Advertisement

لبنان

ردّاً على دعوة المشنوق للثورة في حال إطلاق النار: "ما أنييي"!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
07-07-2017 | 05:24
A-
A+
Doc-P-333402-6367055568700717561280x960.jpg
Doc-P-333402-6367055568700717561280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
باللهجة البيروتية الأصيلة، يمكن أن نردّ على معالي وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي دعا الناس إلى القيام بثورة في حال تمّ إطلاق النار ابتهاجاً بصدور نتائج الثانوية العامة، فنقول من دون تردد: "ما أنييي.. (أي ليس أنا)"! وهذا ليس بطبيعة الحال تنصلاً من دور المواطن في المشاركة بتطوير مجتمعه وتحسينه، وليس نسفاً لضرورة أن يكون "كلّ مواطن خفير". لقد دعت قوى الأمن الداخلي اللبنانيين إلى التبليغ عن مطلقي النار، في سعيّ منها لتعزيز دوره في هذا الإطار، فأحسنت (مع الاعتراض على نشر أسماء المشتبه بهم من الناحية القانونية والأخلاقية). لكنّ دعوة المشنوق لا "تُهضم"، لا سيّما وأنها أتت بعد إقراره بصراحة ووضوح عن تدخل سياسيين للإفراج عن موقوفين بتهمة إطلاق الرصاص عقب صدور نتائج امتحانات "البروفيه". فماذا يعني بداية، أن يعترف وزير الداخلية بحصول تدخلات وضغوطات على الجسم القضائي، بل أن يكتفي بذلك من دون القيام بأي إجراء أو ردّ فعلي احتجاجيّ، كالاستقالة، أو أقلّه التهديد بها، أو في أفضل الأحوال تسمية المتوّرطين في حماية قتلة ومشاريع قتلة منتشرين في مختلف المناطق اللبنانية؟! ألا يُعدّ هذا الأمر بمثابة طمأنة مجانيّة لكل حامل سلاح، مستقوٍ أصلاً بحزب ما، أو زعيم ما أو عائلة إقطاعيّة ما، واستسلاماً لـ "فرعنته"؟ بل أكثر، ألا يعني ذلك حماية، عن سابق تصوّر وتصميم، للسياسيين المتدخلين وقد خالفوا القوانين والدستور والأعراف والمنطق؟ ألا يعني ذلك تعزيزاً لانعدام ثقة المواطن بدولته، وضخّ جرعات زائدة من اليأس في نفسه، وهو الذي عاجل الردّ على ما كشفه المشنوق بهاشتاغ "قوّص ومشي"؟! المشكلة الأكبر أنّ "العجز" الذي عبّر عنه وزير الداخلية، ومعه كلّ الطبقة السياسية الحاكمة بسكوتها وسلبيتها، يراد تخفيف وطأته عبر تحميل مسؤولية للشعب ورمي المهام على عاتقه. والحال أنّ مفهوم الثورة، يبدو للأسف، عرضة للتشويه والقنص العشوائي. هذه ظاهرة خطيرة في لبنان ما انفكّت تطال القطاعات كافة. كأن يدّعي كلّ مسؤول، بل كل حزب في لبنان، بل كلّ طائفة، بأنهم بذلوا ما بوسعهم لتحسين أمر ما، أو معالجة ملف ما، فلم يفلحوا بسبب "عرقلات الآخرين" أو تدخلات سياسيين وقضاة ورجال دين، لينتهي المطاف بدعوة الشعب إلى التحرّك! هذا ما يحصل في ملف اللاجئين السوريين، وفي ملف الكهرباء، وأزمة السير، والنفايات، والجرائم العشوائية...واللائحة تطول! وفي المبدأ، يثور الشعب ضدّ السلطة الحاكمة. أو لحضّها على التحرّك والقيام بواجباتها. لكن، فقط في لبنان، يدعو السياسيون إلى الثورة ضدهم! الأنكى، هو أن السياسيين يعرفون المزاج العام اللبناني. الأغلبية ربما، باتت واعية لمخاطر إطلاق النار عشوائياً، وبخاصة بعد صدور قانون يُجرّم هذا الفعل العام الماضي، إن لم نقل بعد أن باتت العائلات اللبنانية في حال حداد شبه دائم على فرد أو قريب أو صديق أو بعيد! ثمّ ماذا لو قادت الناس ثورة وانتشر المواطنون في الشوارع والساحات من أجل هذه القضية المحقة؟ هل حقاً سيشكلون قوة ضغط قادرة على التغيير؟ وماذا لو رُشّ الناس بخراطيم المياه؟ أو اعتُقلوا وتمّ تخوينهم؟ أو وضعوا في مواجهة مباشرة مع شريحة أخرى من اللبنانيين؟ ولعلّ ظاهرة معالجة نتائج المشكلة وتداعياتها، وليس المشلكة بحدّ ذاتها، فيها من الخطورة والسلبية والجهل بما لم يعد يُحتمل. هل تعرفون أن بعض المواطنين وجدوا الحلّ الأمثل في ترسيب التلميذ الذي يطلق والده أو أحد أفراد عائلته النار ابتهاجاً، حتى لو كان ناحجاً أو متفوقاً؟! هل تعرفون خطورة هذا الطرح الذي يحاكي المثل القائل:"الآباء يضرسون والأبناء يأكلون الحصرم"؟ هل الدعوة إلى الاقتصاص من قاصر او طفل تؤشر إلى وعي كامل، أم إلى تفكير مراهق لا يبني مجتمعاً ولا وطناً؟! الحلّ طبعاً ليس بيد المواطن، وإن كان يلعب دوراً مهماً في نشر ثقافة عدم استخدام السلاح. الحلّ يبدأ ربما بعدم "توزيع" تراخيص السلاح وكأنها "بقلاوة" أو جوائز ترضية. ويبدأ بفرض هيبة غير استنسابية وكاملة ومستدامة. ويبدأ بوقف الفساد والمحسوبيات. يبدأ بالتأكيد بالمحاسبة والمساءلة وتحمّل المسؤوليات، بدءاً من رأس الهرم إلى اسفله. الحلّ يلحظ وضع خطّة كاملة متكاملة تشمل النهوض بالمناطق ورفع الظلم عنها والحدّ من الفقر، وتطبيقها. الحلّ ليس طبعاً بالدعوة إلى "إحياء" قانون الإعدام، بل ببثّ الروح في ثقافة الحياة. ولعلّ أي حلّ لم يكون قابلاً للعيش ما دام قرار الحرب والسلم ليس بيد الدولة، وما دام هناك من لا يُعارض تحويل الساح الداخلية أرضاً خصبة للحروب!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك