Advertisement

مقالات لبنان24

مؤتمر أستانة.. وملامح التسويات المرتقبة في عالمٍ متعدّدِ الأقطاب!

جمال دملج

|
Lebanon 24
22-01-2017 | 11:33
A-
A+
Doc-P-260521-6367055049459732471280x960.jpg
Doc-P-260521-6367055049459732471280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يكن من قبيل الصدفة أن تقرّر الولايات المتّحدة الأميركيّة حصر تمثيلها في فعاليّات مؤتمر أستانة المزمع إطلاقه حول سوريا نهار غدٍ الاثنين في إطار مشاركة سفيرها في كازاخستان جورج كرول فقط، ولا سيّما أنّ الرئيس دونالد ترامب الذي دخل لتوّه إلى البيت الأبيض، يدرك جيّدًا أنّ الرابحيْن في جولات القتال الميدانيّة الأخيرة على الساحة السوريّة وحدهما، أي روسيا وتركيا، هما اللذين سيشكّلان هذه المرّة قوّةَ دفعٍ للمفاوضات وإبرةَ بوصلةٍ لها في آنٍ معًا، تمامًا مثلما يدرك أيضًا أنّ موقف بلاده في مجال التعاطي مع الأزمات الدوليّة والإقليميّة، لم يكن ليقدَّر له أن يصل إلى هذه الدرجة المزرية، لولا السياسات البهلوانيّة التي انتهجها سلفه باراك أوباما في أماكنَ مختلفةٍ من العالم، وخصوصًا على صعيد العلاقات الثنائيّة التي وصلت خلال عهده بين واشنطن وموسكو إلى ذروة التوتّر. على هذا الأساس، يمكن القول إنّ المؤشّر الأوّل على صحّة التقديرات القائلة بأنّ الإدارة الأميركيّة الجديدة تعتزم إعادة جدولة قائمة أولويّات سياساتها الخارجيّة قد أوشك على الظهور بالفعل داخل أروقة مؤتمر أستانة غدًا، الأمر الذي من شأنه أن يعزّز بالتالي فرص إدارة الرئيس فلاديمير بوتين في مجال تسلّم زمام القيادة على الساحة الشرق أوسطيّة بسهولةٍ أكثر من أيّ وقتٍ مضى، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ الخطوة الروسيّة الأولى على هذا الطريق، وإنْ كانت قد حملت طابعًا عسكريًّا بحتًا في أعقاب بدء الحرب على الإرهاب في سوريا يوم الثلاثين من شهر أيلول عام 2015، إلّا أنّ الخبراء متّفقون على أنّ أجندة موسكو ستكون حافلةً في المستقبل القريب، ومن دون أدنى شكّ، بالكثير من المبادرات الديبلوماسيّة التي يُتوقَّع تفعيلها بديناميّةٍ جديدةٍ ضمن إطار الارتصاف القائم حاليًّا على المحور الروسيّ – التركيّ – الإسرائيليّ، بما من شأنه أن يؤدّي في نهاية المطاف إلى إيجاد تسويةٍ شاملةٍ، لطالما طال انتظارها خلال العهود البهلوانيّة الأميركيّة السابقة، لأزمة الشرق الأوسط. وإذا كان اثنان لا يختلفان على أنّ مثل هذه التسوية لا يمكن أن تتحقّق من دون مشاركةٍ أميركيّةٍ فعّالةٍ فيها، فإنّ التسريبات التي تتحدّث عن وجود اتّفاقٍ جاهزٍ حول خطوطها العريضة بين الرئيسين بوتين وترامب، تجعل من الممكن التكهّن بأنّ هذه الخطوط العريضة لا بدّ من أن يصار إلى وضعها في قالبها النهائيّ لدى انتهاء إدارة البيت الأبيض الجديدة من ترتيب شؤونها الداخليّة في ضوء حركة الاحتجاجات التي يشهدها الشارع الأميركيّ حاليًّا، وكذلك لدى انتهاء إدارة الكرملين من شرعنة الوضع العسكريّ الذي فرضته مع الشريك التركيّ على الأرض السوريّة في ضوء النتائج العمليّة التي ستتمخّض عن مؤتمر أستانة خلال اليومين المقبلين، الأمر الذي يفسّر أسباب التوتّر الذي طرأ في الآونة الأخيرة على خطوط التواصل التقليديّة بين طهران وموسكو، وهو التوتّر الذي يبدو أنّه لم ينجم في الأساس عن إصرار الروس على دعوة الأميركيّين للمشاركة في مؤتمر أستانة خلافًا لرغبة الإيرانيّين وحسب، وإنّما لأنّ قادة الجمهوريّة الإسلاميّة بدأوا باستشعار الخطر مسبقًا حيال محاولات تهميش دورهم ومصالحهم في إطار التسويات المرتقبة، سواءٌ في سوريا أم على مستوى منطقة الشرق الأوسط برمّتها، ولا سيّما أنّهم ما زالوا ينظرون بارتيابٍ إلى مواصلة روسيا التزام الصمت حيال ما أعلنه الرئيس ترامب مرارًا أثناء حملته الانتخابيّة بشأن اعتزامه إعادة النظر بالاتّفاق النوويّ الإيراني، الأمر الذي من شأنه أن يعيد علاقاتهم مع الغرب إلى مربّع الصفر. علاوةً على ذلك، فإنّ الإيرانيّين يدركون أيضًا أنّ الرئيس بوتين، ومع تولّي الرئيس ترامب مهامّ منصبه رسميًّا، سيسعى اعتبارًا من الآن إلى تثبيت نموذجٍ جديدٍ للنفوذ في المنطقة، يقوم على مبدأ تفعيل الشراكة مع واشنطن، بالشكل الذي من شأنه الحيلولة دون تكرار سياسة استعراض العضلات التي انتهجها الغرب لدى الإطاحة بالرئيسين الراحلين العراقيّ صدام حسين والليبيّ معمر القذافي، ولا سيّما بعد وصول الديبلوماسيّة الروسيّة في الشرق الأوسط إلى المستوى الذي يؤهّل موسكو للقيام برسم معالم المشهد العامّ فيها بأكمله. وإذا كانت كافّة المعطيات الواردة من العاصمة الأميركيّة توحي إلى حدّ اليقين بأنّ الإدارة الجديدة عازمةٌ بدورها على تكريس مبدأ الشراكة مع موسكو، فإنّ هذا الأمر إنْ دلّ على شيء، فهو يدلّ على مدى صوابيّة ورسوخ الموقف التاريخيّ الشهير الذي كان الرئيس فلاديمير بوتين قد عبّر عنه لدى انتخابه للمرّة الأولى في شهر آذار عام 2000، وخصوصًا عندما قال: "إنّ روسيا الاتّحاديّة دولة ما زالت تمتلك الكثير من عناصر القوّة، وهي ترغب في استخدامها مع الآخرين، وليس ضدّهم، من أجل إقامة عالمٍ متعدِّد الأقطاب".. وممّا لا شكّ فيه هو أنّ الرئيس الروسيّ أوشك أكثر من أيّ وقتٍ مضى على أن يُقرن القول بالفعل.. وما مؤتمر أستانة غدًا إلّا البداية على هذا الطريق.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك