Advertisement

مقالات لبنان24

ماتفيينكو تختتم زيارتها للرياض.. فماذا عن مستقبل الأسد؟

جمال دملج

|
Lebanon 24
18-04-2017 | 10:40
A-
A+
Doc-P-299927-6367055322939735531280x960.jpg
Doc-P-299927-6367055322939735531280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
إذا كان الرئيس فلاديمير بوتين لا يفوِّت عادةً أيّ مناسبةٍ من دون التأكيد فيها على ضرورة مراعاة مصالح كافّة الأطراف الإقليميّين لدى تسوية الأزمة السوريّة، بمن فيهم المملكة العربيّة السعوديّة، فإنّ الزيارة الرسميّة التي أختتمتها رئيسة الغرفة العليا للبرلمان الروسيّ فالانتينا ماتفيينكو للرياض، والتي أجرت خلالها على مدى ثلاثةِ أيّامٍ مباحثاتٍ مع العاهل السعوديّ الملك سلمان بن عبد العزيز وعددٍ آخر من كبار المسؤولين في المملكة، جاءت لتُقدِّم مثالًا حيًّا على صدقيّة توجُّه موسكو وجدّيَّتها في هذا المجال، ولا سيّما أن ماتفيينكو هي ثالث أرفعِ مسؤولٍ في الدولة بعد كلٍّ من الرئيس بوتين ورئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف. لا شكّ في أنّ تزامُن هذه الزيارة مع ظهور المؤشِّرات المتتالية على تراجع الزخم الذي شهدته العلاقات الروسيّة – التركيّة في الآونة الأخيرة يحمل في طيّاته دلالاتٍ واضحةً على الحرص الذي غالبًا ما تُبديه موسكو في مجال مراعاة هواجس الشارع السنّيّ في العالمين العربيّ والإسلاميّ حيال النمط السائد لعلاقاتها التقليديّة المتينة مع إيران، الأمر الذي استوجب الإقدام على خطوةٍ سريعةٍ بغية التأكيد على ما بات في حكم المؤكَّد بالنسبة إلى الأسباب الحقيقيّة التي أدّت إلى انتهاء شهر العسل مع أنقرة على هذا النحو المفاجىء، وخصوصًا من جهة أنّ التصريحات التي اعتبَر فيها وزير الخارجيّة سيرغي لافروف "أنّ الشريك التركيّ لا يمكن الوثوق به بعد الآن"، لم تكن مبنيَّةً على أيّ أسسٍ مذهبيّةٍ بقدْر ما بُنيت على المواقف والممارسات التي دلّت على عدم وفاء الرئيس رجب طيّب أردوغان بتعهّداته للجانب الروسيّ بخصوص آليّات التعاون والتنسيق في الملفّ السوريّ وغيره من الملفّات الإقليميّة والدوليّة الشائكة. على هذا الأساس، يصبح في الإمكان تفهُّم أسباب حرص فالانتينا ماتفيينكو الشديد على مراعاة التقاليد الإسلاميّة في طراز الملابس التي ارتدتها أثناء لقاءاتها مع المسؤولين السعوديّين، ولا سيّما أنّ هذه اللفتة، وإنْ كانت تندرج عادةً في سياق اللياقات الديبلوماسيّة التي تتمايز بها روسيا في مجال احترام ثقافات الشعوب وطقوسها الأخلاقيّة وخصوصيّاتها الدينيّة، إلّا أنّ تركيز وسائل الإعلام المحلّيّة عليها دلّ بما لا يترك أيّ مجالٍ للشكّ على أنّها عكست أصداءً إيجابيّةً وقوبلت باحترامٍ كبيرٍ في أوساط السعوديّين. من هنا، يبدو أنّ هذه الزيارة أسفرت حتّى الآن عن تحقيق الأهداف المرجوَّة منها بنجاحٍ، وخصوصًا من جهة تأكيد البلدين على أنّهما شريكان استراتيجيّان يرغبان في الدفع بتطوير العلاقات الودّيّة فيما بينهما إلى الأمام، سواءٌ في مجال التسليح والتصنيع العسكريّ أم في مجال الطاقة والقطاع الزراعيّ، الأمر الذي يندرج في سياق الثوابت التي كان العاهل السعوديّ الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد وضعها أثناء زيارته الشهيرة التي قام بها لموسكو بصفته وليًّا للعهد في شهر أيلول عام 2003، وخصوصًا عندما قال داخل قصر الكرملين ما حرفيَّته: "إنّ الرئيس فلاديمير بوتين وفيٌّ لشعبه، ووفيٌّ لأمتّه الروسيّة، والمملكة العربيّة السعوديّة ترغب في تطوير التعاون معه". وإذا كانت هذه الثوابت قد خضعت على مدى السنوات الأربعَ عشْرةَ الماضية للكثير من عوامل المدّ والجزر، على إيقاع مزاجيّة العديد من التطوّرات السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة التي شهدها العالم خلال تلك المرحلة، فإنّ أكثر ما بقي لافتًا على الدوام هو أنّ العلاقات الروسيّة – السعوديّة لم تشُذّ يومًا عن قاعدة الاحترام المتبادَل بين الجانبين، مقارنةً بما شهدته العلاقات الروسيّة – القطريّة مثلًا في غمرة تداعيات الأزمتين الليبيّة والسوريّة على وجه الخصوص، الأمر الذي يؤكِّد في المحصّلة النهائيّة أنّ هذا الاحترام المتبادَل قائمٌ في الأساس على إدراك كلّ طرفٍ مكانةَ الطرف الآخَر وقدراته وفاعليّته داخل الأسرة الدوليّة. ووفقًا لهذه الرؤية، يُتوقَّع أن تكتسب نتائج زيارة فالانتينا ماتفيينكو للرياض قيمةً مضافةً في هذا الظرف الإقليميّ الحسّاس الناجم عن إرهاصات تزعزع قواعد بيانات ارتصافات الدول المعنيّة بتسوية الأزمة السوريّة، وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأميركيّة وتركيا، ولدرجةِ أنّ عددًا من المحلّلين الروس ذهبوا إلى حدّ التبشير بملامحِ دورٍ سعوديٍّ جديدٍ وفاعلٍ ستظهر في المستقبل القريب في سوريا، وبما يتناغم جدًّا مع الدور الروسيّ، حتّى وإنْ كان الطرفان لم يتّفقا بعد على صيغةٍ نهائيّةٍ بشأن مستقبل الرئيس بشّار الأسد. وفي هذا السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ تشديد ماتفيينكو على أنّ المواقف المتباينة لا تعني بالضرورة أنّ البلدين يتموضعان في خندقين مختلفين، يشي بأنّ تلك الصيغة النهائيّة أخذت حيِّزًا هامًّا من المحادثات، الأمر الذي لا بدّ من أن يتبلور بالتالي من خلال تجديد المسؤولة الروسيّة الثالثة تأكيدها على أنّ موقف بلادها من الرئيس الأسد لا يهدف إلى إبقائه بأيّ ثمنٍ بقدْر ما يستهدف رفض الإطاحة به من الخارج.. وأغلب الظنّ أنّ البيت في القصيد يكمُن هنا.. وإنّ بعض الظنّ في الحالة الروسيّة – السوريّة إثم!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك