Advertisement

مقالات لبنان24

توافقٌ أميركيٌّ – روسيٌّ في سوريا.. أم هدوءٌ يسبق العاصفة؟

جمال دملج

|
Lebanon 24
12-11-2017 | 07:19
A-
A+
Doc-P-396150-6367056048540316841280x960.jpg
Doc-P-396150-6367056048540316841280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
على رغم كافّة مفردات اللغة الديبلوماسيّة المنمَّقة التي استُخدِمت في البيان الصادر عن الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في أعقاب انتهاء لقائهما "العابر" بين أروقة مقرّ انعقاد قمّة منتدى التعاون لدول آسيا والمحيط الهادىء في مدينة دانانغ الفيتناميّة نهار أمس السبت، فإنّ مجرَّد قراءةٍ متأنّيةٍ للظروف التي رافقت التحضيرات لإتمام هذا اللقاء العابر والسريع، لا بدّ من أن تُفضي في المحصّلة النهائيّة إلى استنتاجٍ حتميٍّ مؤدّاه أنّ العلاقات الأميركيّة – الروسيّة تمرّ خلال الوقت الراهن في مرحلةٍ حرجةٍ من عدم اليقين، وذلك بالنظر إلى اعتباراتٍ عديدةٍ وإشاراتٍ مختلِفةٍ لم تكفّ عن الظهور تِباعًا منذ نهار الثلاثاء الماضي، سواءٌ على خلفيّة ما ظلّ يرشَح من معلوماتٍ متضاربةٍ عن قنوات الاتّصال المشترَكة بين البلدين حول تأكيد جدّيّة السعي إلى إتمام اللقاء أم من جهة التردُّد في تحديد موعده، الأمر الذي سرعان ما حُسِم لاحقًا بعدما تمّ الإعلان رسميًّا عن أنّ "تداخُل" المواعيد في جدول أعمال كلٍّ من الرئيسين هو الذي تسبَّب في جعل لقائهما "عابرًا" وحال دون أن يكون "مطوَّلًا". وإذا كان البيان المشترَك المذكور قد تركَّز على تناول المواضيع ذاتِ الصلة بالأزمة السوريّة، مثل اتّفاق الرئيسين ترامب وبوتين على مواصلة العمل سويًّا في مجال محاربة تنظيم "داعش" الإرهابيّ حتّى تدميره بالكامل، واستبعاد خيارات الحلّ العسكريّ من الخطط المتعلِّقة بتسوية هذه الأزمة، والتأكيد على الالتزام بسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، ووجوب حثّ كافّة أطراف الصراع على المشاركة بفاعليّةٍ في عمليّة السلام في جنيف باعتبار أنّ التسوية السياسيّة النهائيّة في سوريا يجب أن تنبثق في إطار مفاوضات جنيف دون سواها من مرجعيّات، فإنّ التباين بين العاصمتين الأميركيّة والروسيّة في مجال تقييم وقراءة البيان وتوظيفه واستثماره سياسيًّا، جاء ليعزِّز الاعتقاد بأنّ آليّة تنفيذ بنوده لن تكون سهلةً على الإطلاق، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ الزهوّ الضمنيّ الذي تجلّى خلال الساعات القليلة الماضية في تصريحات عددٍ من المسؤولين في وزارة الخارجيّة في واشنطن عن أنّهم حقّقوا "إنجازًا كبيرًا" عن طريق "انتزاعِ التزامٍ روسيٍّ" بمضمون البيان، وبغضّ النظر عن أهميّته القصوى، بدا زهوًّا في غير مكانه، نظرًا لأنّ المتحدِّث باسم الرئاسة الروسيّة ديمتري بيسكوف كان قد أعلن منذ نهار أمس السبت أنّ صياغة هذا البيان تمَّت مسبَقًا من أجل إصداره في أعقاب لقاء الرئيسين بوتين وترامب، وهو اللقاء الذي تمثَّل في مجرَّد دردشةٍ قصيرةٍ جرت بينما كان القادة المشاركون في القمّة يستعدّون للوقوف جنبًا إلى جنبٍ من أجل التقاط الصور التذكاريّة. ما بعد سوريا على هذا الأساس، يُصبح في الإمكان القول إنّ نتائج اللقاء – الدردشة جاءت أقلّ بكثيرٍ من التوقّعات المرجوّة منها، ولا سيّما إذا أعدنا للذاكرة أنّ الرئيس ترامب هو الذي كان قد بادر إلى الإعلان عن رغبته في لقاء الرئيس بوتين من أجل التباحث معه حول الملفّات ذات الصلة بالأوضاع في كلٍّ من كوريا الشماليّة وسوريا وأوكرانيا، وليس في سوريا وحدها فقط، الأمر الذي أدّى إلى فتح قنوات الاتّصال الديبلوماسيّ بين البلدين على مدى قرابة الأربعةِ أيّامٍ من أجل تحديد الموعد، حسب ما أشار إليه وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لافروف نهار الخميس الماضي، قبل أن تُعلِن المتحدِّثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز في اليوم التالي أنّه "لم يتمّ تأكيد عقد أيِّ اجتماعٍ، كما أنّه لن يُعقَد بسبب صعوبةٍ في التوفيق بين جداول الأعمال من الجانبين"، وذلك قبل دقائق على هبوط الطائرة الرئاسيّة الأميركيّة فوق مدرَّج مطار دانانغ في فيتنام. وفي هذا السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الرئيس بوتين، وإنْ كان قد شدَّد على أهمّيّة الاتّفاق مع الأميركيّين حول سوريا، واصِفًا الرئيس ترامب بالقول إنّه "شخصٌ متعلِّمٌ والتعاملُ معه مريحٌ"، ولكنّه لم يتردَّد في الموازاة في الإعلان عن أنّه كان يرغب في "عقدِ لقاءٍ منفصلٍ لمناقشة كلّ المواضيع بالتفصيل"، معربًا عن أسفه حيال عدم التمكُّن من إتمام ذلك، سواءٌ بسبب جدول الأعمال أم بسبب "بعض الشؤون البروتوكوليّة التي لم يتمكّن فريقانا من معالجتها"، وموضِحًا في الوقت نفسه أنّه يرى في هذا الأمر "دليلًا على أن العلاقات بين روسيا والولايات المتّحدة لم تتجاوز الأزمة". خطّة كوشنير ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه في ضوء ما تقدَّم هو: هل يمكن التسليم يا ترى بصدقيّة الرواية الرسميّة الآنفة الذكر حول العُذْر الذي أدّى إلى الحيلولة دون إتمام اللقاء المطوَّل بين الرئيسين ترامب وبوتين أم إنّ ثمّة ما هو مخبَّأٌ وراء ذلك؟ أغلب الظنّ، واستنادًا إلى إشاراتٍ خجولةٍ ما زالت تتوالى تِباعًا من موسكو، فإنّ السبب الرئيسيّ يتمثَّل في أنّ الجانب الأميركيّ أراد أن يتفادى الدخول في نقاشٍ مفصَّلٍ مع الجانب الروسيّ حول الأهداف الحقيقيّة للزيارة السرّيّة التي قام بها صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنير برفقة نائبة مستشار الأمن القوميّ دينا باول والمبعوث الخاصّ إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات للمملكة العربيّة السعوديّة أواخِر شهر تشرين الأوّل الماضي، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ أغرب ما في هذه الزيارة التي لم يتمّ الإعلان عنها رسميًّا، وفقًا لما نشرته صحيفة "بوليتيكو" الأميركيّة، يتمثَّل في أنّها تزامَنت، وإنّما بشكلٍ منفصِلٍ، مع وصول وزير الخزانة ستيفن منوشين على رأسِ وفدٍ رسميٍّ إلى الرياض للبحث مع المسؤولين هناك في المواضيع ذات الصلة بـ "مكافحة تمويل الإرهاب"، الأمر الذي سرعان ما فتح شهيّة المحلّلين أمام الخوض في غمار الربط ما بين هاتين الزيارتين المنفصِلتين وما بين التطوّرات الداخليّة المتسارعة التي راحت السعوديّة تشهدها لاحقًا منذ يوم الرابع من شهر تشرين الثاني الحاليّ ولغاية يومنا الراهن. وإذا كان الأمر على هذا النحو بالفعل، ونظرًا لأنّ زيارة كوشنير للمملكة استُكمِلت برحلاتٍ سريعةٍ قام بها غرينبلات إلى كلٍّ من عمّان والقاهرة ورام الله والقدس، يُصبح في الإمكان التكهُّن بأنّ ثمّة طبخةً أميركيّةً باتت قيد التحضير لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها، وهي الطبخة التي يبدو أنّ الولايات المتّحدة تُدرِك مسبَقًا أنّ روسيا لن تكون راضيةً بالكامل عليها عندما سيتسنّى لها الاطّلاع على كافّة مكوِّناتها، ممّا حال دون إتمام اللقاء المطوَّل بين الرئيسين ترامب وبوتين في فيتنام، وأدّى بالتالي إلى الاكتفاء باللغة الديبلوماسيّة المنمَّقة الواردة في صيغة البيان المشترَك، وذلك تفاديًا لإحراجٍ لا يرغب الجانبان في مواجهته علنًا قبل اكتشاف حقيقة نواياهما حيال بعضهما البعض في ضوء الرسائل غيرِ المتوقَّعة الآتية تِباعًا من السعوديّة، وخصوصًا من جهة رصد تداعياتها المرتقَبة في مختلِف دول الإقليم، بدءًا من اليمن، مرورًا بالبحرين والعراق وسوريا، ووصولًا إلى لبنان. وحسبي أنّ البيت في القصيد هنا يتمثَّل في أنّ إيران وحدها ستبقى بمثابة كلمة السرّ الكبرى في خضمّ كلّ هذه التطوّرات والتداعيات، اعتبارًا من الآن وحتّى إشعارٍ آخَر، وليس سواها من بقيّة دول العالم الكبرى والصغرى على حدٍّ سواء... وما على هذا العالم سوى تقييم الموقف جيّدًا قبل الإقدام على أيِّ مغامرةٍ غيرِ محمودة العواقب... واليقين!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك