Advertisement

مقالات لبنان24

الأزمة الكوريّة.. رياحُ حربٍ مدمِّرةٍ أم مجرَّدُ زوبعةٍ في فنجان؟

جمال دملج

|
Lebanon 24
25-04-2017 | 10:28
A-
A+
Doc-P-303024-6367055344705681571280x960.jpg
Doc-P-303024-6367055344705681571280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
على رغم تراجع حدّة طبول الحرب في شبه الجزيرة الكوريّة بشكلٍ نسبيٍّ ملحوظٍ في الآونة الأخيرة قياسًا بما كان عليه الحال خلال الأسبوعين الماضيين، فإنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة لا تزال منهمكةً لغاية اليوم في وضع كافّة الخطط اللازمة للتعاطي مع التداعيات المفترَضة لأكثر السيناريوهات الكارثيّة التي يمكن حدوثها في ظلّ الأوضاع الراهنة، وذلك وفقًا لآليّةٍ إعلاميّةٍ ترويجيّةٍ تبدو وكأنّها تحمل على إيقاعها الصاخب نزعةً ضمنيّةً تستهدف الإيحاء بأنّ مؤشِّر الخطر لا يزال مرتفعًا جدًّا، وبأنّ الحرب أصبحت حتميّةً، وربّما وشيكةً أيضًا، الأمر الذي يرى الخبراء المتخصّصون في استراتيجيّات الحروب النفسيّة أنّ بعض تجلّياته يمكن أن تندرج حاليًّا في سياق ذلك الخطاب الرسميّ التقليديّ الذي غالبًا ما جرت العادة على أن يتوجّه به سكّان البيت الأبيض إلى الأمّة الأميركيّة من أجل استنهاض شعورها القوميّ في أوقات الشدّة، وخصوصًا لدى وصولهم إلى مرحلة اليقين بأنّ معدَّل شعبيّتهم آخذٌ بالهبوط باضطرادٍ، تمامًا على شاكلة ما تشهده شعبيّة الرئيس دونالد ترامب في هذه الأيّام، لا أكثر ولا أقلّ. ولعلّ آخر تلك الخطط الموجَّهة عن سابقِ عزمٍ وتصميمٍ للداخل الأميركيّ أكثر من أيّ مكانٍ آخرَ في العالم، كانت قد تمثّلت اليوم الثلاثاء في الإعلان عن استعدادات الولايات المتّحدة للقيام بعمليّةِ إجلاءٍ جماعيٍّ لرعاياها من كوريا الجنوبيّة إذا ما تطوّرت الأزمة الراهنة مع كوريا الشماليّة إلى حدِّ الحرب المفتوحة، إيمانًا منها بضرورة التحرُّك على وجه السرعة من أجل تجنيب أكثر من مئتينِ وثلاثينَ ألفَ مواطنٍ أميركيٍّ يعيشون في الشطر الجنوبيّ من شبه الجزيرة مخاطر التعرُّض للقصف من الشطر الشماليّ، ولا سيّما بعدما كانت توقّعات المحلّلين العسكريّين قد تركّزت في الآونة الأخيرة على فرضيّةٍ مؤدّاها أنّ بيونغ يانغ ستكون قادرةً، في غضون ساعاتٍ محدودةٍ فقط، على إطلاق ما يفوق النصف مليون طلقةٍ وقذيفةٍ مدفعيّةٍ، بما في ذلك الغازات السامّة، ممّا سيعرِّض حتمًا حياة الأميركيّين هناك للخطر، وخصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار أنّ العاصمة الجنوبيّة سيوول، حيث تعيش غالبيّتهم، لا تبعد عن المناطق الحدوديّة مع الشمال أكثر من ستّين كيلومترًا. وبحسب ما نقله موقع "سبوتنيك" الروسيّ عن صحيفة الـ"ديلي إكسبرس" البريطانيّة اليوم، فإنّ عمليّة الإجلاء الأميركيّة التي تحمل اسم "قناة الشجاعة" يُفترَض أن تنتهي بحلول شهر حزيران المقبل، الأمر الذي يفسِّر سبب إسراع إدارة الرئيس ترامب في إرسال ثلاثِ حاملاتٍ للطائرات إلى تلك المنطقة المتوتِّرة، من بينها "رونالد ريغان" و"نيميتز"، إضافةً إلى "كارل فينسون" التي يُفترَض أن تكون قد وصلت إلى بحر اليابان في وقتٍ سابقٍ من هذا النهار. وإذا كان ما تقدَّم كافيًا حتّى الآن لكي يعكس حجم الرهبة التي تخيِّم على أجواء شبه الجزيرة المقسَّمة منذ هزيمة الامبراطوريّة اليابانيّة أمام قوّات الحلفاء عام 1945، وما تلى ذلك لاحقًا من حروبٍ أهليّةٍ بين أبنائها الجنوبيّين والشماليّين في غمرة اشتعال حمأة الحرب الباردة بين الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفييتيّ، فإنّ أكثر ما يبدو لافتًا في موازاة كلّ هذا التصعيد العسكريّ الممنهَج، لا بدّ من أن يظهر للعيان بشكلٍ جليٍّ إذا ما وضعنا في الحسبان أنّ ثمّة جهودًا ديبلوماسيّةً حثيثةً ما زالت تُبذَل، وبمشاركةٍ أميركيّةٍ، من أجل احتواء الموقف والحيلولة دون تفاقمه، على غرار ما سبق وأن شهدناه مرارًا في مناسباتٍ سابقةٍ كلّما كان سكّان البيت الأبيض يشعرون بالحاجة إلى استعراض عضلاتهم أمام ما يسمَّى بـ "الأخطار المحتمَلة للبرنامج النوويّ الكوريّ الشماليّ"، ولأغراضٍ داخليّةٍ بحتةٍ، من دون أن تؤدّي كافّة تلك الاستعراضات إلى التجرُّؤ على إطلاقِ مجرَّدِ رصاصةٍ واحدةٍ في أيّ يومٍ من الأيّام. وفي هذا السياق، كان لافتًا أيضًا أنّ نتائج الاجتماع الذي عُقِد اليوم في طوكيو بين رؤساء الوفود الأميركيّة واليابانيّة والكوريّة الجنوبيّة إلى المفاوضات السداسيّة، المجمَّدة أصلًا، حول ملفّ البرنامج النوويّ الكوريّ الشماليّ، لم تخرج بدورها عن نمط ترديد نغمة الاسطوانة القديمة – المتجدِّدة بشأن "الاتّفاق على تشديد الضغط على بيونغ يانغ في حال قيامها بمواصلة أعمالها الاستفزازيّة"، الأمر الذي لا يحمل في طيّاته أيّ جديدٍ يُذكَر، اللهمّ إلّا إذا أخذنا في الاعتبار أنّ مسؤول الخارجيّة الأميركيّة عن ذلك الملفّ أشار إلى أنّ بلاده تعوِّل على الدور الصينيّ في هذا المجال. وعلى هذا الأساس، يصبح في الإمكان طرح السؤال التالي: هل ما نشهده اليوم في شبه الجزيرة الكوريّة هو مؤشِّرٌ حقيقيٌّ على رياح حربٍ مدمِّرةٍ أصبحت حتميّةً أم إنّه مجرَّد زوبعةٍ في فنجان؟ سؤالٌ.. أغلب الظنّ أنّ الإجابة عنه تكمن في فحوى ما نقله "لبنان 24" عن صحيفة "إندبندنت" البريطانيّة اليوم، وخصوصًا من جهة ما يتعلَّق بأنّ عددًا من الأطبّاء النفسيّين حذّروا خلال مؤتمرٍ عُقِد في جامعة "ييل" الأميركيّة من أنّ الرئيس دونالد ترامب يعاني من "مرضٍ عقليٍّ خطيرٍ"، موضحين أنّه مصابٌ بـ "جنون العظمة والوهم" ولا يصلح لقيادة الولايات المتّحدة، الأمر الذي كان قد تجلّى بالفعل من خلال مواقفه البهلوانيّة وتقلُّباته المزاجيّة حيال العديد من الملفّات الداخليّة والخارجيّة على حدٍّ سواء.. وأغلب الظنّ أيضًا أنّ أولئك الأطبّاء هم الأكثرُ قدرةً في الوقت الحاليّ على تحديد المدى الذي يمكن أن يصل إليه منسوب التوتّر في شبه الجزيرة الكوريّة وغيرها من المناطق الملتهبة على طول خارطة العالم وعرضها، بعدما تمكّنوا بنجاحٍ من تحديد مكمَن الخطر.. وما على الرسول إلّا البلاغ!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك