترو!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك