Advertisement

مقالات لبنان24

"المعارضة السوريّة" إلى موسكو.. وفكرة الكونفيديراليّة على مائدة بوتين!

جمال دملج

|
Lebanon 24
26-01-2017 | 10:12
A-
A+
Doc-P-262608-6367055062780190061280x960.jpg
Doc-P-262608-6367055062780190061280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تحبس الدول الإقليميّة المعنيّة بالملفّ السوريّ أنفاسها في انتظار معرفة نتائج اللقاء المقرّر إجراؤه في موسكو غدًا الجمعة بين وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لافروف ووفد "المعارضة السوريّة" المؤلّف من خمسٍ وعشرينَ مجموعةً سياسيّة وعسكريّة، وذلك على خلفيّة الاعتقاد السائد بأنّ أيّ إشارةٍ يمكن أن تصدر عن هذا اللقاء، سواءٌ كانت إيجابيّة أم سلبيّة، من شأنها أن تحدِّد مسبَقًا اتّجاه الرياح في الجولة القادمة من المفاوضات المرتقَبة في جنيف يوم الثامن من شهر شباط المقبل، وما إذا كانت هذه الرياح ستجري بما تشتهي سفن التسويات المطروحة أم بعكسها، ولا سيّما أنّ مؤتمر أستانة الذي أنهى أعماله أوّل من أمس الثلاثاء، وبغضّ النظر عن الادّعاءات الهادفة إلى إضفاء سمة الفشل عليه، وفقًا للمبدأ القائل بالباطل الذي يُراد به حقّ، كان قد نجح بامتيازٍ في توفير الأرضيّة الميدانيّة الأمثل لإعادة تحريك العمليّة السياسيّة بآليّاتٍ ومفاهيمَ جديدةٍ، وخصوصًا بعدما تمّت شرعنة الضمانة الروسيّة – التركيّة – الإيرانيّة لاتّفاق وقف إطلاق النار الذي رأى النور قبيل انتهاء العام المنصرم، بما يكفل تثبيته وصموده وديمومته، وهو الاتّفاق الذي حظي هذه المرّة بمباركةٍ لافتةٍ وجدّيّةٍ من منظّمة الأمم المتّحدة. وإذا كانت هذه التطوّرات قد عكست جوًّا من التفاؤل الحذِر في الأوساط الروسيّة بالنسبة إلى مستقبل الأوضاع على الساحة السوريّة خلال مرحلة ما بعد مفاوضات جنيف، فإنّ ترجمة هذا التفاؤل على أرض الواقع، سرعان ما تجلّت في الأيّام القليلة الماضية من خلال مواصلة موسكو عمليّة إتمام انسحابها الجزئيّ الذي كانت وزارة الدفاع قد أعلنت عنه يوم السادس من الشهر الحاليّ، ولا سيّما بعدما سجّلت دوائر حلف شماليّ الأطلسيّ عبور عدّة سفنٍ حربيّةٍ روسيّةٍ مضيق بحر المانش في طريق عودتها من سوريا إلى قاعدتها الأصليّة في مدينة سيفيرومورسك، الأمر الذي لا بدّ من أن يعكس بوضوحٍ حجم ثقة الرئيس فلاديمير بوتين، باعتباره القائد الأعلى للقوّات المسلّحة، بأنّ مجريات الحرب التي باشرت بلاده في شنّها على الإرهاب في الثلاثين من شهر أيلول عام 2015 تسير على ما يرام، علمًا أنّ ذلك لا يعني بالضرورة عدم إدراك القيادة الروسيّة لمكامن الخطر المحتمَلة التي ما زالت تهدّد مسار التسويات النهائيّة، وعلى رأسها مثلًا حالة الكرّ والفرّ الجنونيّة السائدة حاليًّا، كيفما اتُّفق، ومن دون أيّ ضوابط، على جبهات القتال المختلِفة في محافظة إدلب. اقتراح الكونفيديراليّة! لا شكّ في أنّ هذه الثقة القائمة بالتأكيد على أساس معطياتٍ سياسيّةٍ وعسكريّةٍ واستراتيجيّةٍ تملكها إدارة الرئيس بوتين، وعلى رغم كلّ ما يشوبها من حذَرٍ مبرَّرٍ في شتّى الحالات، كانت قد فتحت شهيّة عددٍ من الخبراء والأكاديميّين الروس على القيام بإعدادِ خططٍ وصياغةِ مقترحاتٍ تتعلّق بالأدوار المستقبليّة التي يمكن أن تلعبها موسكو على الساحة السوريّة، سواء إذا استجدّت أيّ مفاجآتٍ غيرِ متوقَّعةٍ على مسار الحرب على الإرهاب أم إذا انتهت هذه الحرب بتحقيق الأهداف المرجوّة منها، ومن بينها طرح فكرة إقامة اتّحادٍ كونفيديراليّ بين روسيا وسوريا، على غرار الاتّحاد القائم بينها وبين كلٍّ من جمهوريّتيْ أبخازيا وأوسيتيا الجنوبيّة، والذي كان الإعلان عنه قد تمّ في أعقاب انتهاء الحرب الجورجيّة عام 2008. وبحسب ما نشرته صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" في عددها الصادر نهار أمس الأربعاء،فإنّ مجموعة من الخبراء المنضويين تحت لواء ما يُعرف بـ "معهد التحليل السياسيّ للبنية التحتيّة"، اقترحوا على الرئيس بوتين أخذ فكرة الكونفيديراليّة بين الدولتين الروسيّة والسوريّة في الاعتبار، لما سينجم عنها من مردوداتٍ إيجابيّة تعود بالفائدة على الجانبين، وخصوصًا في مجال حماية المؤسّسات الشرعيّة في سوريا من مخاطر القضاء عليها إذا ما وجد الإرهابيّون الذين يتخفّون خلف ستار "المعارضة المعتدلة" الشجاعة الكافية للقيام بذلك، الأمر الذي سيصبح من المستحيل التفكير به في ظلّ وجود الكونفيديراليّة، نظرًا لأنّ أيّ اعتداءٍ على سوريا في هذه الحالة سيكون بمثابةِ اعتداءٍ روسيا نفسها. الورقة الإيرانيّة! وإذا كان احتمال تجاوب قصر الكرملين مع هذه الفكرة لا يزال مستبعَدًا في الوقت الحاليّ، ولا سيّما في ظلّ استمرار المراهنة على إمكانيّة نجاح الضمانة الروسيّة – التركيّة – الإيرانيّة لاتّفاق وقف إطلاق النار الأخير، فإنّ ذلك لن يلغي بالطبع فرضيّة دراستها وتمحيصها وقت الضرورة، وخصوصًا إذا وضعنا في الحسبان أنّ ما أُشيع خلال الأيّام القليلة الماضية عن اختلافاتٍ وتباينٍ في وجهات النظر بين طهران وموسكو حيال الملفّ السوريّ، لم يعد محصورًا ضمن نطاق التكهّنات والتوقّعات والتسريبات وحسب، بل خرج أكثر من أيّ وقتٍ مضى إلى العلن، الأمر الذي تجلّى بوضوحٍ على إيقاع فحوى التصريحات التي أدلى بها نائب وزير الخارجيّة الإيرانيّ حسين جابري أنصاري في أعقاب انتهاء فعاليّات مؤتمر أستانة، عندما أعلن بصراحةٍ مطلقةٍ أنّ بلاده لن تنظر في مطالبة المعارضة السوريّة بسحب وحداتٍ من قوّاتها العسكريّة من سوريا، وذلك في سياق موقفٍ فُسِّر على أنّه مخالفٌ للدعوة الروسيّة الخاصّة بانسحاب كافّة القوّات الأجنبيّة من الأراضي السوريّة. ولعلّ هذا الموقف الإيرانيّ، وإنْ كان من شأنه أن يؤدّي إلى قلب المعادلات الإقليميّة الحاليّة رأسًا على عقب، إلّا أنّ ما يبدو واضحًا هو أنّ القيادة الروسيّة ما زالت تتعامل معه بهدوءٍ يتناسب مع طبيعته وهواجسه، وذلك على خلفيّة اعتقادها الراسخ بأنّ ما يحضَّر للإيرانيّين في الوقت الراهن، سواءٌ على موائد الأميركيّين في ضوء وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أم على موائد الإسرائيليّين في ضوء توجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برسالة المودّة الأخيرة إلى أبناء الجمهوريّة الإسلاميّة عبر صفحته الخاصّة على موقع الـ "فيسبوك"، ليس أكثر أو أقلّ من مشاريعَ عديدةٍ لطبخاتٍ سيّئةٍ، لا بدّ من أن تفتح شهيّة طهران في المحصّلة النهائيّة على المطبخ الروسيّ مجدّدًا، حيث الوجبات صحّيّة بامتيازٍ، حسب ما أكّدته الشواهد التاريخيّة المسجَّلة مرارًا على موائد تسوية البرنامج النوويّ الإيرانيّ.. وعسى أن يدرك أعضاء وفد المعارضة السوريّة بدورهم أهمّيّة هذه الوجبات أثناء لقائهم المرتقب مع الوزير لافروف غدًا الجمعة، فيعقَلون ويتوكّلون.. والخير دائمًا من وراء القصد! (جمال دملج - كاتب متخصّص في الشؤون الروسيّة)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك