Advertisement

مقالات لبنان24

لبنان.. ومخاطر التكلفة الباهظة للتصادم الأميركيّ – الإيرانيّ!

جمال دملج

|
Lebanon 24
26-02-2017 | 10:36
A-
A+
Doc-P-276451-6367055160449247941280x960.jpg
Doc-P-276451-6367055160449247941280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تمامًا مثلما لم يكن هذا الأسبوع اعتياديًّا في الروزنامة العراقيّة منذ أيّامه الأولى، وخصوصًا من جهة توقيت ودلالات الزيارتين اللتين قام بهما كلٌّ من وزير الدفاع الأميركيّ جيمس ماتيس ووزير الخارجيّة السعوديّ عادل الجبير تباعًا لبغداد، وتزامُنهما مع إعلان رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي عن بدء المرحلة الثانية من عمليّة تحرير الموصل انطلاقًا من مناطقها الغربيّة هذه المرّة، فإنّ كافّة المؤشّرات المتوافرة من بلاد الرافدين في الوقت الراهن، تشي بأنّ الأسابيع المقبلة لن تكون اعتياديّة أيضًا في أجندات معظم المسؤولين العراقيّين، ولا سيّما أنّ تطابُق الهدف المتعلِّق بالسعي إلى تشجيع العبادي على الخروج من دائرة التأثير الإيرانيّ في زيارتيْ ماتيس والجبير على حدٍّ سواء، لا بدّ من أن يحمل على إيقاعه الكثير من التطوّرات المحفوفة بالمخاطر والمفاجآت، وذلك على خلفيّة اعتقادٍ راسخٍ مؤدّاه أنّ ما أعلنه الرئيس دونالد ترامب مرارًا حول استراتيجيّته الخاصّة بمحاصرة الجمهوريّة الإسلاميّة واستهدافها يكاد يصبح أمرًا واقعًا أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وأنّ عمليّة العدّ العكسيّ لموعد وضع هذه الاستراتيجيّة حيّز التنفيذ أوشكت على أن تبدأ بالفعل. وإذا كان إتمام زيارة الوزير الجبير قد جاء في أعقاب جهودٍ مضنيةٍ بذلها كلٌّ من رئيس جهاز المخابرات العراقيّ مصطفى الكاظمي والجنرال الأميركيّ المتقاعد ديفيد بترايوس وسفير الولايات المتّحدة السابق في العراق زلماي خليل زادة مع عددٍ من المسؤولين السعوديّين البارزين، فإنّ ذلك لا بدّ من أن يؤشّر على أنّ واشنطن ستبذل ما في وسعها لاستثمار الدور الذي لعبته في ترطيب الأجواء بين بغداد والرياض بما يتناسب مع نواياها المبيّتة ضدّ طهران، الأمر الذي من شأنه أن يعزّز فرص رفع الرهان على إمكانيّة حدوث انعطافةٍ جذريّةٍ على مستوى العلاقات العراقيّة – الإيرانيّة، تمامًا مثلما من شأنه أيضًا أنّ يرجّح كفّة التقديرات القائلة بأنّ المواجهة المباشِرة المرتقَبة بين الأميركيّين والإيرانيّين أصبحت بالفعل بمثابة شرٍّ لا بدّ منه في حسابات إدارة البيت الأبيض الجديدة. ولعلّ أكثر ما يبدو لافتًا في هذا السياق، يتمثّل في أنّ مستشار الأمن القوميّ الأميركيّ الجديد الجنرال هربرت ريموند ماكماستر الذي عيّنه الرئيس ترامب مؤخّرًا، وإنْ كان من أشدّ المعارضين لقرار الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش بشأن غزو العراق عام 2003، إلّا أنّ خدمته العسكريّة على رأس فوج سلاح الفرسان المدرّع الثالث الذي أخذ على عاتقه استعادة السيطرة على مدينة تلعفر العراقيّة عام 2005، إضافةً إلى حيازته قبل ذلك على وسام "النجمة الفضّيّة" بعدما قاد وحدةً عسكريّةً اشتبكت مع الحرس الجمهوريّ العراقيّ في إحدى أكبر معارك الدبّابات أثناء عمليّة "عاصفة الصحراء" عام 1990، سرعان ما أهّلته لاكتساب خبرةٍ احترافيّةٍ ومتميّزةٍ في مجال التعاطي بموضوعيّةٍ مع المسائل ذات الصلة بالمصالح الأميركيّة في العراق، الأمر الذي تجلّى بوضوحٍ في فحوى مقاله الأخير المنشور على صفحات مجلّة "ميليتاري ريفيو"، وخصوصًا لدى تحذيره من أنّ التركيز على مفهوم استخدام القوّة وفقًا لما يفعله الرئيس ترامب في تهديداته بالقضاء على تنظيم "داعش" قد يؤتي بنتائجَ عكسيّةٍ، وذلك بعدما أشار في المقال نفسه إلى أنّ عدم الفهم الكافي للعوامل المحرِّكة للصراع من عشائريّةٍ وعرقيّةٍ ودينيّةٍ في العراق هو الذي أدّى إلى قيام الأميركيّين بعمليّاتٍ عسكريّةٍ مثل مداهمةِ شبكاتٍ يشتبه في أنّها معادية، ممّا تسبب بشكلٍ تلقائيٍّ في تفاقم المخاوف في أوساط الناس، وبالتالي، في دفعهم على تقديم كافّة أشكال الدعم لحركات التمرّد، على حدّ تعبيره. من هنا، يصبح في الإمكان إدراج التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجيّة السعوديّ عادل الجبير في أعقاب اجتماعه مع نظيره العراقيّ إبراهيم الجعفري في سياق نظرة الجنرال ماكماستر البراغماتيّة حيال العوامل العشائريّة والعرقيّة والدينيّة المحرِّكة للصراع على الساحة العراقيّة، ولا سيّما أنّ الوزير الجبير سرعان ما أكّد على أنّ بلاده تقف على مسافةٍ واحدةٍ من المكوّنات العراقيّة، معربًا عن دعمها للجهود المحلّيّة المبذولة في مجال محاربة الإرهاب، وكذلك عن استعدادها للمساعدة على إعادة الاستقرار في المناطق المحرَّرة. وإذا كان ما تقدَّم كافيًا للدلالة على أنّ استراتيجيّة الرئيس ترامب بشأن عزل إيران وتطويقها واستهدافها تسير حتّى الآن وفقًا للخطط الموضوعة لها، فإنّ الدلالات حول ما إذا كانت هذه الاستراتيجيّة ستُفضي إلى دخول الطرفين في حربٍ مباشِرةٍ بينهما، أم إنّها ستقتصر على إشعال حروبٍ بالوكالة لصالحهما، لم تتّضح بشكلها النهائيّ بعد، علمًا أنّ ثمّة من يقول إنّ شرارة المواجهات الأولى يُتوقَّع أن تندلع من الجنوب اللبنانيّ، حسب ما تشي به التحرّكات اللوجستيّة المتسارعة باضطرادٍ على طرفيْ الحدود ما بين بلاد الأرز وما بين فلسطين التاريخيّة، سواءٌ من جانب حزب الله أم من جانب المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة، الأمر الذي لا بدّ من أن يرجّح كفّة الحرب بالوكالة على كفّة الحرب المباشِرة. ولكن إلى أيّ مدى يا ترى سيتمكّن لبنان الرسميّ من تحمّل التكلفة الباهظة لمثل هذه الحرب؟ سؤالٌ.. ربّما خير إجابةٍ عليه في الوقت الحالي تتمثّل في استحضار فحوى الخطاب التاريخيّ الشهير الذي ألقاه الراحل غسان تويني أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة على خلفيّة الاعتداءات الإسرائيليّة على الجنوب اللبنانيّ عام 1978 تحت عنوان "اتركوا شعبي يعيش"، وخصوصًا عندما قال ما مفاده إنّ أكثر ما يحتاج إليه لبنان هو قرارٌ عربيٌّ مشتركٌ إمّا بالدخول في حربٍ شاملةٍ مع إسرائيل وإمّا بالدخول في سلامٍ شاملٍ معها، فإذا قرّروا الدخول في الحرب، فإنّ لبنان ضالعٌ في الأساس فيها، أمّا إذا قرّروا عكس ذلك، فحرامٌ أن يدفع لبنان وحده ضريبة الحرب عن كلّ العرب. كلامٌ.. قاله عميد الديبلوماسيّة اللبنانيّة بينما كان يشغل مهامّ منصبه بصفة مندوب لبنان الدائم في الأمم المتّحدة قبل تسعةٍ وثلاثين عامًا، وبينما كان العرب، ولا يزالون لغاية يومنا الراهن، صامتين.. ولعلّ الخير في استحضاره في هذه الأيّام العصيبة والمفتوحة على كافّة الاحتمالات يبقى دائمًا من وراء القصد.. وعسى أن يترك الآخرون شعبي هذه المرّة لكي يعيش.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك