Advertisement

أخبار عاجلة

بحكم الأمر الواقع.. سوريا نحو التقسيم؟

Lebanon 24
05-11-2017 | 05:19
A-
A+
Doc-P-392614-6367056023012567941280x960.jpg
Doc-P-392614-6367056023012567941280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
مع انحسار تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، يبدو أن التحدي العسكري لحكم الرئيس السوري بشار الاسد قد انتهي، ولكن لا تزال رقعة كبيرة من الأراضي السورية خارج سيطرته. وإذا كان الأسد قد فاز في الحرب فإنه حقق ذلك على حساب تمزيق بلاده. مناطق تخفيف التصعيد ليست تسوية سياسية وإنما هي تكتيات عسكرية وربما تقود في نهاية المطاف إلى تقسيم البلاد بحكم الأمر الواق، بحسب الباحث ألكسندر بيك، وهو مدير وزميل مشارك في مركز هنري كيسنجر للشؤون العالمية بكلية جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، الذي رأى أن ثمة مجموعة من العوامل، استعرضها في مقال تحليلي مطول نشره الموقع الأميركي "War on Rocks"، تشير إلى أن تقسيم سوريا بات حتمياً، وأبرزها النهج البراغماتي الروسي لإنهاء الحرب والأهداف الأميركية الدائمة لمكافحة الإرهاب". الجغرافيا السياسية الممزقة بسوريا ويشكك الباحث في قدرة الأسد على إعادة توحيد سوريا وبخاصة في سياق التجزئة التي حدثت فعلاً والكتل المنفصلة التي يسيطر عليها كل من الحكومة المركزية وجماعات المعارضة المسلحة والأكراد السوريين وحلفائهم وداعش، ومن ثم فإن استعادة النظام السوري للسيطرة على تلك المناطق بات أمراً معقداً للغاية. فعلى الرغم من استمرار الحكومة السورية في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية حتى في المناطق الواقعة خارج سيطرتها، فإنه بمرور الوقت أصبحت هذه التكتلات مستقلة بشكل متزايد لدرجة تخصيص علم مستقل وإدارة مؤسساتها الأمنية والإدارية والقضائية ووضع مناهج تعليمية خاصة. ويلفت الباحث إلى أن التدخل الأجنبي في الحرب السورية هو المسؤول عن تفتيت سوريا بداية من القوى الإقليمية ثم روسيا والولايات المتحدة، وبدلاً من التراجع إلى جيب للعلويين على طول الساحل السوري، استفادت الحكومة السورية من دعم إيران وحزب الله وروسيا لاستعادة مكاسب المعارضة في وحمص ودرعا وريف دمشق وكذلك حلب، كبرى المدن السورية. وفي حماة، تسيطر تركيا وشركاؤها السوريون على رقعة مستطيلة من الأراضي على طول الحدود السورية- التركية التي تديرها جماعات المعارضة المسلحة. ورغم صغر هذه المنطقة فإنها منشغلة الآن بإعادة هيكلة البنية التحتية بتمويل من تركيا واستعادة الخدمات العامة بما في ذلك المدارس والمؤسسات الدينية، ولا تزال الأهداف المحددة للعملية التركية الجديدة في محافظة إدلب غير واضحة، ويبدو أنها الخطوة الأولى نحو إنشاء منطقة عازلة أخرى مدعومة من تركيا في شمال سوريا. وفي جنوب سوريا، "سمح اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن لجماعات المعارضة المسلحة بالاحتفاظ بأسلحتها في محافظة درعا مقابل وقف الهجمات ضد الحكومة السورية، وهو اتفاق هش، وستكون جماعات المعارضة فريسة سهلة لقوات الأسد إذا اتجهت صوب الجنوب، ولكن في الوقت الراهن على الأقل لا تزال المنطقة ذاتية الحكم ومعارضة للسلطة المركزية في دمشق. وتتطلع إسرائيل، التي ظلت محايدة حتى الآن في الحرب الأهلية، إلى إنشاء منطقتها العازلة داخل سوريا لمنع القوات المدعومة إيرانياً (بما في ذلك حزب الله) من شن هجمات بالقرب من مرتفعات الجولان"، بحسب الباحث. وأخيراً في شرق البلاد، قامت قوات سوريا الديمقراطية (تحالف القوى الكردية والسنية العربية وغيرها من القوات التي تقاتل داعش بالشراكة مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة) بالسيطرة على مثلث شاسع وممتد من الأراضي المحصورة على الحدود التركية والعراقية والضفة الشرقية لنهر الفرات، ومن الناحية الشكلية لايزال هذا الاقليم تحت سلطة الحكومة المركزية، ولكنه في واقع الأمر يتمتع بالاستقلالية السياسية وتتم إدارته من المجالس المدنية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية التي ترتبط بشكل وثيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني. ويقول الباحث: "لاشك في أن التجزئة ليست مثل التقسيم، ولكن هذه الخريطة المفتتة للبلاد وإمكانية قيام الدول الأجنبية بمواصلة توفير الموارد والدعم المستقل لمثل هذه التكتلات بعيداً عن السلطة المركزية، من شأنه أن يجعل أي جهد لإعادة توحيد البلاد في غاية الصعوبة والتعقيد". المنطق الإستراتيجي للتقسيم ويؤكد المقال على المعارضة الشديدة لكل من تركيا والعراق وإيران لفكرة تقسيم سوريا، ولا تزال روسيا والولايات المتحدة تصران على وحدة سوريا وأراضيها، وكذلك لا يبدو التقسيم خياراً جاذباً بالنسبة للسوريين داخل سوريا باستثناء الأكراد الذين يطمحون إلى الاستقلال السياسي، ولكن الواقع الإستراتيجي يتناقض مع المعارضة المبدئية لفكرة التقسيم. ويوضح الباحث أن "الأمن" هو العامل الأكثر أهمية في سياق التدخل الأجنبي والتنافس للحفاظ على المصالح في سوريا، ولذلك فإن الأولوية الرئيسية لجميع الأطراف الدولية هي تجنب التورط في حرب أوسع نطاقاً مع بعضها البعض، ولذلك يتم تنسيق العمليات العسكرية الأمريكية والروسية، ولكن هذا الوضع لن يستمر طويلاً على الأرجح لأن تقلص حجم ساحة المعركة يقود إلى تفاقم خطر المواجهة غير المقصودة وبات شرق البلاد مسرحاً رئيسياً لتحقيق مكاسب إقليمية جديدة؛ إذ تحتوي محافظة دير الزور على قرابة نصف حقول النفط السورية وتوفر الوصول إلى معبر الحدود الإستراتيجي البوكمال. وبحسب الباحث، لم تعد المعركة الآن على سوريا ككل وإنما هي سباق على الأراضي والمناطق التي سيتم عندها وضع خطوط التقسيم، ولتجنب التصعيد ربما تضطر الولايات المتحدة وروسيا إلى قبول إقامة خطوط فاصلة ثابتة ومتفق عليها بين شركائها في الميدان، وبمجرد رسم هذه الخطوط سيكون من الصعب جدا الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها. ويشهد غرب سوريا عملية مماثلة، من خلال مناطق تخفيف حدة التصعيد التي تم الاتفاق عليها بموجب محادثات أستانة على أساس الفصل بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة واستمرار الأخيرة في ممارسة السلطة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. ويعتبر الباحث أن مشاركة روسيا في صفقات مناطق خفض التصعيد "براغماتية"، إذ أنه من خلال خفض العنف حققت موسكو أهدافها الاستراتيجية الأولية المتمثلة في إبقاء الأسد في السلطة وتعزيز نفوذها، ويرى المدير العام لمجلس الشؤون الدولية الروسية أندرو كورتونوف أن مناطق تخفيف التصعيد ليست تسوية سياسية وإنما هي تكتيات عسكرية وربما تقود في نهاية المطاف إلى تقسيم سلس للبلاد بحكم الأمر الواقع. ورغم وعوده المتكررة باستعادة كل الأراضي السورية، فإن الأسد بحسب الباحث يفتقر إلى الموارد العسكرية والمالية للقيام بذلك حتى مع استمرار الدعم من إيران وحلفائها، وربما تلجأ الحكومة السورية إلى استعادة المناطق خارج سيطرتها واحدة تلو الأخرى من خلال مزيج من الدبلوماسية والقوة مثل هزيمة المعارضة في جنوب سوريا والتوصل إلى تسوية سياسية مع الأكراد في الشرق، وتقديم حوافز كافية لتركيا لسحب قواتها بشكل دائم من الشمال، ولكن هذه الأمور ليست مضمونة وسوف تستغرق شهوراً إن لم يكن سنوات لتحقيقها. موقف الولايات المتحدة ويشير الباحث إلى أن معظم الجدل الأخير ينصب على ما إذا كان على الولايات المتحدة الاحتفاظ بوجود عسكري في شرق سوريا لمواصلة الضغط على داعش، وهي مسألة حاسمة بالنسبة للأمن القومي الأمريكي ومكافحة الإرهاب، ولكن يتم دراستها بمعزل عن الموقف العسكري الأمريكي في إطار إستراتيجية أوسع لحل أزمة الحرب الأهلية في سوريا وتحقيق الاستقرار. ومن دون قصد ساهمت شراكة الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية في دحر داعش، بتعزيز الطموحات السياسية الكردية للانفصال والاستقلال، الأمر الذي يعمق تفتيت سوريا ويزيد من احتمالات التقسيم، وبدلاً من المساعدة على حل الانقسامات التي تسببت بها الحرب فإن التقسيم سيعززها ويمهد الطريق إلى العنف، فضلاً عن تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا والعراق. ويحض الباحث في ختام مقاله إدارة ترامب على اتخاذ قرارها سريعاً سواء بتبني استراتيجية تقسيم سوريا والعمل على التخفيف من المخاطر أو مواجهة الانزلاق إلى التقسيم من خلال مضاعفة الجهود الدبلوماسية في جنيف، وتشجيع قوات سوريا الديمقراطية على التوافق مع الحكومة المركزية، والاعتراف بأن أي صفقة شاملة من شأنها أن تنطوي على تنازلات متعددة ومؤلمة بما في ذلك التعايش مع نظام الأسد والتفاوض مع بقاء قوات أميركية في سوريا، وفي جميع الأحوال سوف يستغرق الأمر سنوات لاستعادة سوريا من جديد. (24)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك