Advertisement

مقالات لبنان24

ميلانيا ترامب.. وتراشق "الأخوة الأعداء" في الشرق الأوسط!

جمال دملج

|
Lebanon 24
25-05-2017 | 09:33
A-
A+
Doc-P-315635-6367055438396012541280x960.jpg
Doc-P-315635-6367055438396012541280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بغضّ النظر عمّا إذا كان التمايز في إطلالات السيّدة الأميركيّة الأولى خلال جولة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط عفويًّا أم مقصودًا أم يندرج في سياق "رُبَّ صدفةٍ خيرٌ من ألف ميعاد"، فإنّ آخر ما كان ينقص هذه المنطقة الحافلة بالصراعات هو أن يشكِّل ذلك التمايز مادّةً للتراشق المتبادَل في أوساط أبناء مكوِّنات ارتصافاتها الإقليميّة من الدول المتناحِرة بين بعضها البعض على أسسٍ طائفيّةٍ ومذهبيّةٍ جليّةٍ وواضحةٍ للجميع، وخصوصًا بعدما ذهبت خيالات المتراشِقين بشكلٍ ممنهجٍ إلى حدِّ وصف الحزام الذهبيّ العريض الذي أحاط حول الخصر للزيّ الأسود الذي كانت ترتديه السيّدة ميلانيا لدى خروجها من طائرة الـ "إير فورس 1" على مدرَّج مطار الرياض بأنّه شبيهٌ بكسوة الكعبة الشريفة في مكّة المكرَّمة، قبل الترويج لهذا التوصيف باعتباره تحدّيًا أميركيًّا صارخًا للقيم الإسلاميّة التي يمثّلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في عُقر داره، وذلك على رغم أنّ خطورة المؤشِّرات التي ظهرت لغاية الآن في أعقاب انتهاء الفصل الأوّل من تلك الجولة، سواءٌ في مجال العلاقات الخليجيّة – الإيرانيّة، أم في مجال العلاقات الخليجيّة – الخليجيّة، أم في مجال العلاقات العربيّة – الإسرائيليّة، هي التي كان يُفترض أن تشكِّل العنوان العريض لأيّ جدلٍ مفيدٍ في هذه المرحلة الشرق أوسطيّة الراهنة والمفتوحة على كافّة الاحتمالات. لا شكّ في أنّ إصرار المتراشِقين الكيديّين على الاسترسال في التأكيد إلى حدّ الجزم بشكلٍ قاطعٍ على وجود هذا النوع من التحدّي الأميركيّ للمقدَّسات الإسلاميّة عن طريق إثارة جدلٍ عقيمٍ حول الأسباب التي ألزمت كلًّا من السيّدتين ميلانيا وإيفانكا ترامب بوضع غطاءٍ على رأسيهما لدى دخولهما إلى حاضرة الفاتيكان للقاء الحبر الأعظم البابا فرانسيس، خلافًا لما قامتا به قبل ذلك بيومين فقط أثناء وجودهما في السعوديّة، كان لا بدّ له من أن يعكس في المحصّلة النهائيّة حجم الانفصام الهائل الذي يكاد يصبح مرضًا مزمنًا يلازم الشخصيّة الشرق أوسطيّة من قمّة الرأس حتّى أخمص القدمين، وخصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار، على سبيل المثال وليس الحصر، أنّ عمليّة انتهاء السلطات الإسرائيليّة لغاية يومنا الراهن من شقِّ ثمانيةٍ وعشرينَ نفقًا تحت المسجد الأقصى في مدينة القدس، وفقًا لما يقتضيه مشروع تهويد "زهرة المدائن"، بشرقها وغربها، تمهيدًا لبناء ما بات يُعرف بـ "الهيكل الثالث"، لم يَحدُث أن أثار حتّى الآن في الأوساط العربيّة والإسلاميّة، بكافّة تنوُّعات ارتصافاتها الإقليميّة والمذهبيّة، أيّ جدلٍ يرتقي إلى مرتبةِ الجدل الذي أُثير خلال الأيّام الثلاثة الماضية حول إطلالات ميلانيا وإيفانكا ترامب ما بين المملكة العربيّة السعوديّة وما بين مقرّ الكرسيّ الرسوليّ في دولة الفاتيكان. وعلى هذا الأساس، ربّما يُصبح في الإمكان تفهُّم سرّ الزخم الذي اكتسبه رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو لدى إعلانه نهار أمس الأربعاء بالفم الملآن أنّ "القدس لم تكن أبدًا عاصمةً لشعبٍ أخرَ سوى الشعب اليهوديّ"، قبل أن يشير، بالفم الملآن أيضًا، إلى أنّ "جبل الهيكل وحائط المبكى سيبقيان تحت السيادة الإسرائيليّة إلى الأبد"، تمامًا مثلما يُصبح في الإمكان أيضًا تفهُّم سرّ تزامُن "الشرقطات" التي استجدَّت خلال اليومين الماضيين على خطّ التوتُّر العالي بين الشيعة والسنّة في دولة البحرين، وبين القطريّين والسعوديّين في مناطقهما الحدوديّة السياديّة، وبين الإيرانيّين والخليجيّين في دائرة مصالحهما الاستراتيجيّة، مع انتهاء مفاعيل جولة الرئيس ترامب في المنطقة، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ تجارب الماضي منذ نكبة عام 1948 ولغاية يومنا الراهن هي التي علّمت الإسرائيليّين أنّ العرب والمسلمين غالبًا ما احترفوا صنعة الالتهاء بالقشور عوضًا عن التركيز على معالجة الجذور، على غرار ما نشهده الآن في ظلّ استمرار التراشق الآنف الذكر حول المغزى والمعنى من وراء تمايز إطلالات ميلانيا وإيفانكا ترامب بين الرياض والفاتيكان، علمًا أنّ الأمانة الأخلاقيّة تستوجب التأكيد هنا على أنّ إطلالة السيّدتين الأميركيّتين في الرياض لم يكن ليُقدَّر لها أن تتمّ من دون وضع غطاء الرأس لولا التصريحات التي دأب وزير الخارجيّة السعوديّ على إطلاقها، المرّة تلو الأخرى، قبل إتمام الزيارة بعدّةِ أيّامٍ، عن أنّ لا مشكلةً في بلاده حول هذا الموضوع، تمامًا مثلما تستوجب الأمانة الأخلاقيّة أيضًا التأكيد على أنّ غطاء الرأس للسيّدات هو عُرفٌ كاثوليكيٌّ وأرثوذكسيٌّ مشتركٌ جرت العادة على احترامه، طوعًا وليس إلزامًا، لدى زيارة الأماكن الدينيّة المقدَّسة على طول خارطة العالم وعرضها. من هنا، وبالعودة إلى تراشق "الأخوة الأعداء" الدائر حاليًّا بين ارتصافات دول المنطقة الإقليميّة والمذهبيّة، فإنّ خلاصة القول ممّا تقدَّم ذكره تتمثّل في وجوب التأكيد على أنّ الالتهاء بالقشور لا يمكن أن يؤدّي بأيّ شكلٍ من الأشكال إلى معالجة الجذور.. وأغلب الظنّ أنّنا نقف للتوّ أمام فرصةٍ تاريخيّةٍ نادرةٍ تؤهّلنا اليوم، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، للاختيار ما بين أن نحارب بشرفٍ وما بين أن نستسلم بشرفٍ، ولا سيّما أنّ منطق التاريخ غالبًا ما أثبت أنّ الحرب بين الحقّ والباطل لا بدّ من أن تؤدّي في نهاية المطاف إلى انتصار الحقّ، بينما الحرب بين الباطل والباطل هي التي تدوم وتدوم وتدوم من دون تحقيق أيّ انتصارات.. وحسبي أنّ رُبّ صدفةٍ في إطلالات ميلانيا وإيفانكا ترامب على الشرق الأوسط خيرٌ من ألفِ ميعاد.. والخير دائمًا وأبدًا من وراء القصد!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك