Advertisement

مقالات لبنان24

عين الإرهاب على موسكو.. وعيون الأجهزة الأمنيّة بالمرصاد!

جمال دملج

|
Lebanon 24
19-09-2017 | 06:44
A-
A+
Doc-P-368324-6367055843836632691280x960.jpg
Doc-P-368324-6367055843836632691280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لا يختلف اثنان على أنّ البلاغات الكاذبة حول وجود تهديداتٍ إرهابيّةٍ محتمَلةٍ تستهدف عواصم الدول ومدنها المنتشرة على طول خارطة العالم وعرضها تكاد تصبح في الوقت الراهن بمثابةِ كابوسٍ مطبِقٍ على صدر قادة الأجهزة الأمنيّة حيثما استطاعت تلك البلاغات أن تجد إلى مسامعهم سبيلًا، الأمر الذي تجلّى نهار أمس الاثنين على خلفيّة ما اتُّفق على تسميته بـ "الإرهاب الهاتفيّ" في العاصمة الروسيّة موسكو، وذلك بعدما تمّ إخلاء ثلاثةِ مراكزَ تجاريّةٍ هناك بسبب اتّصالاتٍ مجهولةٍ أفادت بوجود متفجِّراتٍ فيها، وهي الاتّصالات التي كان لا بدّ لها من أن تستوجب رفع درجة التأهُّب إلى أقصاها، تفاديًا لتداعيات أيِّ مخاطرَ محدِقةٍ ومتوقَّعةٍ وغيرِ محمودةِ العواقب، ولا سيّما أنّ ذاكرة الروس ما زالت حافلةً بصورٍ ومشاهدَ مأساويّةٍ لمئات الضحايا المدنيّين الذين سقطوا جرّاء العمليّات الإرهابيّة التي استهدفتهم في عقر دارهم، تفجيرًا واختطافًا واحتجازًا، على مدى أكثر من عشرين عامًا من الزمان. على هذا الأساس، ووفقًا لما صرَّح به مصدرٌ مسؤولٌ في هيئة الطوارىء الروسيّة، فقد تمّ البارحة إجلاء قرابة السبعةِ آلافٍ وخمسِمئةِ شخصٍ من مراكزِ "أتريوم" و"ييفروبيسكي" و"ميتروبوليس" التجاريّةِ في موسكو، وكذلك من مبانٍ إداريّةٍ وأماكنَ عامّةٍ في مدنٍ روسيّةٍ أخرى، قبل أن يتمّ التأكُّد من عدم صحّة المعلومات الواردة في الاتّصالات الهاتفيّة، الأمر الذي يوحي بأنّ حملة البلاغات الكاذبة بأكملها قد لا تكون أكثر أو أقلّ من لعبةٍ استخباراتيّةٍ أجنبيّةٍ تستهدف من ورائها "حرق أعصاب" الدوائر الأمنيّة المحلّيّة، بما من شأنه أن يؤدّي إلى إرباك إدارة الرئيس فلاديمير بوتين أو إحراجها على الساحتين الداخليّة والخارجيّة، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ هذه الحملة كانت قد أُطلِقت قبل أسبوعٍ كاملٍ بالتزامُن مع ظهور الدلائل القاطعة على بداية مرحلة النصر الروسيّ الأكيد على الإرهاب في سوريا، ناهيك عن أنّ تكثيفها على هذا النحو من الابتذاك قبل ستّةِ أشهرٍ من موعد توجُّه الناخبين الروس إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الذي سيحكم البلاد لغاية عام 2024 يشي بدوره بأنّ حظوظ الرئيس بوتين الوفيرة في الفوز هي المستهدَفة أيضًا. وإذا كان هذا الأمر ليس بالجديد على رئيسٍ لطالما أظهرت الشواهد التاريخيّة أنّه تمكَّن من تثبيت مواقعه على كافّة الأصعدة المحلّيّة والإقليميّة والدوليّة من بوّابة الحرب التي خاضها على الإرهاب في الشيشان بينما كان لا يزال يشغل منصب رئيس الوزراء في إدارة الرئيس الراحل بوريس يلتسين عام 1999، فإنّ استحضار بعض هذه الشواهد إلى الذاكرة لا بدّ من أن يكتسب أهمّيّةً بالغةً في الوقت الراهن، ولا سيّما أنّ حصيلة العِبَر التي يمكن استخلاصها هنا، من شأنها أن تؤشِّر بوضوحٍ إلى طبيعة المستقبل السوريّ خلال مرحلة ما بعد تحقيق النصر الروسيّ الأكيد على الإرهاب هناك، نظرًا لأنّ النموذج الشيشانيّ لطالما ظلّ حاضرًا لدى رسم وتحديد قواعد الاشتباك التي فرضتها قاذفات السوخوي على الساحة السوريّة منذ الثلاثين من شهر أيلول عام 2015 ولغاية اليوم. وللتذكير، فإنّ الحرب الروسيّة على الإرهاب في الشيشان، وإنْ كانت الاستعدادات لها قد بدأت على خلفيّة قيام القائديْن الشيشانيّيْن المتطرِّفيْن شامل باساييف وابن الخطّاب بالدخول إلى جمهوريّة داغستان المجاورة على رأس أربعمئةِ "مقاتلٍ جهاديٍّ" يوم السابع من شهر آب عام 1999، ولكنّ وقائعها الميدانيّة سرعان ما اتّخذت منحىً تصعيديًّا من حيث درجة الحزم والشدّة بعد مرور أسابيعَ قليلةٍ فقط على ذلك التاريخ، ولا سيّما في أعقاب سلسلة عمليّات التفجير التي استهدفت مجمّعات المدنيّين السكنيّة في قلب موسكو، على غرار ما حدث يوميْ التاسع والثالث عشر من شهر أيلول عام 1999، عندما سقط ما لا يقلّ عن مئتين واثنيْ عشر مواطنًا روسيًّا ممّن لا ذنب لهم سوى أنّ أقدارهم كتبت لهم أن يصبحوا ضحايا بينما كانوا يَغطّون في نومٍ عميقٍ، الأمر الذي دفع في حينه وزير الدفاع إيغور سيرغييف إلى الإعلان عن أنّ بلاده دخلت في حربٍ مع الإرهاب لن تتوقَّف إلّا بعد استئصاله من جذوره. إسرائيل المتضرر الأكبر وإذا كان أغرب ما في الشواهد التاريخيّة المتعلِّقة بهذه الحرب قد تجسَّد بعدما تمّ الكشف عن أنّ شخصًا مثل الأوليغارشيّ بوريس بيريزوفسكي هو الذي قام بتمويل عمليّة دخول باساييف وابن الخطاب إلى داغستان بمبلغٍ قدره ثلاثُمئةِ ألفِ دولارٍ أميركيٍّ كامل الدسم، أملًا في استدراج القوّات الروسيّة إلى حربٍ أرادها أن تكون خاسرةً في الشيشان، وبالتالي في قطع الطريق أمام الرئيس يلتسين بما يَحول دون تمكينه من الوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه بأن يكون فلاديمير بوتين "خليفته المختار" لقيادة روسيا إلى الألفيّة الثالثة، فإنّ استحضار هذه الواقعة في الوقت الحاليّ لا بدّ من أن يؤدّي بشكلٍ تلقائيٍّ إلى إزالة سمات الغرابة عن الأسباب التي جعلت رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو يتصبَّب عرقًا خلال لقائه الأخير الشهر الماضي مع الرئيس بوتين في مدينة سوتشي، ولا سيّما إذا أعدنا للذاكرة أيضًا أن بيريزوفسكي كان أحد أفراد مجموعةٍ مؤلَّفةٍ من ثمانيةِ أشخاصٍ تمثِّل مصالح المؤتمر اليهوديّ الروسيّ في قصر الكرملين، وهي المجموعة التي لم تترك أيّ محاولةٍ خبيثةٍ إلّا وبذلتها من أجل الالتفاف على النهج البوتينيّ منذ إداراكها المبكِّر بأنّه نهجٌ يستهدف تقويض مصالحها السياسيّة والاقتصاديّة لصالح مؤسّسات الدولة الروسيّة، حتّى ولو اضطرَّها الأمر للتعامل مع الإرهابيّين ودعمهم في مواجهة هذا النهج. من هنا، وبالنظر إلى المعطيات التي ما زالت تؤكِّد يومًا بعد يومٍ على أنّ إسرائيل هي المتضرِّر الأكبر من هزيمة الإرهاب في سوريا على يد المحارِب الروسيّ، يُصبح في الإمكان التكهُّن بكلِّ شفافيّةٍ بأنّ ثمّة يدًا للمؤتمر اليهوديّ المذكور في افتعال وتأجيج حملة "الإرهاب الهاتفيّ" الأخيرة في موسكو وغيرها من المدن الروسيّة، وهي الحملة التي تبدو في المحصّلة النهائيّة وكأنّها أصبحت لغة التخاطب المتاحة والمتبقِّية الوحيدة في "أدبيّات" المهزومين.. وحسبي أنّ روسيا ماضيةٌ قدُمًا في تسطير انتصارها على الإرهاب في سوريا بنفس الخطّ الذي ميَّز انتصارها في الشيشان، حتّى ولو كره الكارهون.. وما على الكارهين سوى الاعتراف بالهزيمة واليقين!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك