Advertisement

مقالات لبنان24

الحريري.. وسقف التوقّعات في البيت الأبيض!

جمال دملج

|
Lebanon 24
23-07-2017 | 07:16
A-
A+
Doc-P-340464-6367055622910775811280x960.jpg
Doc-P-340464-6367055622910775811280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تطوّران بارزان ينبغي على رئيس الوزراء اللبنانيّ سعد الحريري أخذ تداعياتهما في الاعتبار بعنايةٍ فائقةٍ لدى تقديم مقارباته حول الملفّات المحلّيّة والإقليميّة التي سيطرحها على مائدة البحث مع المسؤولين الأميركيّين خلال زيارته الحاليّة للولايات المتّحدة، يتمثَّل الأوّل في وجوب التسليم بأنّ القرار المفاجىء الذي اتّخذه الرئيس دونالد ترامب مؤخَّرًا بشأن تجميد البرنامج السرّيّ لوكالة المخابرات المركزيّة الخاصّ بتسليح المعارضة السوريّة، حمل في طيّاته ما يكفي من الدلائل للتأكيد على أنّ التفاهمات التي توصّل إليها سيّد البيت الأبيض مع نظيره الروسيّ فلاديمير بوتين أثناء لقائهما في مطلع شهر تمّوز الجاري على هامش قمّة "مجموعة العشرين" في هامبورغ، لا تزال تصبّ بشكلٍ تدريجيٍّ في مصلحة مؤسّسات الدولة السوريّة متمثِّلة بنظام الرئيس بشّار الأسد، سواءٌ بشكلٍ مباشِرٍ أم غير مباشِرٍ، بينما يتمثَّل الثاني في وجوب الاقتناع بأنّ سبب اختيار قيادة "حزب الله" فجر أوّل من أمس الجمعة كساعةِ صفرٍ لبدء معركة جرود عرسال، أي قبل يومٍ واحدٍ من موعد وصوله إلى واشنطن، لم يكن يتعلَّق على الإطلاق بما تمّ الترويج له في أكثر من منبرٍ إعلاميٍّ عن أنّ الحزب يستهدف إحراجه خلال الزيارة، بل على العكس تمامًا، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ الإنجازات العسكريّة التي تحقّقت لغاية الآن في الجرود لا بدّ من أن تمنحه ورقة ضغطٍ يمكن أن تصبّ في مصلحة لبنان إذا ما أحسن استخدامها في إطارها الوطنيّ العامّ، بعيدًا عن الحسابات السياسيّة المحلّيّة الضيّقة، نظرًا لأنّ المعركة موجَّهةٌ في الأساس ضدّ جماعاتٍ إرهابيّةٍ لم يتوقّف المجتمع الدوليّ يومًا عن الادّعاء بأنّه عازمٌ على مواصلة محاربتها حتّى الإرهابيّ الأخير. على هذا الأساس، يصبح في الإمكان القول إنّ "بارومتر" سقف التوقّعات المنتظَرة من هذه الزيارة سيبقى مرتبطًا بأيّ تعديلاتٍ يمكن للرئيس الحريري أن يُدخلها على مقارباته التقليديّة بما يتناسق مع واقع الحال المستجدّ في دول الإقليم على خلفيّة التطوّرين الآنفيْ الذكر، وخصوصًا لدى توجُّهه للقاء الرئيس ترامب في البيت الأبيض بعد غدٍ الثلاثاء، حيث سيتحدَّد هناك بشكلٍ حاسمٍ ما إذا كان قطوع تسوية الأزمة السوريّة سيمرّ على لبنان بخيرٍ أم لا، علمًا أنّ مؤشِّر ارتفاع أو هبوط منسوب التفاؤل بالخير سيبقى على الدوام رهنًا بإرادة اللبنانيّين وبمدى إدراكهم لأبعاد خارطة الارتصافات الإقليميّة والدوليّة الجديدة التي تتشكّل للتوّ. وإذا كان اثنان لا يختلفان على أنّ قضيّة النازحين السوريّين التي أصبحت على مرّ الأعوام الستّة الماضية بمثابةِ قنبلةٍ موقوتةٍ تهدِّد الكيان اللبنانيّ في الصميم هي واحدة من أبرز المسائل المدرجة على جدول أعمال لقاء ترامب – الحريري المرتقب، فإنّ ترجيح كفّة التفاؤل على كفّة التشاؤم بالنسبة لاحتمالات تأثير هذه القضيّة بشكلٍ سلبيٍّ على استقرار لبنان في المستقبل يبدو اليوم منطقيًّا أكثر من أيّ وقتٍ مضى، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ الجهد الأميركيّ – الروسيّ المشترَك يتركّز في الوقت الراهن على إثبات جدوى إقامة "مناطق خفض التوتّر" في سوريا تمهيدًا لإعادة النازحين إلى ديارهم، علاوةً على أنّ التسريبات التي تحدّثت مؤخَّرًا عن أنّ الرئيس الحريري أبلغ القيادة السوريّة عن طريق موفدٍ خاصٍّ باستعداد لبنان الرسميّ للتنسيق معها بشكلٍ مباشِرٍ حول موضوع عودة النازحين بدت وكأنّها خطوة في الاتّجاه الصحيح، الأمر الذي يعني في المحصّلة النهائيّة عدم وجود اختلافات في المقاربتين الأميركيّة واللبنانيّة حول هذه القضيّة من شأنها تعكير أجواء لقاء البيت الأبيض بعد غدٍ الثلاثاء، علمًا أنّ النذائر التي شهدها اللبنانيّون خلال الأيّام القليلة الماضية على خلفيّة انقساماتهم المتواصلة في الرأي حيال طريقة معالجة أزمة النزوح السوريّ حملت في سياقها ما يكفي للتأكيد على وجود أصابعَ خفيّةٍ باتت تسعى جاهدةً إلى تحريك النار المتأجِّجة تحت رماد المخيّمات، أملًا في إشعالِ حريقٍ من شأنه أن يخدم مصالحَ وسياساتِ أفرقاء محلّيّين وإقليميّين ما زالوا يراهنون على أنّ رحيل الرئيس الأسد قدرٌ محتَّمٌ ولا مفرّ منه، وذلك على رغم كافّة المؤشِّرات التي ما زالت تؤكِّد مسألة بقائه حتّى إشعارٍ آخَر يومًا بعد يوم. وإذا كانت مساعي الأصابع الخفيّة غير الحميدة قد ظهرت مؤخَّرًا في خضمّ الحملة الإعلاميّة الفاشلة التي استهدفت النيل من سمعة الجيش اللبنانيّ في أعقاب نجاح عناصره في تفكيك الخليّة الإرهابيّة داخل أحد مخيّمات عرسال، فإنّ هذا النجاح الذي يندرج في سياق ما حقّقته المؤسّسات العسكريّة والأمنيّة في لبنان من إنجازاتٍ مبهرةٍ في مجال حربها الاستباقيّة على الإرهاب، لا بدّ من أن يشكِّل بطبيعة الحال الموضوع الأهمّ الذي ستُطرب لسماعه آذان جميع المسؤولين الأميركيّين أثناء لقاءاتهم مع الرئيس الحريري، بمن فيهم الرئيس ترامب نفسه، تمامًا مثلما لا بدّ من أن يشكِّل أيضًا الورقة الأقوى التي من شأنها تمكين الرئيس الحريري بدوره من استعادة الموقع اللائق بلبنان في حسابات الدول المعنيّة بمحاربة الإرهاب، اللهمّ إلّا إذا لم يوفَّق في إعداد مقاربته حول مغزى التفاهمات الأميركيّة – الروسيّة وارتباطها بعودة النازحين السوريّين إلى "مناطق خفض التوتّر" بالشكل الصحيح. أمّا بالنسبة إلى موضوع "حزب الله"، فلربّما كانت الإنجازات الميدانيّة التي يواصل مقاتلو الحزب تحقيقها في معركة جرود عرسال لليوم الثالث على التوالي كافيةً لكي يقدِّمها الرئيس الحريري للأميركيّين كنموذجٍ يُحتذى به في العلوم العسكريّة المتعلِّقة بمكافحة الإرهاب، وبالتالي، لإقناعهم بلغة المنطق أنّ فرض العقوبات على حزبٍ لبنانيٍّ على خلفيّة اتّهامه بالإرهاب في وقتٍ يُثبت فيه جدارته يومًا بعد يومٍ في مجال محاربة الإرهاب لا يمتّ للمنطق بأيّ صلةٍ، علّ وعسى أن يجد في البيت الأبيض هذه المرّة آذانًا صاغية، علمًا أنّ كافّة المؤشِّرات ما زالت تدلّ على أنّ "حزب الله" يواصل التحرُّك في مواجهة العقوبات بأريحيّةٍ تامّةٍ، شأنه في ذلك شأن إيران، وشأن روسيا أيضًا.. وهذه رسالةٌ بالغةُ الدقّة ينبغي على اللبنانيّين تفهُّمها جيّدًا، قبل الأميركيّين، إذا ما أرادوا أن يمرّ قطوع تشكيل الارتصافات الإقليميّة والدوليّة الجديدة على بلادهم بخيرٍ.. وأغلب الظنّ أنّ الملامح الأوّليّة لهذا التفهُّم ستظهر في البيت الأبيض بعد غدٍ الثلاثاء.. والخير دائمًا من وراء القصد!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك