Advertisement

مقالات لبنان24

النموذج الروسيّ لنهاية الحرب السوريّة!

جمال دملج

|
Lebanon 24
25-07-2017 | 12:23
A-
A+
Doc-P-341447-6367055630176534661280x960.jpg
Doc-P-341447-6367055630176534661280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يكن الإعلان عن بدء تفعيل مهمّات نقاط التفتيش المشتركة بين الشرطة العسكريّة الروسيّة والجيش السوريّ في الغوطة الشرقيّة أكثر أو أقلّ من مؤشّرٍ واضحٍ وجليٍّ على مدى ارتياح موسكو حيال ما آلت إليه الأوضاع الميدانيّة في سوريا إثر نجاح فكرة إقامة "مناطق خفض التوتّر" التي انبثقث عمّا توصّل إليه الرئيسان فلاديمير بوتين ودونالد ترامب من تفاهماتٍ خلال لقائهما الأخير على هامش قمّة "مجموعة العشرين" في مدينة هامبورغ الألمانيّة قبل قرابة الثلاثة أسابيع، ولا سيّما بعدما أصبح في حكم المؤكَّد أنّ الجانبين الروسيّ والأميركيّ يعتزمان العمل على تطبيق الفكرة نفسها في مناطقَ سوريّةٍ أخرى، من الشمال إلى الجنوب، بما في ذلك محافظة إدلب، الأمر الذي لا بدّ من أن يشي في بعض تجلّياته بأنّ الآمال المعلَّقة على اقتراب موعد فضّ الأزمة السوريّة وتسويتها بشكلٍ نهائيٍّ ودائمٍ أوشكت على أن تتحقَّق بالفعل. لا شكّ في أنّ لهذا التفاؤل الملحوظ ما يبرِّره في هذه الأيّام على خلفيّة عدّة تطوّراتٍ لافتةٍ استجدّت مؤخَّرًا على أكثر من صعيدٍ دوليٍّ وإقليميٍّ ومحلّيٍّ، بدءًا من تسليم الإدارة الأميركيّة الحاليّة بعدم وجود أيّ مجالٍ أمام الولايات المتّحدة لمواصلة حربها على "داعش" من دون التنسيق بشكلٍ مباشِرٍ مع روسيا، مرورًا بانشغال الدول الخليجيّة التي كانت حتّى الأمس القريب فاعلةً بقوّةٍ على الساحة السوريّة بتداعيات الأزمة الداخليّة الراهنة مع قطر، وكذلك بتحويل إبرة بوصلة الاهتمامات التركيّة من سوريا إلى الخليج في ضوء جهود الوساطة التي يبذلها الرئيس رجب طيّب أردوغان حاليًّا هناك، ووصولًا إلى الإنجازات العسكريّة المبهرة التي تمكّن مقاتلو "حزب الله" من تحقيقها خلال المعارك المتواصلة منذ فجر الجمعة الماضي في جرود عرسال ومحيطها، وهي التطوّرات التي أتاحت وما زالت تتيح لمحور الارتصاف الروسيّ – الإيرانيّ – السوريّ الفرصة تلو الأخرى لإثبات جدارة النموذج الذي يعتمدون عليه في حربهم على الإرهاب، قياسًا بنماذجَ أخرى أميركيّةٍ وأوروبيّةٍ وأطلسيّةٍ سابقةٍ لطالما كان أصحابها يدّعون أنّهم عازمون على محاربة الإرهاب بينما كانت الخلايا الإرهابيّة تتكاثر وتنمو أمام أعينهم منذ هجمات الحادي عشر من أيلول عام 2001 على نيويورك وواشنطن ولغاية يومنا الراهن. على هذا الأساس، يصبح في الإمكان القول إنّ بدء تفعيل نقاط التفتيش الروسيّة – السوريّة المشترَكة في غوطة دمشق الشرقيّة وغيرها من "مناطق خفض التوتّر" يأتي في سياق خطوةٍ تحمل على إيقاعها الكثير من المؤشِّرات على أنّ الأوضاع في سوريا ماضيةٌ في التحسُّن، وخصوصًا إذا وضعنا في الحسبان أنّ الغرض من إقامة مثل هذه النقاط يعني في الأدبيّات العسكريّة الروسيّة أنّ مهمّة عناصر الشرطة تقتصر على تثبيت الأمن في ميادين الحروب بعدما تكون قوّات الجيش قد فرضته أصلًا، على غرار ما حدث أثناء حرب الشيشان الثانية قبل سبعة عشر عامًا عندما لم تبادر قيادة الأركان في موسكو بالموافقة على إقامة حواجزَ أو نقاطِ تفتيشٍ للشرطة في أيّ منطقةٍ شيشانيّةٍ إلّا بعد تأكُّدها من أنّ قوّات الجيش أزالت بالكامل مكامن الخطر عن تلك المنطقة، الأمر الذي يتكرَّر للتوّ في سوريا وفقًا للنموذج الشيشانيّ الناجح. من هنا، لم يكن مستغرَبًا أن يتضمّن بيان وزارة الدفاع الروسيّة اليوم الثلاثاء توضيحًا مؤدّاه أنّ نقطة التفتيش المشترَكة في الغوطة الشرقيّة ستعمل على مراقبة وسائل النقل، وتفحُّص أوراق سائقيها وركّابها، والبحث عن الأسلحة والذخائر، وذلك في محاولةٍ للحدّ من نشاط مسلّحي "جبهة النصرة" في تلك المنطقة، تمامًا مثلما لم يكن مستغرَبًا أيضًا أن تتضمّن المنشورات التي ألقتها مروحيّاتٌ سوريّةٌ على مناطقَ متفرِّقةٍ من محافظة إدلب نداءاتٍ تدعو الناس هناك إلى ترك السلاح مع التأكيد على ضمان سلامتهم، ولا سيّما أنّ إلقاء هذه المنشورات تزامَن مع ما أوردته وكالاتُ أنباءٍ روسيّةٌ عن أنّ موسكو تخطِّط لإقامةِ منطقةٍ جديدةٍ لخفض التوتّر في المحافظة. وإذا كانت المنشورات قد أكّدت أيضًا، ومن دون مواربةٍ، على أنّ الأزمة السوريّة أصبحت في طريقها إلى الانفراج، فإنّ مردّ ذلك لا بدّ من أن يعود بالدرجة الأولى إلى التطوّرات الآنفة الذكر التي استجدّت مؤخَّرًا على الأصعدة المحلّيّة والإقليميّة والدوليّة، سواءٌ في معارك الجرود أم في الأوضاع الخليجيّة أم في حسابات البيت الأبيض، الأمر الذي لا بدّ من أن يؤكِّد بالتالي على أنّ هزيمة الإرهاب في سوريا أصبحت وشيكةً أكثر من أيّ وقتٍ مضى من عمر الأزمة، وأنّ القادم من الأيّام سيكون أفضل.. وحسبي أنّ العالم يتعلَّم للتوّ جدوى المراهنة على مدى فاعليّة وبراعة النموذج الروسيّ في مكافحة الإرهاب.. وللحديث عن هذا النموذج تتمّة!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك