Advertisement

مقالات لبنان24

العرب إلى البحر الميّت قريبًا.. بحثًا عن الحياة!

جمال دملج

|
Lebanon 24
21-03-2017 | 10:54
A-
A+
Doc-P-287142-6367055236066823611280x960.jpg
Doc-P-287142-6367055236066823611280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
إلى أيّ مدى يا ترى يمكن أن يرتفع سقف الآمال المعلّقة على النتائج المرجوّة من قمّةٍ عربيّةٍ سيُقدَّر لها أن تنعقد يوميْ الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر آذار الحاليّ في البحر الميّت الذي يُعتبر النقطة الأكثر انخفاضًا عن سطح البحر في الكرة الأرضيّة بأكملها؟ سؤالٌ قد يبدو إيقاع طرحه للوهلة الأولى طريفًا، على رغم أنّ الإجابة عليه لن تندرج بالتأكيد في سياق أيّ نوعٍ من أنواع الطرافة، ولا سيّما أنّ العالم العربيّ الغارق حتّى الأذنين في بحر دماء صراعاته وأزماته الداخليّة والخارجيّة على حدٍّ سواء، وما أكثرها، لم يلُح في أفقه بعد ما من شأنه الإيحاء بأنّ هذه الصراعات والأزمات يمكن أن تصل إلى خواتيمها السعيدة في أيّ يومٍ من الأيّام، سواءٌ على المدى المنظور أم على المدى البعيد، الأمر الذي لا بدّ من أن يؤدّي بشكلٍ تلقائيٍّ إلى ترسيخ الاعتقاد القائل بأنّ النتائج العمليّة التي ستُفضي إليها القمّة المقبلة لن تختلف كثيرًا عمّا تمخّضت عنه القمم السابقة، علمًا أنّ رأي الأمين العامّ لجامعة الدول العربيّة أحمد أبو الغيط يبدو مختلفًا جملةً وتفصيلًا في هذا المجال، وخصوصًا بعدما كشف النقاب يوم أوّل من أمس الأحد عن أنّ "إعلانًا هامًّا" سيصدر هذه المرّة عن القمة، وسيكون له بالغ الأثر على دول المنطقة، ولكن من دون أن يحدِّد طبيعته أو أبعاده. لا شكّ في أنّ المسؤولين الأردنيّين يبذلون من جهتهم قصارى الجهد من أجل توفير المناخات الملائمة لإحداث أيّ خرقٍ إيجابيٍّ يمكن أن يجعل القمّة استثنائيّة بالفعل في مجال إعادة اللُحمة بين أطراف الجسد العربيّ المشتّت، الأمر الذي يتبلور بوضوحٍ من خلال حركة الاتّصالات المكثّفة التي يجريها وزير الخارجيّة أيمن الصفدي على خطّ عمّان– القاهرة– الرياض، وكذلك من خلال الدعوات الرسميّة التي تمّ توجيهها حتّى الآن لعددٍ من الدول غير العربيّة المعنيّة بشؤون المنطقة وشجونها، وعلى رأسها روسيا التي يُتوقّع أن يمثّلها المبعوث الرئاسيّ الخاصّ إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، ولا سيّما أنّ مواقف العاهل الأردنيّ الملك عبد الله الثاني غالبًا ما أثبتت أنّه لا يزال يتفاعل باستمرارٍ، وبصراحةٍ مطلقةٍ، مع الدور المتنامي الذي تلعبه إدارة الرئيس فلاديمير بوتين على صعيد تسوية الأزمات الإقليميّة والدوليّة وفضّها. ولكن إذا كان المسؤولون الأردنيّون قد عبّروا عن أملهم في أن يؤدّي الاستثمار في الحضور الروسيّ إلى ردم الهوّات الناجمة عن الاختلافات في مواقف القادة العرب بين بعضهم البعض حول العديد من الملفّات الساخنة، وعلى رأسها ملفّ الأزمة السوريّة، فإنّ ما بات في حكم المؤكّد بشأن عدم وجود أيّ نيّةٍ لدعوة سوريا، وعلى رغم رفعِ علمها الوطنيّ مع أعلام الدول الأعضاء على جانبيْ الطريق المؤدّية إلى مقرّ انعقاد القمّة وإبقاءِ مقعدها شاغرًا داخل القاعة، كان لا بدّ له من أن يخفِّض مسبقًا نسبة التفاؤل بإمكانيّة إحداث الخرق الإيجابيّ المطلوب، ولا سيّما أنّ موقف روسيا من تجميد عضويّة سوريا في الجامعة العربيّة منذ عام 2011 واضحٌ وجليٌّ إلى أبعد الحدود. على هذا الأساس، وإذا ما أضفنا إلى الأزمة السوريّة القضايا التقليديّة التي جرت العادة على مناقشتها خلال السنوات الطويلة الماضية في القمم العاديّة وغير العاديّة على حدٍّ سواء، بدءًا من حلّ الدولتين في فلسطين التاريخيّة، مرورًا باحتلال إيران لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى الإماراتيّة، ووصولًا إلى تداعيات "ربيع العرب" ومعمعة محاربة الإرهاب، فإنّ السؤال الملحّ الذي يطرح نفسه في ظلّ هذه الأجواء الضبابيّة والملبّدة هو: ماذا عن مضمون "الإعلان الهامّ" الذي تحدّث عنه أحمد أبو الغيط نهار الأحد الماضي في أعقاب اجتماعه مع أيمن الصفدي؟ أغلب الظنّ، ووفقًا لتسريباتٍ موثوقةٍ صدرت من عمان صباح اليوم الثلاثاء، فإنّ ثمّة ورقةَ مقترحاتٍ مدعومةً من جانب كلٍّ من دولة الكويت وسلطنة عُمان وتحمل عنوان "التحاور مع دول الجوار الإقليميّ" أصبحت على وشك إدراجها على جدول أعمال القمّة، بغية الدفع في اتّجاه حثّ المملكة العربيّة السعوديّة على القبول بمبدأ إجراء حوارٍ مصلحيٍّ خاصٍّ مع إيران، الأمر الذي من شأنه وحده أن يفتح بابًا عريضًا أمام إمكانيّة حصول انفراجاتٍ جدّيّة لكافّة أزمات الإقليم، إذا ما وافق الطرفان الإيرانيّ والسعوديّ على ورقة المقترحات بالفعل. ووفقًا للتسريبات الموثوقة نفسها، فإنّ ثمّة توجّهًا جدّيًّا أيضًا للقادة العرب سيَظهَر في "الإعلان الهامّ" من خلال تجديد تأكيدهم على الالتزام بمبادرة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز التي تبنّتها قمّة الجامعة العربيّة في بيروت عام 2002 بشأن السلام مع إسرائيل، وذلك عن طريق إعادة إحيائها، والشروع بتشكيل وفدٍ عربيٍّ مشتركٍ للتباحث بشأنها مع اللجنة الرباعيّة المعنيّة بأزمة الشرق الأوسط، والمؤلَّفة من كلٍّ من الولايات المتّحدة وروسيا والأمم المتّحدة والاتّحاد الأوروبيّ. وفي هذا السياق، وبغضّ النظر عمّا إذا كان سيُقدَّر لهذه التسريبات أن تَصدُق أم لا، فإنّ اللافت هنا هو أنّ لبنان الذي من المقرَّر أن يشارك في القمّة بشخص كلٍّ من رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورئيس الوزراء الشيخ سعد الحريري سيكون معنيًّا بشكلٍ مباشرٍ بهذه التطوّرات والاحتمالات في شتّى الظروف والأحوال، الأمر الذي لا بدّ من أن يتطلّب براعةً فائقةً في طريقة التعاطي مع القضايا العربيّة – العربيّة الأكثر تعقيدًا في الوقت الحاليّ، وعلى رأسها ما يُسمّى "التهديد الإيرانيّ للأمن العربيّ والإقليميّ"، اللهم إلّا إذا تمّت الموافقة على إدراج ورقة المقترحات الكويتيّة – العُمانيّة الآنفة الذكر في جدول الأعمال، فيرتاح لبنان عندئذٍ وترتاح معه بقيّة دول المنطقة التي لم تخلِّف الصراعات المذهبيّة والكيديّة وراءها فيها سوى الدم المخثّر والبارود.. وعسى أن يتمكن البحر الميّت هذه المرّة بالفعل من إحياء العظام العربيّة، وهي رميمُ.. والخير دائمًا من وراء القصد!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك