Advertisement

المرأة

الأدوار الإجتماعية.. تصيب المرأة والرجل بالضياع

Lebanon 24
21-07-2017 | 00:35
A-
A+
Doc-P-339296-6367055614439062111280x960.jpg
Doc-P-339296-6367055614439062111280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
علا صوته، فسمعَه جميع المدعوّين على ذاك العشاء قائلاً: "بدِّك تعملي رجّال؟" لزوجته التي اقترَن بها منذ أقلّ من شهر. شعرَت الزوجة بالإحراج والخجل، هي التي كان ذنبُها أنّها قرّرت قبول دعوةِ أصدقاء لهما للقيام برحلة في عطلة نهاية الأسبوع، من دون العودة له. تُرى لِما كلّ هذا الانفعال؟ هل تقتصر ردّة الفعل على قبول الدعوة أم أنّ ثمّة أموراً مخفية بين العروسَين؟ إنّها ببساطة لعبة الأدوار الاجتماعية في الحياة اليومية لكلّ منهما، للرَجل والمرأة، والتي نتوارثها عبر الأجيال، وتختلف بين بيئة وأخرى إلى درجة عدم القدرة على التعايش مع اختلافها. يقتصر دور المرأة في بعض المجتمعات على الحمل والولادة، الطهو والاهتمام بالبيت والعائلة، وهي غالباً بعيدة تماماً عن موقع اتّخاذ القرارات أو حتّى المناقشة بها، فالمسمّى الوظيفي لها واضح ولا يحتمل أيّ تخَطٍّ له وإلّا تعرّضَت للعقاب والشتم والضرب أحياناً. والرَجل في هذه الحال سيّد نفسِه وسيّد بقية أفراد العائلة مع ما تضمّ من أمّ وزوجة وأخوات وأبناء وبنات. أمّا في مجتمعات أخرى فللمرأة مكانتُها، مركزها الذي يساوي ويفوق الرَجل أحياناً، ويتعامل أفراد هذا المجتمع مع الوضع بطريقة طبيعية وتلقائية، غير آبهين لموضوع جنس الفرد، رجلاً كان أم أنثى، فما يتعاطون معه هو قدراته ومهاراته. وبين المجتمعات الذكورية والأخرى المنفتحة الكثيرُ الكثير ممّن لا يمكنهم التموضع والتمتّع باستقرار. نراهم ذكوراً وإناثاً، وبعد تحصيل علميّ معيّن واحتكاكٍ ببيئة مختلفة، توّاقين للتغيير. سعياً للتطوّر والحضارة يرفضون ما نشأوا عليه من عادات، يريدون التغييرَ الجذري تكريماً لأمّ أو حبيبة أو إبنة، ولكنّهم يصطدمون بتجذّر ما نشأوا عليه، وما تناقلوه عبر الأجيال، في وعيهم ولاوعيهم. هذا، بالإضافة إلى نظرة الإدانة التي يوجّهها لهم المحيطون، والإحراج الذي يتسبّبون لهم به، فنرى صديقنا في بداية المقال ينفعل ويصرخ بسبب اتّخاذ زوجته قراراً بسيطاً بقبول دعوة للقيام برحلة، فالمشكلة ليست في القبول ولا في الرحلة، بل في شعوره الكامن بالمس برجولته التي ورثها عن أبيه وجدِّه وهلمّ جرّ. تكثر الصراعات في هذه المجتمعات بين الأزواج بسبب الأدوار الاجتماعية. فعندما تتعرّف الأنثى على الرجل تراه منفتحاً، داعماً للمرأة بشكل عام. هي تلاحظ الذكورية في عائلته، لكن ذلك لا يقلِقها، إلى أن تتمّ الأفراح وتنتقل للعيش في منزل الزوجية. يصبح الزوجُ الحديثُ العهد، ما بين الحضارة والصور التقليدية التي نشأ عليها، متنازعاً، متمزّقاً، يريد إرضاء الزوجة الحبيبة، والعيشَ معها كما في مرحلة ما قبل الزواج من جهة، وبين صورٍ تَوارَثها عن الرجل، وذهنية ليس من السهل تعديلها. فكلّ تغيير وتطوّر في دور المرأة يَقبل به يُعتبَر خيانةً لإرثه الذكوري عبر الأجيال. تلاحظ المرأة انشقاقاً في طريقة تعاملِ زوجها معها ومع الأمور المشتركة، في غياب أو حضور الأشخاص الذين يحملون راية الإرث العائلي والاجتماعي، أي أنّ ما تقوم به ويتقبّله بشكل عفوي وتلقائي، يَرفضه أمام أبناء بيئته، لا بل يقوم بردّات فعل تستغربها الزوجة وترفضها. فهو يلعب دورَ الرَجل في بيئته لإثبات وفائه لمن أورثه رجولتَه، وللحصول على الرضى والتقدير من المحيطين. التغيير آتٍ وحاصل في بعض المجتمعات الذكورية، لكنّه يتسبّب بصراعات كثيرة، ويظنّ البعض بأنّ من يعاني من ذلك هي الأنثى، لكنّ الرجل أيضاً ضحية الضياع بين صورةِ من يريد ويرغب بأن يكون وما هو فعلاً عليه، وصورة المرأة التي تَربّى عليها وتلك التي يَحلم بها، تلك التي يحرّر من خلالها أمّاً وأختاً وحبيبة، ولكنّ ذلك ليس بالأمر السهل ونحتاج معه لوعي ومرونة على صعيد المجتمع ككلّ بجميع شرائحه العمرية. (ساسيليا ضومط - الجمهورية)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك