Advertisement

مقالات لبنان24

الأوروبيّون يتمسّكون بـ "النوويّ الإيرانيّ".. فهل يتّعظ الأميركيّون!

جمال دملج

|
Lebanon 24
21-09-2017 | 04:49
A-
A+
Doc-P-369430-6367055852057005781280x960.jpg
Doc-P-369430-6367055852057005781280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
في خضمّ الجدل الدائر حول خطورة التداعيات التي يمكن أن تتفاعل على المسرح الدوليّ جرّاء إصرار الولايات المتّحدة الأميركيّة على التراجع عن تطبيق التزاماتها الواردة في اتّفاق تسوية البرنامج النوويّ الإيرانيّ الذي تمّ التوصُّل إليه في شهر تمّوز عام 2015، حسب ما تشي به أبعاد المواقف الهجوميّة التي لم يكفّ الرئيس دونالد ترامب عن اتّخاذها حيال هذا الموضوع منذ إطلاق حملته الانتخابيّة العام الماضي ولغاية خطابه الأخير أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة نهار أوّل من أمس الثلاثاء، جاءت التصريحات التي أدلت بها الممثِّلة العليا للأمن والسياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبيّ فيديريكا موغيريني اليوم الخميس لتحسم المسألة بما يصبّ في مصلحة الاتّفاق جملةً وتفصيلًا، ولا سيّما بعدما أكَّدت على أنّه "يعمل كما يجب" في ظلّ تمسُّك جميع الأطراف بتنفيذه "بشكلٍ كاملٍ"، بمن فيهم الطرف الأميركيّ. وعلى رغم أنّ موغيريني التي كانت تتحدَّث في أعقاب انتهاء اللقاء الوزاريّ للسداسيّة الدوليّة وإيران اعترفت بوجود ما وصفَته بـ "بعض الثغرات"، على حدّ تعبيرها، ولكنّها سرعان ما أكَّدت على أنّ هذه الثغرات "تبقى خارج الاتّفاق"، الأمر الذي تنتفي معه أيّ حاجةٍ لاستئناف محادثات السداسيّة مع إيران حول "بعض القضايا المثيرة للجدل" من أجل تحديثه، وخصوصًا بعدما "تمّ حلّ قضيّة التزام واشنطن" بتطبيقه. وإذا كان هذا الموقف الأوروبيّ الواضح والصريح يبدو كافيًا في الوقت الحاليّ لكبح جماح كلٍّ من الرئيس ترامب ووزير خارجيّته ريكس تيلرسون في مجال مواصلة الحرتقة على البرنامج النوويّ الإيرانيّ، سواءٌ من خلال وصْف الاتّفاق حوله بأنّه "الأسوأ في تاريخ الولايات المتّحدة" أم من خلال اشتراط "إجراءِ تعديلاتٍ" عليه من أجل ضمان استمراره، فإنّ ما يرفع نسبة التفاؤل في إمكانيّة قيام الإدارة الأميركيّة بمراجعة حساباتها حيال ملفّ العلاقات مع إيران، عن طريق تخفيف حدّة خطابها التصعيديّ والتراجع عن مواقفها الهجوميّة السابقة، يتمثَّل في أنّ درجة الوضوح والصراحة في الموقف الأوروبيّ المذكور وصلت هذه المرّة إلى حدّ الإيحاء بأنّ علاقات التعاون والتنسيق التقليديّة بين بروكسيل وواشنطن باتت معرَّضةً في الوقت الراهن للاهتزاز إذا ما أصرّ الأميركيّون على المضيّ قُدمًا في سياساتهم التأجيجيّة على حساب مقوِّمات الأمن والسلم الدوليّيْن، الأمر تجلّى لدى تأكيد فيديريكا موغيريني في تصريحاتها الآنفة الذكر على جملةٍ من الثوابت ذاتِ الصلة بالاتّفاق النوويّ الإيرانيّ، وخصوصًا عندما قالت ما حرفيّته: "لا تعتقدون أنّ دولةً ما ستفسد الاتّفاق الذي وافق عليه مجلس الأمن الدوليّ"، قبل أن تجدِّد التأكيد على أنّ اللجنة السداسيّة تتوافق مع المجتمع الدوليّ حول عدم السماح بانهياره، وكذلك على أنّ المؤسّسة الوحيدة التي يمكنها التحدُّث عن فاعليّة الاتّفاق هي الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّيّة. من هنا، وإذا ما أضفنا إلى ما تقدَّم أنّ موغيريني شدَّدت أيضًا على أنّ الأوروبيّين سيفعلون "كلَّ شيىءٍ" للحفاظ على الاتّفاق في ظلّ عدم وجود أيِّ انتهاكاتٍ لبنوده، يُصبح في الإمكان القول بكلِّ نزاهةٍ إنّ العلاقات الأوروبيّة – الأميركيّة دخلت اعتبارًا من اليوم وحتّى إشعارٍ آخر في مرحلة اختبارات "حُسن النوايا" المتبادَلة من بوّابة البرنامج النوويّ الإيرانيّ، تمامًا مثلما يُصبح في الإمكان القول أيضًا إنّ التوقُّعات التي تحدَّثت في الآونة الأخيرة عن اقتراب موعد نهاية شهر العسل الطويل بين الطرفين بسبب عدم اتّزانِ ووضوحِ وشفافيّةِ سياسات إدارة الرئيس ترامب الحاليّة باتت اليوم أقرب إلى الحقيقة منها إلى الخيال، اللهمّ إلّا إذا سارع الرئيس الأشقر إلى تعديل هذه السياسات وتصحيح إبرة بوصلتها بما يتناسق مع الجهود المبذولة بكثافةٍ في هذه الأيّام، بقوّةِ دفعٍ روسيّةٍ خالصةٍ، من أجل فضّ الأزمات الدوليّة والإقليميّة الكبرى وتسويتها على أساس المبدأ الداعي إلى إقامةِ عالمٍ متعدِّد الأقطاب، حيث المصالح ستكون متبادَلةً ومتجانِسةً ومشترَكةً، خلافًا لمفهوم المصالح الذي فرضَته الولايات المتّحدة بالقوّة على أساس مبدأ أحاديّة القطب منذ نحو ربعِ قرنٍ من الزمان.. وحسبي أنّ الترجمة العمليّة الأصدق لفحوى تصريحات الممثِّلة العليا للأمن والسياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبيّ فيديريكا موغيريني اليوم الخميس لا بدّ من أن تُفضي بكلّ لغات العالم إلى استنتاجٍ مؤدَّاه أنّ الأوروبيّين نفَذَ صبرهم بالفعل هذه المرّة من حلفائهم على الضفّة الأخرى من المحيط الأطلسيّ.. وما على الأميركيّين هذه المرّة سوى قراءة الرسالة جيّدًا، ومن ثمّ الاتّعاظ واليقين!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك