Advertisement

مقالات لبنان24

"الصندوق الأسود" في حوزة الحريري.. أمّا "الرحلة" المقبلة فمحفوفة بالمفاجآت

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
08-11-2017 | 11:01
A-
A+
Doc-P-394342-6367056037028291341280x960.jpg
Doc-P-394342-6367056037028291341280x960.jpg photos 0
PGB-394342-6367056037033095941280x960.jpg
PGB-394342-6367056037033095941280x960.jpg Photos
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
على عجل، طار الرئيس سعد الحريري السبت متوّجهاً إلى الرياض. بعدما حطّت طائرته الخاصة بوقت قصير على أرض المملكة، سقطت طائرة الحكومة اللبنانية. بالأحرى، أُسقطت. أحدث ذلك دويّاً قوياً ومفاجئاً. وفيما انهمك الجميع بالبحث عن تفاصيل رحلة الإستقالة بدءاً من بيروت إلى السعودية من دون أن يفلحوا، ذلك أنّ "الصندوق الأسود" ما زال في حوزة رئيس الحكومة وحده، وهو ما زال "مفقوداً" في لبنان، كان ثمّة من يعيد استذكار "مسار" سلكه "أسطول" السياسة محلياً وعالمياً وصولاً إلى نهاية حكومة الثقة، أو بالأحرى، وصولاً إلى بداية "عهد" جديد إقليميّ. هذا المسار لم يبدأ البارحة. يُدرك المراقبون هذا الأمر، بل إنهم كانوا يستشعرون نتائجه ومنها سقوط الحكومة اللبنانية. لكنّ "الاستقالة ليست إلا جزءاً مما يحصل في المنطقة"، يشرح البروفيسور باسكال مونان. يعود إلى الرابع من تشرين الثاني فيرى أنه شهد زلزالين. الأول على الصعيد اللبناني مع إعلان الاستقالة من السعودية، أما الثاني فهو داخلي سعوديّ مع حملة التوقيفات التي طالت أمراء وكبار رجال الأعمال. في حديثه لـ "لبنان24"، يرى مونان أنّ "عملية التطهير التي حصلت في السعودية وقادها الجيل الثالث الذي يستعدّ لاستلام السلطة، سيكون لها ارتدادات على الصعيد المحليّ (السعوديّ) والعالميّ". ولا بدّ هنا من استعادة التغييرات والإجراءات التي راحت تطرأ على الساحة السعودية مؤخراً، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية (السماح للمرأة بالقيادة) والثقافية والتكنولوجية (الروبوت صوفيا التي نالت الجنسية السعودية). ويعتبر مونان أنّ ولي العهد محمد بن سلمان يُدرك أنّ مستقبل المملكة يمرّ بهذه الإصلاحات وهذا الانفتاح وهذه الحداثة. وهو صادقٌ في كلّ ما يفعله! قرارات كبيرة وتحوّلات جذرية يعلم ولي العهد الشاب أنها ستقدّم صورة جديدة عن المملكة أمام الغرب. لكن في السياسة، يبدو أنّ ولي العهد لا يتوّسل سياسة الانفتاح، على حدّ قول مونان، بل يضرب بيد من حديد للإمساك بزمام السلطة. "ولربما يفعل ذلك لتمرير تلك الإصلاحات والتغييرات الجذرية في ظلّ بيئة سعودية "خاصة"، وبالتالي كان لا بدّ من إبعاد جميع المتضررين من وصوله إلى الحكم". السياسة التي يتبعها ولي العهد، مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، برأي مونان. وهذه محطة يجب التوّقف عندها مليّاً، لكونها توضح حقيقة المسار الأخير. فالعلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية لم تكن على ما يُرام في عهد سلف ترامب، أي باراك أوباما. لقد أبعد الأخير أميركا عن قضايا الشرق الأوسط، فاعتمد في سوريا سياسة التراخي التي لم تأخذ بعين الاعتبار مصالح المملكة. أكثر من ذلك، اتبع الرجل سياسة الانفتاح تجاه إيران، وما الاتفاق النووي إلا خير دليل. وبحسب مونان، أدّى ذلك إلى تعزيز قوّة إيران في المنطقة مقابل تراجع الحضور السعوديّ، العدّو اللدود للجمهورية الإسلاميّة الإيرانية. ويسأل مونان: "ماذا الذي حصل خلال السنوات القليلة الماضية؟"، فيجيب:"واقع السعودية على المنطقة تراجع: في اليمن لم تُحسم الأمور بل هناك كارثة إنسانيّة ولا يزال الحوثيون متواجدين بقوّة بل ها هم يهددون ويطلقون صاروخاً باليستياً. في العراق، لا يزال التأثير الإيراني كبيراً بل تعاظم مع سقوط داعش. في سوريا، يحتفي حلفاء النظام بتثبيت موقعه من جديد. في الأزمة مع قطر، ماذا تحقق؟!" من المسؤول برأي السعوديين؟ من هو الخصم؟...إنها إيران حتماً! لكنّ وصول ترامب إلى الحكم شكّل فرصة لإعادة الحياة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، سيّما وأنّ الإدارة الأميركية الحالية أتت برؤية جديدة حيال قضايا المنطقة، بل تحديداً تجاه إيران. يتابع مونان:"توّطدت العلاقة بين البلدين، لا بل بين وليّ العهد السعوديّ وسيّد البيت الأبيض ودائرته المُصغرّة وفيها زوج ابنته جاريد كوشنير. انعقدت قمة الرياض التي ترجمت آنذاك حقيقة العلاقات المتجددة والمبنية على تفاهم مشترك للحدّ من هيمنة ما اسموه "قوة إيران في الإقليم وهيمنتها". ويقول:"انطلقت مفاعيل القمّة في جزئها الأول مع صفقات الأسلحة وخطاب ترامب أمام الملوك والرؤساء والذي شبّه فيه حزب الله بداعش. أما اليوم، فنحن نشاهد الجزء الثاني من مفاعيل القمّة، لا سيّما بعد زيارة كوشنير الأخيرة إلى المملكة". لماذا الآن؟! لأن الكيل قد طفح. ولأن الأمور كانت ستسلك هذا المسار عاجلاً أم آجلاً. اليوم، هناك "كارت بلانش" من ترامب للتحرّك. اليوم، هناك "مومينتوم" يناسب السعوديين بفضل الضغوطات الأميركية. لقد تمادت إيران وحلفائها في الماضي القريب في الهيمنة والتدخل في شؤون المنطقة. المواقف الصادرة عن طهران لم تكن لتستمرّ. ماذا يعني أنّ قرارات الدول تصدر من عندها؟ وماذا يعني تباهي محور الممانعة "بالانتصار" في سوريا؟ وماذا يعني ربط سلاح حزب الله بقضايا الشرق الأوسط والنزاع العربي الإسرائيلي ما يؤكد بقاءه إلى أجل غير مُسمّى؟! الردّ على كلّ هذا والتصدي له بدأ مع "حركشة" ترامب بالاتفاق النووي وعزمه على نسفه. وبدأ أيضاً مع الحديث عن عقوبات. ومع تغريدات السبهان ومواقفه التصعيدية. كان معروفاً أنّ المسار سيصل إلى مرحلة الانفجار. وبطبيعة الحال لم يكن وراداً بالنسبة إلى السعودية ترك أي غطاء لإيران وحلفائها في لبنان، فكيف إذا ما كان رئيس الحكومة أحد حلفائها؟! ماذا عن لبنان إذاً، وأي مسار ومصير ينتظرانه؟! لا يرى مونان أن التسوية التي حصلت منذ عام في لبنان كانت سيئة. بل يصفها بـ "الشُجاعة". "لقد أبعدت هذه التسوية لبنان قدر المستطاع عن العواصف في المنطقة، علماً أنها أتت نتيجة قرار بتحييده لأسباب عديدة منها تركيبة هذا البلد واستضافته مليون ونصف نازح سوريّ". يتابع:" ورغم أن التسوية كانت إيجابية على لبنان إذ أنهت الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى وأعادت المؤسسات إلى عملها فولد قانون انتخابيّ ووُضعت موازنة وانطلق مسار التعيينات...، إلا أنها لم تُواكب بمبادرات إيجابيّة تجاه المملكة إذ أعطت كل التصريحات وقعاً سلبياً وصولاً إلى الانفجار". الحكومة سقطت، فماذا بعد؟! بداية، يُثني مونان على تعاطي رئيس الجمهورية مع الأزمة المُستجدّة، إذ تصرّف كرجل دولة على مسافة من الجميع، وهو لا يزال حتى الساعة يتريّث في قبول استقالة الحريري، بغية تهدئة الأمور وتنظيمها. الاستقالة قلبت الطاولة ودخل لبنان بعدها مرحلة جديدة. لقد حصل انقلابٌ على التسوية، ووضع لبنان من جديد في فوهة البركان.هذه حقيقة ساطعة. لكن هل يعني ذلك غياب أي حلّ في الأفق؟ يجيب مونان:" لقد سقطت الحكومة وسقطت التسوية لكن العهد لم يسقط. اليوم ثمة فرصة كبيرة أمام الرئيس عون للعب دور المنقذ مجدداً، وها هو يجهد في الإبقاء على الاستقرار الأمني والمالي والاجتماعيّ". وإذا يرى مونان أن ليس من مصلحة "حزب الله" اليوم تأزيم الوضع الداخلي اللبناني، يعتبر أنه قد يطرح مبادرات أو يقبل بأخرى من أجل تهدئة الأمور بالتي هي أحسن. ولذلك، لا بدّ من السير بمبادرات على شاكلة التي طرحها الرئيس نجيب ميقاتي من أجل تجنيب البلاد الحرائق المتأججة. والحلّ برأيه هو تشكيل حكومة حيادية من الوسطيين أو تكنوقراط مهمتها الإشراف على الانتخابات وإنجازها. ومن الاقتراحات أيضاً تشكيل حكومة مصغرّة من الأقطاب، أي حكومة إنقاذ وطني تضطلع بالمهمة الانتخابية نفسها. فالواضح أنّ المملكة لن تقبل بعد اليوم بأن تأتي حكومة لبنانية تعارض سياستها الواضحة في وضع حدّ للتمدد الإيراني في المنطقة. ويعوّل مونان على الدور الأوروبي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص في تهدئة الأمور، سيّما وأّن المواقف الصادرة مؤخراً عن الاتحاد الأوروبي والفرنسيين تصبّ في سياق الدعوة إلى الحوار والعمل على تعزيز المؤسسات وإجراء الانتخابات النيابية. هذه الإجراءات من شأنها تخفيف كمية الشظايا التي ستصيب لبنان في ظلّ المواجهة بين إيران والسعودية. يقول مونان:" هناك غضبٌ عارم تشعر به السعودية، وأحدٌ لا يعرف إلى اين ستؤخذ الأمور. على أي حال، لا يبدو الموقف الروسي مطمئناً إلى ما يحصل، لكنني أسال: هل من اتفاق روسي أميركي تحت الطاولة للحدّ من الدور الإيرانيّ؟ وهل سيلتزم الأفرقاء بالخطوط الحمر الموضوعة أم سيتخطونها في هذه المواجهة الحامية؟". ويذكّر مونان بالخطر الإسرائيلي القائم والدائم وسعي إسرائيل للإفادة من المواجهات في المنطقة. ولكن ماذا عن طبيعة المواجهة بين الجمهورية الفارسية والمملكة السعودية، هل ستكون سياسية أم عسكرية؟ مجدّداً، يرى مونان أنّ المجهول سيّد الموقف. لكنه يسأل:"لم الحاجة إلى مواجهة مباشرة طالما أنها تحصل بالإنابة سواء في اليمن أو في سوريا أو العراق أو حتى في لبنان أو حتى من بوابة البحرين"؟ بالتأكيد، الوضع غير مسبوق. أما الأسئلة، فهي حتماً أكثر من الإجابات.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك