Advertisement

مقالات لبنان24

إيران تخاطب السعوديّة بالودّ.. لكي تسمَع روسيا!

جمال دملج

|
Lebanon 24
19-01-2017 | 10:20
A-
A+
Doc-P-259168-6367055040076846131280x960.jpg
Doc-P-259168-6367055040076846131280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يكد الرئيس الإيرانيّ حسن روحاني ينتهي من إرسال أُولى إشارات الودّ إلى المملكة العربيّة السعوديّة بشأن استعداد بلاده للتعاون مع الرياض في مجال حلّ أزمات دول الإقليم، وعلى رأسها بالطبع سوريا واليمن والبحرين، حتّى سارع وزير خارجيّته محمد جواد ظريف إلى متابعة التغريد داخل سرب الودّ نفسه، وذلك في إطار مبادرةٍ جريئةٍ، وإنْ كانت تعكس في ظاهرها بشائرَ إيجابيّةً لطالما انتظرها الحكماء التوّاقون إليها بشغفٍ بعد عقودٍ طويلةٍ من الصراعات الدامية التي خاضها البلدان ضدّ بعضهما البعض، سواءٌ بشكلٍ مباشِرٍ أم عن طريق الحروب بالوكالة، إلّا أنّ معظم الخبراء والمراقبين سرعان ما أدرجوها في خانة المناورات الديبلوماسيّة الظرفيّة وغير المؤهّلة للاستمرار، ولا سيّما أنّ لغة التخاطب المستخدَمةَ للتعبير عنها، جاءت من دون أيّ مقدِّماتٍ تمهيديّةٍ، أي على شاكلةِ انعطافةٍ مفاجئةٍ ومثيرةٍ للتساؤلات، علاوةً على أنّها بدت منذ الوهلة الأولى وكأنّها ليست أكثر أو أقلّ من ردّ فعلٍ غاضبٍ استهدف التعبير عن امتعاض الجمهوريّة الإسلاميّة حيال تهميش دورها على الساحة السوريّة، بقدرة القادر الروسيّ، وبالتعاون مع حليفه التركيّ الجديد الذي ما زالت المؤشّرات تدلّ يومًا بعد يومٍ على أنّه حسم أمره بشكلٍ نهائيٍّ في مجال العمل على توطيد العلاقات الثنائيّة وتفعيلها بين أنقرة وموسكو. وإذا كان التباين في وجهات النظر الروسيّة والإيرانيّة حيال الملفّ السوريّ قد بقي حتّى الأمس القريب محصورًا ضمن نطاقٍ ضيّقٍ لم يسبق أن تجاوز حدّ الإشارات والتلميحات الخجولة بين الطرفين في مناسباتٍ محدودةٍ، فإنّ فحوى الرسالة التي وجّهها وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لافروف إلى إيران يوم أوّل من أمس الثلاثاء، والتي جاء فيها أنّ التدخّل الروسيّ هو الذي حال دون "السقوط المؤكّد" للعاصمة السوريّة دمشق في أيدي المجموعات الإرهابيّة المسلّحة، حمل من الدلالات ما يكفي للتأكيد على أنّ التباين بين البلدين وصل إلى حدّ الاختلاف، ولا سيّما أنّ الوزير لافروف كان يردّ على الشروط التي وضعتها طهران أمام توجيه دعوةٍ إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة للمشاركة في المفاوضات الخاصّة بالأزمة السوريّة المقرَّر إطلاقها في العاصمة الكازاخيّة أستانة نهار الاثنين المقبل، قبل أن يغمز من القناة القائلة بأنّ وجود المستشارين الإيرانيّين والآلاف من عناصر الميليشيات المرتبطة بهم لم تكن له أيّ قيمةٍ لولا بدء التدخّل الحاسم للقوّات الروسيّة في سوريا يوم الثلاثين من شهر أيلول عام 2015. هذا الردّ المدوّي الذي جاء قبل يومٍ واحدٍ من قيام موسكو بالقفز فوق الاعتراضات الإيرانيّة عن طريق توجيه الدعوة فعلًا إلى الولايات المتّحدة للمشاركة في مفاوضات أستانة المرتقبة، رأى متابعون للشأن السوريّ أنّه استهدف تذكير طهران وقيادة حزب الله وإدارة الرئيس بشّار الأسد بأنّه لولا روسيا، لكان المشهد في سوريا مختلفًا الآن، الأمر الذي يحتّم عليهم الاعتراف بالوقائع الميدانيّة القائمة حاليًّا على الأرض، وخصوصًا من جهةِ أنّ الضمانة الروسيّة لالتزام القوّات النظاميّة السوريّة باتّفاق وقف إطلاق النار الحاليّ، بالتناسق مع الضمانة التركيّة لالتزام فصائل المعارضة (غير الإرهابيّة) بالاتّفاق نفسه، هي التي تشكّل حجر الأساس لإنجاح الشقّ العسكريّ من مفاوضات نهار الاثنين المقبل، ولا سيّما أنّ روسيا كانت قد تلقّت خلال الأيّام القليلة الماضية أكثر من إشارةٍ توحي بأنّ الإيرانيّين والقوى العسكريّة المتحالفة معهم على الساحة السوريّة، يعتزمون تعطيل مسار تلك المفاوضات عن طريق وضع "عراقيلَ ميدانيّةٍ" لدفع فصائل المعارضة المسلّحة على عدم المشاركة فيها. ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه في ضوء كلّ ما تقدّم هو: هل يمكن يا ترى إضفاء صبغة الجدّيّة على الرسائل الودّيّة الأخيرة التي وجّهها الإيرانيّون للسعوديّين بخصوص التعاون في مجال حلّ أزمات دول الإقليم، أم إنّ المسألة برمتّها لا تعدو عن كونها مجرّد مناورةٍ تستهدف طهران من ورائها تطويق خلافاتها الحاليّة مع موسكو في ظلّ تهميش دورها على الساحة السوريّة، وكذلك ردع خلافاتها المرتقبة مع واشنطن في ضوء وصول الرئيس الأميركيّ الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟ أغلب الظنّ أنّ الإجابة لا بدّ من أن تتضمّن القليل من هذا وذاك على حدٍّ سواء، وخصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار أنّ تصريحات كلٍّ من الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيّته محمد جواد ظريف، أوحت بأنّها جاءت استكمالًا لما كان أمين المجلس الأعلى للأمن القوميّ الإيرانيّ علي شمخاني قد عبّر عنه مؤخّرًا بشأن حرص بلاده على منع محاولات إسقاط الأسرة السعوديّة الحاكمة، الأمر الذي يشي بأنّ هذه المواقف مجتمِعةً تندرج ضمن خيارٍ استراتيجيٍّ مدروسٍ في طهران، ولا سيّما أنّ شمخاني هو أحد المقرّبين من المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة علي خامنئي وكذلك من القياديّ في الحرس الثوريّ قاسم سليماني. على هذا الأساس، يصبح في الإمكان التسليم جدلًا بأنّ إيران جادّةٌ فعلًا في إيصال إيحاءاتها الجريئة إلى من يهمّه الأمر في دول مجلس التعاون الخليجيّ، علمًا أنّ الفتور الذي طغى على المشهد العامّ في دول المجلس حيال هذه الإيحاءات، لا يزال يحِدّ لغاية الآن من إمكانيّة فتح نافذةٍ للتأمّل في مستقبلٍ مشرقٍ للعلاقات الإيرانيّة – الخليجيّة على المدى المنظور، وبالتالي، فإنّه لا يزال يحُول أيضًا دون الإسراف في التفاؤل بإمكانيّة خروجها عن نطاق التكتيكات الديبلوماسيّة الظرفيّة ذات الآماد الزمنيّة المحدودة. أمّا بالنسبة إلى ما يتعلّق بالخلافات أو بالاختلافات الروسيّة – الإيرانيّة الراهنة، فإنّ الشواهد التاريخيّة غالبًا ما كانت تدلّ على قدرة البلدين الفائقة في مجال استيعاب الأزمات المستجِدّة بينهما وتجاوزها، حيث السياسة بقيت دائمًا فنّ الممكن.. والممكن هنا لا بدّ من أن يُبنى على المصالح.. والمصالح بين موسكو وطهران لم يحدُث أن بُنيت في السابق على حسابِ دمٍ يُسفَك من هنا أو هناك، حتّى ولو كره الكارهون.. وربّما كان القليل من "الممكن" في هذه الأيّام كافيًا، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، لكي يُنعش "قلب" البلدين!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك