Advertisement

لبنان

اعتراف وهاب في "هيدا حكي" يثير الجدل.. الـ Whataboutism في أقسى تراجيكوميديته!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
21-01-2017 | 04:13
A-
A+
Doc-P-259944-6367055044971333751280x960.jpg
Doc-P-259944-6367055044971333751280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
حينما يسود "الشواذ" ويتفشى مثل ورم خبيث، يصبح من الصعوبة في مكان ما رصده كونه تحوّل، بحكم الحصول والتكرار، أمراً طبيعياً، عادياً وصحيحاً. يفقد كثيرون القدرة على التمييز بين الصحّ والخطأ. تُصبح القوانين وجهة نظر، فتتوّسع رقعة الفوضى. مثال: يستضيف مقدم برنامج "هيدا حكي" الوزير السابق وئام وهاب، طارحاً عليه جملة أسئلة "غير خيالية" وجديّة، وإن كان طابع البرنامج كوميدياً. في السياق، يمازح عادل كرم ضيفه قائلاً:"قديش بتقبض من "حزب الله" وايران؟...أو ما رح اسألك ياهن، بلاهن، خلص". يسارع وهاب مجيباً: "كافييني!"، ويرفع يده كمن يسعى إلى وضع نقطة على السطر في هذا الموضوع. يتابع: " ما عندي مشكلة اني جاوب، "حزب الله" وايران بساعدوك، بيتصرفوا معك كأنك انت عم تساعدن...هيدي الكِبر! مش مثل غيرو بدو يحطك شحاد عندو تشحد". يحاول كرم المضي في الحوار فيعاتبه وهاب:"هاي ما زقفت عليها". طبعاً، لا يتردد المحاوِر في تلبية رغبة الوزير فيومئ للجمهور كي يعلو التصفيق:"عن جدّ هيدي بدا زقفة...حدا بيتجرأ يقولا هيدي غيرك؟". يعلو التصفيق مجدداً! يمرّ "المشهد" في البرنامج "الممنتج" مرور الكرام. لا مشكلة في إبقائه أصلاً، فكلّ شخص مسؤول عن كلامه. المشكلة تكمن في مكانين آخرين، بل في أكثر من مكان، وهذا ما دفع بالمخرج السينمائي لوسيان بو رجيلي، والذي نجح دون سواه في "رصد" الشواذ، إلى نشر تعليق مرفق بفيديو عبر صفحته على "فيسبوك" قائلاً:" من كم يوم، وزير سابق بيعترف (بعضمة لسانه) إنّو "موظف" لدولة أجنبية و"بيقبض منها" عالتلفزيون ومقدم البرنامج بزقفلو.. وبيجبر الجمهور يزقف كمان". هذا التعليق الذي أعادت صفحة Stop cultural terrorism in Lebanon نشره، أثار موجة من الأخذ والردّ، لتنهال تعليقات اللبنانيين المتباينة، والتي تستدعي فعلاً التوّقف عندها مطوّلاً في إطار السعي لرصد الواقع ولتحسس بعض أوجه المشكلة الحقيقية. ابو رجيلي في حديث لـ "لبنان24" يشرح بو رجيلي أنّ أمرين استفزانه ودفعانه إلى تسليط الضوء على ما تخلله الحوار في البرنامج. الأول يتعلق طبعاً باعتراف وهاب بتلقيه أموالاً من الخارج، وهو ما يعدّ خروجاً فاضحاً عن القانون لا سيّما في غياب أي توضيح بشأن ماهيّة هذه الأموال وما سوف يكون "ثمنها"، أما الأمر الثاني فيتعلق بكيفية تناول هذه القضية من قبل مقدم البرنامج ومن ثمّ تفاعله مع "الاعتراف". يؤكد بو رجيلي أن نشره هذا "البوست" لا يستهدف الوزير وهاب كشخص، بل "إنه يجسّد حال جميع السياسيين في لبنان، ويعدّ مثالاً واضحاً يلخص كل ما يحدث. كيف لهؤلاء الذين يُفترض أن يكونوا موّظفين لدى الشعب أن يعملوا لمصلحة الوطن أولاً وآخراً طالما انهم يتلقون تمويلاً من دول أجنبية؟! وتالياً، كيف لشعب أن يواجههم في ظلّ هذه المنافسة غير العادلة؟! ولماذا لا ولم يتحرّك القضاء للتحقيق في هذه القضية التي تخالف كلّ القوانين والمنطق؟!" ما هو "أتعس" من ذلك كلّه، بحسب بو رجيلي، تحويل هذا الأمر الخطير مجرد مزحة أو نكتة! لا يوافق المخرج السينمائي على محاولة وضع هذا الاعتراف في إطار كوميدي يطبع البرنامج، كما سعى البعض الى الترويج، بل يؤكد أن الأسئلة كما الإجابات التي تضمنها الحوار كانت جديّة ونابعة من حقائق وواقع. البرنامج أصلاً ليس من نوع الـ Fiction بمعنى انه لا يبتدع "اسكتشات" تمثيلية، ولذلك استفزته كثيراً طريقة طرح السؤال ومن ثمّ دعوة الجمهور الى التصفيق، علماً بأن هذا الأخير لم يتفاعل في بداية الأمر ايجاباً مع ما سمعه، في دلالة واضحة على عدم موافقته. ويضيف بو رجيلي:" أصلاً، هذه ليست المرّة الأولى التي يعترف فيها وهاب بهذا الأمر (وهذا ما تمظهر في طريقة طرح السؤال من قبل كرم)، وقبله فعل آخرون ومن ضمنهم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أقرّ من على منبر كلام الناس (أيار ٢٠١٦) بتبعية تياره السياسي للقرارات السعودية". هكذا، وإذ أضحت السيادة الوطنية "نكتة" يُنتظر أن تُضحك الرأي العام، فلا عجب في أن تتباين آراء المواطنين حولها، وعليه، انقسمت تعليقات المواطنين بين مؤيد ومدافع! ولعلّ هذا الأمر يوازي بل يتخطى بخطورته إقرار سياسي بتلقيه الأموال من الخارج، اذ يتضح أن القوانين باتت وجهة نظر، بل هي على الأرجح مجهولة المضمون عند شريحة من المواطنين. قد لا تكون وسائل التواصل الاجتماعي مرآة تعكس حقيقة المجتمع، لكنها على الأقلّ تكشف عن جزء كبير من هذه الحقيقة، وتحديداً لظاهرة تبرير الخطأ بالخطأ أو لظاهرة تلقف الأمور بقشورها وسطحياتها. فمن ضمن التعليقات التي وردت، ثمة من حاول الدفاع عن اعتراف الوزير بذريعة أن جميع السياسيين في لبنان يتلقون أيضاً أموالاً من الخارج. يقول بو رجيلي:"هذا نوعٌ من البروباغندا استخدم في أثناء الحرب الباردة ويُعرّف عنه بالـ Whataboutism"، معتقداً أن سبب شيوعه في لبنان يعود إلى تراكم الأخطاء عاماً بعد عام، ولا سيّما اثر صدور عفو عام عن المشاركين في جرائم الحرب:"حينما "ينكسر" العدل يصبح كل شيء مباحاً! النقطة الثانية هي استعداد قسم من اللبنانيين إلى اصدار عفو عام عن كلّ "مرتكب" بمجرد اعترافه بالأمر. فقد كُتب ما مفاده "انو الوزير على القليلة اعترف، غيرو لأ". عملياً، يقود الاعتراف بارتكاب "خطأ" ما، أو "جرم" ما، إلى نقطة المحاكمة، فإما تكون براءة أو اتهام فمحاسبة، لكن طبعاً ليس تصفيقاً وامتناناً! في إطار آخر، يبدو من الملحّ التذكير بكيل الاتهامات الذي اُسقط على الحراك المدني أثناء مواجهته قضية الفساد في إدارة النفايات والتي وُضعت في أفواه اللبنانيين، اذ اتهم بتلقيه أموالاً من دول أجنبية مقابل التظاهر في ساحات بيروت! يقول بو رجيلي: "الإناء ينضح بما فيه...تمّ تلفيق اتهامات باطلة بحق "الحراك"، وها نحن اليوم نشاهد أحد السياسيين يجاهر بتلقيه تمويلاً خارجياً...فأي معايير مزدوجة هذه، وأي منطق؟! قد يرى البعض أن إثارة هذا الموضوع بالشكل هذا، مبالغ به. إلا أن التغيير نحو الأفضل يبدأ عملياً من هذه "التفاصيل" التي تمرّ مرور الكرام، على أهميتها وخطورتها. الخطورة في التبجح بتلقي المساعدات من الخارج او الارتهان له، أفراداً ومؤسسات وحكومات وأحزابا. الخطورة في تقبل هذا الأمر والاعتياد عليه. الخطورة في الـ whataboutism التي قد تقود الأفراد الى الخطف لأن ثمة من خطف، أو القتل لأن ثمة من نحر، أو التسلّح لأن ثمة من يحمل سلاحاً، أو انتهاك القوانين كلّها لأنها مجرد نكتة تُسيّل دموع الفرح!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك