Advertisement

مقالات لبنان24

عاصفة السوخوي.. وبوادر النصر الروسيّ الأكيد في سوريا (1)

جمال دملج

|
Lebanon 24
12-09-2017 | 04:54
A-
A+
Doc-P-364871-6367055816541691291280x960.jpg
Doc-P-364871-6367055816541691291280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
في مثل هذه الأيّام من شهر أيلول عام 2015، وبينما كانت المؤشِّرات تدلّ تِباعًا إلى اقتراب موعد انفراط عقد مؤسّسات الدولة السوريّة بقيادة الرئيس بشّار الأسد تحت تأثير فاعليّة النقلات النوعيّة التي تمكَّنت فصائل المعارضة المعتدِلة والمتطرِّفة من تحقيقها ميدانيًّا على الأرض، سارع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين إلى جمع كبار مستشاريه السياسيّين والعسكريّين من أجل وضع اللمسات الأخيرة على خطّته الخاصّة بمحاربة الإرهاب في العمق السوريّ، تمهيدًا للإعلان عنها لاحقًا بشكلٍ رسميٍّ أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في نيويورك، وذلك بعدما توصَّل إلى قناعةٍ راسخةٍ مؤدّاها أنّ وقوف بلاده مكتوفة الأيدي أمام ازدياد نهم وشراهة اللاعبين الدوليّين والإقليميّين فوق المائدة السوريّة لا بدّ من أن يضعها عاجلًا أم آجلًا في مواجهة خطرٍ إرهابيٍّ داهمٍ لا محالة، الأمر الذي كان كافيًا لإلزامه بالإقدام على خطوةٍ استباقيّةٍ تستهدف تحصين الأمن القوميّ الروسيّ وحمايته من شرّ الساعين إلى العبث به من الأقربين والأبعدين، ولا سيّما أنّ نزعة الاستثمار في تشكيل الخلايا والتنظيمات الإرهابيّة بدت وكأنّها قد تحوَّلت في حينه إلى سمةٍ أساسيّةٍ من سمات سلوك الولايات المتّحدة الأميركيّة وبعض مقاولي سياساتها الإقليميّين في مجال محاولة الالتفاف على ما سبق لروسيا وأن اتّخذته من مواقفَ براغماتيّةٍ حيال ملفّ الأزمة السوريّة، سواءٌ في "جنيف – 1" أم في "جنيف – 2"، وهي المواقف التي بُنيَت منذ البداية على أساس ثوابت المبدأ القائل بأنّ لا تسويةً لهذه الأزمة يمكن التوصُّل إليها إلّا من خلال إطلاق عمليّةٍ سياسيّةٍ تُفضي إلى مرحلةٍ انتقاليّةٍ بقيادة الجمهوريّة العربيّة السوريّة. القبطان الروسي عامان كاملان إذن أوشكا على الانقضاء في الروزنامة الروسيّة منذ بداية ما اتُّفق على تسميته مجازًا بـ "عاصفة السوخوي" يوم الثلاثين من شهر أيلول عام 2015، بينما يتواصل في الوقت الراهن ظهور المؤشِّر تلو الآخَر على أنّ الرئيس بشّار الأسد أوشك بدوره على حسم الحرب لصالحه في غضون الأيّام القليلة المقبلة، خلافًا لما دلَّت إليه مؤشِّرات الأوضاع الميدانيّة خلال مرحلة ما قبل الانخراط الروسيّ المباشِر في هذه الحرب، الأمر الذي يستوجب التوقُّف عنده بإمعانٍ، واستحضار وقائعه إلى الذاكرة، ولا سيّما أنّ حصيلة الإنجازات التي تمكَّنت روسيا من تحقيقها في المجال الحيويّ السوريّ لم تعد تقتصر حاليًّا على الجانب العسكريّ بأبعاده السياديّة المتعلِّقة بتثبيت دعائم مؤسّسات الدولة متمثِّلةً بنظام الرئيس الأسد وحسب، بل وصلت أيضًا إلى حدِّ الحصول على مكاسبَ سياسيّةٍ وديبلوماسيّةٍ واستراتيجيّةٍ بالغة الأهميّة من حيث دلالاتها المتعلِّقة بشكل موازين القوى الدوليّ والإقليميّ الذي سيُحدِّد ملامح الشرق الأوسط الجديد اعتبارًا من الآن وحتّى إشعارٍ آخَر، وخصوصًا بعدما بات في حكم المؤكَّد أنّ الولايات المتّحدة قبلت في نهاية المطاف، ولو على مضضٍ، بتسليم دفّة قيادة السفينة السوريّة إلى برّ الأمان للقبطان الروسيّ، شأنها في ذلك شأن دول الإقليم التي بقيت حتّى الأمس القريب فاعلةً ومؤثِّرةً في مجال تحديد إبرة بوصلة تلك السفينة، والتي لم يعد يُسمَع لها أيّ صوتٍ ينادي بوجوب رحيل الرئيس الأسد عن السلطة كشرطٍ مسبَقٍ لتحقيق التسوية المطلوبة، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر. من هنا، يُصبح في الإمكان القول باطمئنانٍ هذه المرّة إنّ الوفود السوريّة ستبدأ جولة المفاوضات المقبلة يوميْ الرابع عشر والخامس عشر من الشهر الحاليّ في العاصمة الكازاخيّة أستانا وسط أجواءٍ إيجابيّةٍ لم يَسبق لارتفاع منسوب التفاؤل في جدواها أيّ مثيلٍ من قبل، الأمر الذي لم يكن ليُقدَّر له أن يتحقَّق في الأصل لولا تزامُن تحقيق الإنجازات الميدانيّة الآنفة الذكر على جبهات القتال في سوريا مع تسجيل إنجازاتٍ مماثِلةٍ في مجال الحرب على الإرهاب في كلٍّ من العراق ولبنان، وبالتالي، لولا تزامُن هذه الإنجازات العسكريّة مجتمِعةً مع قيام وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لافروف بتكثيف زياراته الرسميّة للدول المعنيّة بالملفّ السوريّ، ولا سيّما أنّه كان قد اختتم يوم أمس الاثنين زيارتين متتاليتين لكلٍّ من السعوديّة والأردن، وذلك بعدما كان قد زار الكويت والإمارات وقطر في وقتٍ سابقٍ من أواخِر الشهر الماضي، سعيًا إلى وضع قادة هذه الدول في أجواء التقدُّم المتوقَّع إحرازه في أستانا خلال الأيّام القليلة المقبلة، وهو التقدُّم الذي كانت المتحدِّثة باسم الخارجيّة الروسيّة ماريا زاخاروفا قد حدَّدت إطاره العامّ في استكمال بحث المسائل المتعلِّقة بإقامة "مناطق خفض التصعيد"، وتعزيز الهدنة، وزيادة المساعدات الإنسانيّة، والعمل على إزالة الألغام. جولات لافروف وإذا كان الاستثمار في هذا الإطار العامّ قد شكَّل على مدى الأشهر الثلاثة الماضية نقطةَ ارتكازٍ للجهد العسكريّ الروسيّ، فإنّ ما يعزِّز الاعتقاد بأنّ سفينة الأزمة السوريّة أوشكت بالفعل على الوصول إلى برّ الأمان، يتمثَّل في أنّ فكرة إقامة "مناطق خفض التصعيد"، وإنْ كانت قد حظيت منذ البداية بتأييدٍ دوليٍّ وإقليميٍّ غيرِ مسبوقٍ جرّاء التوافق المعلَن عليها بين موسكو وواشنطن، ولكنّ مقوِّمات صمودها لم تكن لتترسَّخ إلى هذا الحدّ لو لم يبادر الجانب الروسيّ إلى تطعيم جهده العسكريّ بجهدٍ ديبلوماسيٍّ في الموازاة، على غرار ما فعله الوزير لافروف في عواصم الدول الخليجيّة التي زارها خلال الأسبوعين الماضيين، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ المواقف الأخيرة التي عبَّر عنها وزير الخارجيّة السعوديّ عادل الجبير حيال التسوية المرتقَبة للأزمة السوريّة وفقًا للرؤية الروسيّة الموضوعة بهذا الخصوص، أسوةً بمواقف نظرائه في كلٍّ من الكويت والإمارات وقطر والأردن، حملت في سياقها ما يكفي من الدلالات للتأكيد على وجود إجماعٍ عربيٍّ حول ضرورة وضع آليّة تطبيق هذه الرؤية حيِّز التنفيذ، وهو الإجماع الذي ظلّ يبدو حتّى الأمس القريب وكأنّه من رابع المستحيلات بعد الغول والعنقاء والخِلّ الوفيّ. على هذا الأساس، وبالنظر إلى أنّ روسيا كانت قد أظهرت براعةً فائقةً في مجال ضبط إيقاع العلاقات بين إيران وتركيا، بما قرَّبهما من بعضهما البعض إلى منزلة "الخِلّ الوفيّ" باعتبارهما يشاركانها في تحمُّل مسؤوليّة الدول الضامنة لمفاوضات أستانا منذ إطلاق جولتها الأولى العام الماضي ولغاية يومنا الراهن، وذلك بعدما كاد يصل التوتُّر بينهما مرارًا إلى حدّ التفجُّر، فإنّ السؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو: هل يمكن اعتبار الإجماع العربيّ المذكور حول الرؤية الروسيّة الخاصّة بتسوية الأزمة السوريّة مقدِّمةً أو فاتحةَ خيرٍ لأدوارٍ محتمَلةٍ ستلعبها موسكو في المستقبل القريب لتسوية المزيد من القضايا والأزمات التي تعصف بدول الإقليم، مثل الصراع العربيّ – الإسرائيليّ، والعلاقات الإيرانيّة – العربيّة، والأزمة الخليجيّة – الخليجيّة، وذلك على خلفيّة براعتها الآنفة الذكر في مجال ضبط إيقاع الملفّات الشائكة في العالم؟ سؤالٌ، أغلب الظنّ أنّ الإجابة عنه ما زالت رهنًا بنتائج اختبارات حُسن النوايا التي ستَظهَر تِباعًا بين السوريّين أنفسهم في أعقاب انتهاء الجولة السادسة من مفاوضات أستانا يوميْ الخميس والجمعة المقبليْن، وكذلك بمدى مساهمة من تُسمّيهم روسيا بـ "الشركاء" في إنجاح هذه الجولة، سواءٌ كانوا دوليّين أم إقليميّين، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ المشكلة الوحيدة التي واجهت وقائع ومجريات الحرب الروسيّة على الإرهاب في سوريا لطالما تمثَّلت طيلة العاميْن الماضييْن في سوء تفسير الشركاء لمفهوم الشراكة، وعلى رأسهم الولايات المتّحدة ومن يدور حولها في الفلكيْن الأوروبيّ والعربيّ، وإلّا لكانت هذه الحرب قد تكلَّلت بالنصر قبل أن تُكمِل عامها الأوّل من دون أدنى شكٍّ وبكلّ تأكيد... وللحديث عن المزيد من تلك الوقائع والمجريات تتمّة! (يتبع)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك