Advertisement

مقالات لبنان24

أين سيصل التنافس الروسيّ – الأميركيّ على القواعد العسكريّة في سوريا والعراق؟

جمال دملج

|
Lebanon 24
17-01-2017 | 12:03
A-
A+
Doc-P-258216-6367055034105427051280x960.jpg
Doc-P-258216-6367055034105427051280x960.jpg photos 0
PGB-258216-6367055034110632031280x960.jpg
PGB-258216-6367055034110632031280x960.jpg Photos
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
على رغم كافّة المؤشّرات التي تدلّ على اقتراب موعد فتح صفحةٍ جديدةٍ من العلاقات الأكثر تناغمًا بين واشنطن وموسكو لدى تسلّم الرئيس دونالد ترامب مهامّ منصبه الجديد في البيت الأبيض نهار الجمعة المقبل، فإنّ السباق التنافسيّ بين الجانبين في مضمار توفير الشروط اللازمة للمحافظة على مصالحهما الحيويّة، حيثما تقتضي الحاجة ذلك، ما زال جاريًا على قدمٍ وساق، الأمر الذي كان قد تجلّى في مطلع الأسبوع الحاليّ من خلال التسريبات التي تحدّثت عن أنّ الولايات المتّحدة تعتزم الإسراع في إقامةِ ثلاثِ قواعدَ عسكريّةٍ دائمةٍ فوق الأراضي العراقيّة، وذلك ردًّا على خطط روسيا المتعلّقة بتطوير وتوسيع قواعدها الجوّيّة والبحريّة فوق الأراضي السوريّة، ولا سيّما بعدما تأكّد بشكلٍ قاطعٍ أنّ إدارة الرئيس فلاديمير بوتين عازمةٌ على البقاء إلى أمدٍ طويلٍ في منطقة الشرق الأوسط، بما يشكّل تتويجًا للإنجازات الميدانيّة التي حقّقتها في حربها على الإرهاب منذ الثلاثين من شهر أيلول عام 2015 ولغاية يومنا الراهن. وإذا كانت مسألة البقاء طويلًا في المياه الدافئة تقف على رأس الأسباب التي دفعت موسكو مؤخّرًا على الشروع في فتح مدرّجِ طيرانٍ ثانٍ في قاعدة حميميم الجوّيّة قرب مدينة اللاذقيّة، وكذلك في وضع اللمسات الأخيرة على مشروع تطوير قاعدة مدينة طرطوس البحريّة لتكون قادرةً على استقبال الطرّادات وغيرها من السفن العسكريّة الكبيرة الحجم، فإنّ الأسباب التي استوجبت الإسراع في اتّخاذ الخطوة الأميركيّة في العراق، لا تتوقّف عند حدّ إقامة نوعٍ من التوازن الاستراتيجيّ مع الرغبات الروسيّة وحسب، بل تأخذ في الاعتبار أيضًا ما بات يُعرف في قواميس صنّاع القرار في الولايات المتّحدة باستحالة إعادة الحليف التركيّ السابق إلى الفضاء الأطلسيّ – الغربيّ، وفقًا لما كان الحال عليه خلال المرحلة التي سبقت المحاولة الانقلابيّة الفاشلة ضدّ الرئيس رجب طيّب أردوغان في الخامس عشر من شهر تمّوز عام 2016، الأمر الذي لا بدّ من أن يضع إمكانيّة ضمان استمرار قيام سلاح الجوّ الأميركيّ باستخدام قاعدة إنجرليك التركيّة في المستقبل على المحكّ، ولا سيّما بعدما وصل التوتّر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن إلى ذروته في أعقاب ما أُشيع عن ملاذٍ آمنٍ يوفّره الأميركيّون للداعية الإسلاميّ المخطِّط للمحاولة الانقلابيّة فتح الله غولن، علاوةً على أنّ الارتصاف الجديد الذي أفرزته مجريات الحرب السوريّة على المحور الروسيّ – الإيرانيّ – التركيّ، أظهر بدوره أنّ إدارة الرئيس أردوغان حسمت خيارها بشكلٍ نهائيٍّ، وإلى غير رجعةٍ، في مجال الابتعاد عن الفضاء الأطلسيّ – الغربيّ، لصالح الاقتراب من فضاءات شركائها الإقليميّين والدوليّين الجدد في كلٍّ من موسكو وطهران. جمهوريّة مقابل قاعدة! لا شكّ في أنّ أهميّة القواعد العسكريّة كانت قد برزت في الحسابات الاستراتيجيّة الأميركيّة الخاصّة بمنطقة الشرق الأوسط في مطلع عقد الثمانينيّات من القرن العشرين، وتحديدًا في أعقاب عمليّة تفجير مقرّ قوّات المارينز في بيروت التي أودت بحياة مئتين وواحدٍ وأربعينَ جنديًّا يوم الثالث والعشرين من شهر تشرين الأوّل عام 1983، ولا سيّما إذا أعدنا إلى الذاكرة أنّ العبرة الأساسيّة التي استقاها الأميركيّون من فشل تجربة تدخّلهم العسكريّ في لبنان في إطار القوّات المتعدِّدة الجنسيّات، كانت قد تمثّلت في عدم وجود قواعدَ خلفيّة تحمي ظهورهم، على غرار ما كان متوفّرًا للبريطانيّين وقتذاك من خلال قاعدتيْ "أكروتيري" و"ذيكيليا" في جزيرة قبرص، الأمر الذي جعل مشاركة بريطانيا في هذه القوّات تقتصر على مئةِ جنديٍّ فقط يتواجدون فوق الأراضي اللبنانيّة، وبشكلٍ فاق في فعاليّته عمليًّا ما أثبتته نتائج المشاركة الأميركيّة المكثَّفة التي قُدِّرت بآلاف الجنود. على هذا الأساس، ونظرًا لأنّ الولايات المتّحدة كانت تدرك مسبقًا استحالة موافقة القبارصة اليونانيّين على السماح لهم باستخدام القاعدتين البريطانيّتين في جنوب الجزيرة، وخصوصًا في ظلّ وجود إدارة الرئيس سبيروس كبريانو المدعومة أصلًا من الحزب الشيوعيّ القبرصيّ (أكيل) الذي يُعتبَر من أكبر الأحزاب من حيث قاعدته الجماهيريّة، فقد قرّرت التحرّك سريعًا صوب الشطر الشماليّ من الجزيرة، حيث أوفدت فريقًا من الخبراء العسكريّين والأمنيّين للاجتماع مع المسؤولين هناك، وعلى رأسهم زعيم القبارصة الأتراك في حينه رؤوف دنكتاش، قبل أن يتم الإعلان عن استقلال ذلك الشطر من جانبٍ واحدٍ في إطار ما اتُّفق على تسميته منذ يوم الخامس عشر من شهر تشرين الثاني عام 1983، أي بعد مرور ثلاثةِ أسابيعَ فقط على تفجير مقرّ المارينز في بيروت، بـ "جمهوريّة شمال قبرص التركيّة"، وذلك بالتزامن مع وصول سفنِ شحنٍ أميركيّةٍ عملاقةٍ إلى ميناء مدينة "كيرينيا"، حاملةً على متنها المعدّات اللازمة لبناء القاعدة المطلوبة قرب مدينة "ليفكونيكو"، بما في ذلك مدرّج طوله أربعة أميالٍ لاستيعاب طائرات النقل العسكريّ الضخمة، الأمر الذي كاد أن يتحقّق بالفعل لولا دخول موسكو السوفييتيّة على الخطّ، بعدما لوّحت بعصا الانسحاب من اتّفاقٍ ضمنيٍّ كانت قد أبرمته مع واشنطن في إطار تحديد خرائط الحرب الباردة وخطوطها الحمراء بينهما عام 1974، وهو الاتّفاق الذي كان ينصّ على أن يلتزم الاتّحاد السوفييتيّ بعدم إيصال مرشّحٍ شيوعيٍّ كامل العضويّة في حزب (أكيل) إلى سدّة الرئاسة في الشطر اليونانيّ، مقابل التزام الولايات المتّحدة بعدم السماح لتركيا باجتياح كامل أراضي الجزيرة، والاكتفاء بمساحة الثمانية والثلاثين في المئة التي احتُلَّت في شهر آب من ذلك العام. وبحسب الراحل رؤوف دنكتاش الذي كنتُ قد التقيته لاحقًا في مناسباتٍ عدّة، فإنّ الصفقة التي حملها وفد الخبراء الأميركيّين خلال زيارتهم له عام 1983، كانت تقوم على أساس المبدأ القائل: "خذ جمهوريّة واعطنا قاعدة"، الأمر الذي اضطرّ إلى القبول به، ولا سيّما في ظلّ تجاهل العالمين العربيّ والإسلاميّ لعدالة القضيّة التي حمل لواءها طيلة حياته، وهشاشةِ الدعم المقدَّم له من المجتمع الدوليّ على هذا الصعيد، على حدّ تعبيره. إلى العراق دُر! وإذا كان تفكّك الاتّحاد السوفييتيّ عام 1991 قد طوى معه صفحة الاتّفاق الضمنيّ المذكور بين واشنطن وموسكو حول جزيرة قبرص، ما أفسح في المجال أمام الأميركيّين لاستخدام القاعدتين البريطانيّتين لاحقًا في مناسباتٍ عدّة، فإنّ قواعد اللعب الجديدة التي وضعها الرئيس فلاديمير بوتين في أعقاب تفعيل دور بلاده على الساحة الشرق أوسطيّة، سواءٌ من جهة ما سبق ذكره عن قاعدتيْ حميميم وطرطوس في سوريا، أم من جهة ما يتردّد عن اقتراب موعد إبرام اتّفاقٍ يقضي بإقامة قاعدةٍ روسيّةٍ جديدةٍ في الشطر اليونانيّ – الأوروبيّ من قبرص، كانت قواعدُ لعبٍ كافيةٌ على ما يبدو لكي تدفع الولايات المتّحدة إلى الإسراع في الإقدام على استدارتها في العراق إذا ما أرادت توفير شروط التوازن الاستراتيجيّ اللازم في علاقتها مع روسيا. وفي هذا السياق، فقد كشفت معلوماتٌ حديثةٌ عن أنّ القوّات الأميركيّة تعمل على تعزيز وجودها طويل الأمد في العراق من خلال إنشاء قواعدَ عسكريّةٍ كبيرةٍ في ثلاثة مواقع، الأوّل في "عين الأسد" غرب الأنبار، والثاني في "القيّارة" جنوب نينوى، والثالث يتراوح ما بين فكرة تحويل مطار أربيل في كردستان إلى قاعدةٍ جوّيّةٍ وما بين بناء قاعدةٍ بديلةٍ في منطقة "ربيعة" الحدوديّة مع سوريا. ووفقًا لتقاريرَ استخباراتيّةٍ متعدِّدة المصادر، فإنّ واشنطن تحاول في الوقت الراهن العودة بهدوءٍ إلى الساحة العراقيّة، بعدما كانت قد سحبت معظم قوّاتها من بلاد الرافدين عام 2011، ولا سيّما أنّ عدد العسكريّين الأميركيّين الذي يُقدَّر الآن بنحو عشرة آلاف جنديّ، كان قد ارتفع مجدَّدًا باضطرادٍ منذ بدء عمليّات قوّات التحالف الدوليّ ضدّ تنظيم "داعش" عام 2014. وإذا كانت هذه التقارير لا تُخفي أنّ أسباب هذه الاستدارة الأميركيّة تتمثّل بالدرجة الأولى في ضرورة العمل على توفير التوازن اللازم أمام الوجود الروسيّ المتنامي في سوريا المجاورة، وبالدرجة الثانية في تأمين بديلٍ لقاعدة إنجرليك التركيّة، فإنّ ذلك لا بدّ من أن يعني أنّ التكهّن بشأن علاقاتٍ مستقبليّةٍ أفضل ممّا كانت عليه في الماضي بين موسكو وواشنطن لا يزال سابقًا جدًّا لأوانه، بينما سيبقى باب الاحتمالات بشأن المسار الذي سيُحدِّد طبيعة هذه العلاقات مفتوحًا على مصراعيه.. وما على المتابعين سوى الترقّب والانتظار!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك