Advertisement

مقالات لبنان24

رجاءً لا تدفعونا إلى عنصريةٍ نكرهُها حتى الموت!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
07-10-2017 | 02:31
A-
A+
Doc-P-377395-6367055909906151711280x960.jpg
Doc-P-377395-6367055909906151711280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يُسجّل في تاريخ علاقة اللبنانيين عمومًا ما يُشتّم منه رائحة عنصرية تجاه أيٍّ كان، حتى ولو كان هذا الـ "أيٍّ كان" يظهر لهم بعضًا من عدائية نتيجة شعور دفين بأنه في مكان ما مظلوم أو يتعرّض لشتى أنواع الإضطهادات، وهو يحاول باللاوعي القيام بأعمال منفرّة، وتجعله يصنّف في خانة "المنبوذين". ولأن اللبناني بطبعه العام مسالمٌ وغير عنفي يتعاطى مع الآخرين، أيًّا كانوا، وبخاصة مع النازحين السوريين، بمنتهى الإنفتاح والإنسانية، نظرًا إلى ما يعانونه نتيجة إضطرارهم إلى مغادرة مدنهم وقراهم وبيوتهم، مكرهين وغير مخيّرين، بفعل التطورات الميدانية والحربية التي لفّت مناطقهم وزنرتها بزنار من العداء والكراهية والحقد. ولكن ما حصل في الآونة الأخيرة، سواء في مزيارة أو في ذوق مصبح، وقبلهما في مناطق أخرى من لبنان، حيث للنازحين السوريين وجود كثيف أو متفرق، جعل بعضًا من اللبنانيين ينقزون أو ينفرون مما جرى من أعمال جرمية موصوفة ومقززة وغير أخلاقية ومجردة من الإنسانية، ودفعهم إلى المطالبة بأن تكون مناطقهم خالية من أي وجود للسوريين، وقد يكون في هذا التعميم بعضٌ من ظلامة، بإعتبار أن ليس جميع النازحين مجرمون أو قطّاع طرق أو شذّاذ آفاق، وبالأخصّ أن من بينهم أناسًا مغلوبين على أمرهم ولا يريدون سوى الإسترزاق والسترة ريثما تسمح ظروف بلادهم بالعودة إليها للعيش في أرزاقهم المنهوبة والمحروقة، وهم لا ذنب عليهم سوى أنهم مصنّفون في خانة "النزوح". وهنا يُمكن فتح هلالين للحديث عن خطأ المسؤولين الذين رفضوا تجميع النازحين في مخيمات مضبوطة ومنظمة تمامًا كما هو الحال في تركيا أو الأردن، إذ لا يُسمح للنازح بمغادرة مخيمه إلاّ بناء على إذن مسبق من السلطات الأمنية المولجة حماية أمن النازحين من الداخل والخارج. وكانت حجة البعض في رفضه إقامة مثل هذه المخيمات أنهم لا يريدون تكرار تجربة المخيمات الفلسطينية، التي كانت في البداية مؤقتة حتى أصبحت أمرًا واقعًا، "ومن جرّب المجرّب كان عقله مخرّب". ولكن ردّة فعل أهالي مزيارة، وإن صُنّفت على أنها عدائية وفيها بعض من عنصرية، يمكن إدراجها في خانة "القشة التي قصمت ظهر البعير"، وذلك في غياب العدالة وفي غياب أي إجراء على الأرض يمكن أن يطمئن الأهالي الذين فارت دماؤهم لهول الجريمة البشعة التي ذهبت ضحيتها صبية في ريعان شبابها، على رغم إحتضانهم لمئات العائلات السورية، وهم الحريصون حتى هذه اللحظة على رعاية شؤونهم والإهتمام بهم وتأمين عمل لائق لسدّ حاجتهم إلى الحدّ الأدنى من عيش كريم يعّوض عنهم قسوة التهجير. ولكن أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه من تعديات وجرائم فهو أمر لم يعد مقبولًا بعدما طفح الكيل، ويجب بالتالي تدارك أي ردّة فعل والعمل على التخفيف من الوجود الفوضوي للنازحين بعدما تغلغلت أعداد كبيرة من النازحين بكثافة في الأحياء الداخلية للمدن والقرى في شكل فوضوي وعشوائي، والتي لها خصوصيتها وعاداتها وتقاليدها، والتي يصرّ أهلها على الحفاظ عليها وإبقائها بعيدة عما هو غريب عنها. فرجاء لا تدفعوا هؤلاء الناس، الذين لا يزالون حتى هذه الساعة مؤمنين بالعمل الإنساني البعيد كل البعد عن هوية الآخرين ولونهم، إلى عنصرية يكرهونها حتى الموت ولا يعتبرونها جزءًا من أخلاقهم وتربيتهم.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك