Advertisement

صحافة أجنبية

قراءة في الخارطة السياسية في سنة الانتخابات.. التيار الوطني الحر.. جبران باسيل

Lebanon 24
23-07-2017 | 17:27
A-
A+
Doc-P-340592-6367055623836762651280x960.jpg
Doc-P-340592-6367055623836762651280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تنطبق على التيار الوطني الحر هذا العام صفة «الحزب الحاكم»، وهذا ما يحدث لأول مرة مع حزب سياسي «مسيحي» منذ الطائف. فقد توج «التيار» مسيرة سياسية حافلة بوصوله إلى «قمة السلطة»... وبانتخاب زعيمه العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. هذه المسيرة كانت قد انطلقت العام 2005 بعد عودة عون من المنفى الباريسي وأكسبها التفاهم الموقع مع حزب الله عام 2006 قوة دفع، وتدرجت صعودا في مجلس النواب مع كتلة نيابية كبيرة هي الثانية من حيث الحجم، ومع دخول الحكومات المتعاقبة منذ عشر سنوات من الباب العريض، حتى كان الإنجاز الأكبر في الوصول إلى قصر بعبدا بعد مخاض عسير. قبل انتخابه رئيسا واستباقا للمرحلة الجديدة، عمد العماد عون إلى ترتيب البيت الداخلي ونقل رئاسة التيار إلى الوزير جبران باسيل. فمن جهة كان عون مصمما على أن يصبح رئيسا وواثقا من نفسه وفرصته في الوصول، بحيث يكون مضطرا للتخلي عن رئاسة التيار ولإخلاء مقعده النيابي في كسروان.. ومن جهة ثانية كان عون مدركا أن انتقال الرئاسة والسلطة في التيار لا يكون سلسا وهادئا إلا إذا حصل تحت إشرافه ورعايته، وأن باسيل ليس قادرا وحده على احتواء الخلافات والتناقضات وحسم الوضع لمصلحته. أصبح باسيل رئيسا فعليا للتيار الوطني الحر منذ لحظة انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، ليدخل مرحلة الاختبار الفعلي لقدراته السياسية. وقد خاض معركة سياسية «شرسة» ومن موقع «المفاوض المسيحي الأول» في ملف قانون الانتخاب.. معركة انتهت إلى تسوية على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب».. وإلى قانون جديد ليس هو القانون الذي أراده باسيل بعدما جرى رفض المشاريع والصيغ التي طرحها وإسقاطها تباعا. حصل اصطدام عنيف بين باسيل وكل من الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط بسبب قانون الانتخاب. ووجهت انتقادات إلى باسيل بأنه أدار المعركة معهما بطريقة استفزازية أثارت المشاعر والنعرات الطائفية والسياسية وأسهمت في تعبئة الشارعين الشيعي والدرزي. في موازاة هذا الاصطدام طرأ تغيير في مسار العلاقة بين التيار وكل من حزب لله والمستقبل: ٭ العلاقة بين التيار وحزب الله لم تعد في مستواها السابق، وفقدت الحرارة التي كانت لها قبل انتخابات الرئاسة.. لم يحصل ذلك بسبب التغيير الحاصل في موقع الرئيس عون والفارق الطبيعي بين «عون الحليف» و«عون الرئيس»، وإنما حصل ذلك بسبب تدخلات باسيل وتجاوز دوره وموقعه كرئيس للتيار وممارسته دور «الرئيس الظل» والتقدم باقتراحات وأفكار لا تنسجم مع ما كان يطرحه الرئيس عون سابقا في تأييده الكامل للنسبية الكاملة. وهذا التمايز من جانب باسيل ظهر في أوضح أشكاله وأكثرها نفورا في الاجتماع الشهير الذي انعقد في قصر بعبدا بين وفد قيادي رفيع المستوى من حزب الله والرئيس عون الذي حرص على مشاركة باسيل في الاجتماع وأن يكون متحدثا باسم رئيس الجمهورية وتكون له الكلمة المسموعة. وإثر هذا الاجتماع حصل هبوط في العلاقة بين باسيل وحزب الله الذي وصل الأمر عند بعض أوساطه إلى حد تحميل باسيل مسؤولية الإخلال بقواعد العلاقة التحالفية، وما أدى إليه ذلك من تأثير سلبي على المناخ المميز بين التيار والحزب، وأن باسيل بدد في خلال أشهر ما كان بناه الرئيس عون في خلال سنوات، وتحديدا على صعيد الحالة المسيحية المؤيدة لحزب الله والمتحولة إلى الخيار الشيعي وإلى ثنائية مارونية شيعية في بلد قائم منذ استقلاله على ثنائية مارونية سنية. الخلل في مسار العلاقة الذي كشفه اجتماع بعبدا، جرى تصحيحه في اجتماع حارة حريك بين باسيل والسيد حسن نصرالله الذي دخل شخصيا على خط أزمة قانون الانتخاب لتسويتها. وكان حرص السيد نصرالله على رد الاعتبار السياسي لـ «باسيل» الذي لم يكن له ما يريد في قانون الانتخاب. ٭ العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل قفزت قفزة كبيرة إلى الأمام إلى حد أنها صارت تزاحم وتنافس علاقة التيار وحزب الله، وتتقدم عليها في «لعبة الصراع على السلطة». هذه العلاقة التي أرسى قواعدها الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري ابتداء من لقاء باريس السري الشهير، تعززت من خلال جبران باسيل ونادر الحريري اللذين وطدا علاقتهما الشخصية وأقاما علاقة سياسية مقفلة على الآخرين، وهندسا معا كل خطة الشراكة في الحكم وما احتوته من تفاهمات في السياسة والإدارة والمشاريع.. الحزبان اللذان كانا الأكثر تباعدا وخصومة سياسية صارا الأكثر تفاهما وتقاربا. كل واحد أسهم في وصول الآخر إلى قمة الحكم. وكل واحد يحتاج إلى الآخر كي يبقى في الحكم. ولذلك يجري تبادل الخدمات والتسهيلات والمساعدات. ٭ وأما العلاقة الثالثة في حسابات التيار الوطني الحر، فهي العلاقة الحديثة العهد مع القوات اللبنانية والتي أثمرت في الاستحقاقين الرئاسي والحكومي، ولكنها تعثرت بعد ذلك سواء في قانون الانتخاب الذي لم يكن التنسيق فيه كما يجب، وفي التعيينات الإدارية التي لم يكن التوزيع المسيحي فيها كما يجب من وجهة نظر القوات التي تعتبر أن باسيل لا يتعاطى معها كشريك في الحكم. والسؤال المطروح للمرحلة المقبلة: هل سيكون التعاطي بين القوات والتيار في الانتخابات المقبلة من موقع تحالف أم تنافس انتخابي؟! قانون الانتخابات الجديد عدل في قواعد اللعبة بحيث ان التحالف لم يعد هو القاعدة وإنما بات الاستثناء وفي دوائر محددة، لأن كل طرف يريد أن يفوز ويفصل تحالفاته المفتوحة على هذا الأساس. ولذلك فإن الانتخابات بدل أن تكون محطة تثبيت وتعزيز التحالف السياسي، فإنها قد تكون، وعلى الأرجح، محطة افتراق في المصالح الانتخابية وهبوط في حرارة العلاقة السياسية، ويكون اتفاق معراب أعطى ثماره وحقق أهدافه في الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب ووقف عند هذا الحد.. وما يعزز هذا المسار للأمور أن الطرفين ينظران الى أبعد من الانتخابات النيابية وإلى مرحلة جديدة أفقها الانتخابات الرئاسية. وليس خافيا على أحد أن مشروع باسيل هو الوصول يوما ما إلى رئاسة الجمهورية. يعرف الوزير باسيل جيدا أنه أمام تحد ومعركة صعبة. فالقانون الجديد ليس القانون الذي كان يتمناه ويريده ويسعى إليه. وهذا القانون يتسبب للتيار الوطني الحر في خسارة نصف مقاعده تقريبا في جبل لبنان (من جبيل وكسروان الى المتن وبعبدا)، وسيكون عليه تعويض ذلك في دوائر أخرى لم يسبق أن كان للتيار فيها أي مقاعد نيابية في الشمال والبقاع وبيروت، ولا يستطيع أن يضمن النتائج المرتبطة بطبيعة التحالفات وقوة «الأحصنة»، أي المرشحين. كما أن باسيل على بينة من صعوبات وتعقيدات موجودة ليس فقط على المستوى الانتخابي وإنما أيضا داخل التيار الوطني الحر الذي يشهد ما يشهده كل حزب وصل إلى «الرئاسة الأولى» والى نقطة الذروة في مسيرته السياسية من استرخاء وتراخ، أو من تصارع على مواقع السلطة والنفوذ.. وأيضا ما يواجهه على المستوى العام من بيئة سياسية غير حاضنة لطموحه ومشروعه الرئاسي، ومن تقاطع مصالح موجود لقطع الطريق عليه وانطلاقا من «تفشيل العهد». ولكن أهم وأقسى ما يواجهه التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل هو حالة عدم الاستقرار النفسي والمعنوي، لأن كل الوضع مرتبط بموقع الرئاسة وكل البنيان السياسي المرتفع مبني على شخص الرئيس ميشال عون الذي حرص على إتمام عملية انتقال سلس لرئاسة التيار منه إلى باسيل قبل الدخول إلى قصر بعبدا، والذي يحرص وهو في بعبدا على أمرين: الأول «إنجاح العهد» وتحقيق الأهداف المحددة في التغيير والإصلاح وتحسين الاقتصاد والخدمات ومستوى المعيشة ومكافحة الفساد وتعزيز الشراكة ومحاربة الإرهاب وتقوية الجيش. فالرئيس عون يريد أن يكون رئيسا مميزا وعلامة فارقة وأن يترك بصماته، لا أن يكون رقما إضافيا في المفكرة الرئاسية وعلى لائحة الرؤساء المتعاقبين في مرحلة ما بعد الطائف.. وأما الأمر الثاني، فهو تعبيد الطريق الرئاسي أمام باسيل وفي إطار المعادلة الثلاثية الأبعاد (حزبيا وسياسيا وطائفيا) التي أوصلته إلى قصر بعبدا: «علاقة تحالف» مع حزب الله على المستوى الوطني، «علاقة شراكة» مع تيار المستقبل على مستوى الحكم والسلطة، و«علاقة تفاهم وتعاون» مع القوات اللبنانية على مستوى الساحة المسيحية.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك