Advertisement

لبنان

"Black Friday" بانتظارنا الأسبوع المقبل والسواد الأعظم في المستقبل

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
15-11-2017 | 12:07
A-
A+
Doc-P-397767-6367056060808166251280x960.jpg
Doc-P-397767-6367056060808166251280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لن يُسعفنا المُنجد في العثور على كلمة أقوى من "أزمة" أو "كارثة" لتوصيف واقع السير في لبنان. باتت كلّ الأوصاف والتشابيه والاستعارات غير قابلة للاستخدام لعجزها عن تجسيد الحالة الراهنة أو ترجمتها. وما عاد يكفينا القول "إننا اختنقنا". في الحقيقة، نحن نموت كلّ دقيقة وبأشنع الطرق على طرقات هذا البلد. وإذا كان "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية قد ألحق بالبشرية ظلماً ورعباً وإجراماً، فإن رؤوس اللبنانيين تحديداً باتت جميعها موضوعة على مقصلة واقع يوازي الإرهاب بشاعة وشناعة وإذلالاً. وربما يضاهيه! وإذا كانت الأزمات بمختلف أنواعها تُفرج في أغلب الأحيان عن بصيص أمل يؤشر إلى إمكانيّة حلّها أو إزالتها نهائياً، فإن "أزمة السير" في لبنان تبدو مُستعصية وفاقدة أي أفق أو ضوء. أمرٌ مردّه إلى "غياب الإرادة السياسية"، كما يقول رئيس الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية كامل إبراهيم في حديثه لـ "لبنان24". برأيه، "الحلول موجودة، والخبرات والأدمغة وإمكانيات الخروج من هذا النفق. لكنّ السبب الرئيسي في استمرار الأزمة بل في تفاقمها هو غياب الإرداة السياسية". يُعقّب: "خلصت"، محاولاً بهذه الكلمة التأكيد على أنّ ألف الحلول ويائها يتمثلان بوجود نيّة واضحة لدى السلطة في وقف هذه الكارثة الوطنية عبر وضع خطة استراتيجية شاملة لقطاع السير مبنية على دراسات وأبحاث علميّة. هذه الأخيرة غائبة بطبيعة الحال في بلد ما انفكّ يرزح تحت الأزمات المتلاحقة، بخاصة في السنوات القليلة الماضية حيث أُنهكت المؤسسات، ما فاقم الوضع سوءا بطبيعة الحال. لا ينكر إبراهيم أنّ كارثة السير التي نعاني منها ونتجرّع كلبنانيين علقم تداعياتها على المستويات البيئية والصحية والإجتماعية والإقتصادية كافة، إنما تعكس بوضوح الفساد المستشري والمحسوبيات وتغليب المصالح الخاصة على العامة. "لا شيء يقف بوجه الحلول في حال وجدت الإرادة السياسية"، يكرر إبراهيم، مؤكداً على أهميّة وضع خطة شاملة لا تقتصر فقط على بناء الجسور أو تأهيل شبكة الطرق وتوسعة ما هو قائم منها بل أيضاً على وضع مشاريع مُستدامة، وأبرزها تأمين خدمة النقل المُشترك. "علينا أن نخفف من عدد المركبات التي تسير على الطرقات في لبنان، ومن أجل ذلك علينا إيجاد البديل الذي يشجع المواطنين على استخدامه". لكن حقاً ما هي العوائق التي تحول دون إتمام خدمة النقل المشترك في لبنان؟ يشير إبراهيم إلى أنّ هذا ملف "الباص السريع" (Rapid transit bus) في طور الدراسة من قبل مجلس الإنماء والإعمار، والنقاشات تدور اليوم حول ما إذا كان سيصل إلى داخل بيروت أم لا، إضافة إلى قضية توسعة أوتوستراد جونيه الذي يواجه عراقيل أبرزها قضية الاستملاكات الخاضعة لتدخلات سياسية وحزبية بخاصة قبيل الانتخابات. ويشير إبراهيم كذلك إلى عقلية خاطئة سائدة في لبنان، تتمثل بالدعوة والميل إلى بناء مواقف للسيارات في المدن والقرى. يعلّق:" في معظم الدول المتحضرّة، يتمّ الإكثار من بناء الأرصفة والتقليل من المواقف التي تفرض رسوماً عالية، بغية تشجيع المواطنين على السير أو استخدام وسائل النقل". إذاً، الحلّ الجذري لا يكون إلا بوضع خطة شاملة وعلمية. في لبنان اليوم حوالى مليون و800 الف مركبة مسجلة، والعدد يرتفع سنوياً بمعدل 100 الف مركبة جديدة. فإلى أين نحن ذاهبون؟! "لا نعلم"، يجيب إبراهيم بأسف. الشهران القادمان (مع حلول الأعياد والشتاء) سيحملان المزيد من السلبية. الأسبوع المقبل، سيكون اللبنانيون على موعد مع فعالية Black Friday التي ستقام على مدى 3 أيام في البيال، وربما في أمكنة أخرى. وجميعنا يذكر ماذا حصل العام الفائت حينما أقيم هذا الحدث المتعلق بتخفيضات على التسوّق، على الطرقات اللبنانية. أما في المستقبل البعيد، فسيحلّ السواد الأعظم حتماً إن لم تُحلّ هذه الأزمة بشكل جذري ومستدام. وبانتظار ذلك، ثمة إجراءات يمكن الجميع، أفراد وجهات رسمية، اتخاذها للحدّ من الاختناقات المرورية. يذكر إبراهيم منها: عدم التوقف المزدوج على الطرقات، الالتزام بقانون السير وتطبيقه، تفعيل عمل غرفة التحكم المروري وإبلاغ المواطنين بالمستجدات، إزالة كلّ الأكشاك المحاذية للطرقات بخاصة وان قراراً صدر عن محافظ جبل لبنان يقضي بإزالتها لكنه لم ينفذ حتى الساعة، التزام الشاحنات بالسير وفق التوقيت المسموح به وإجراء الصيانة اللازمة لها والتقيّد بوزن الحمولة المحدد، (ثمة مخالفات فاضحة في هذا الإطار بدليل ورود أخبار يومية عن تعطل شاحنة على الأوتوستراد في وقت الذورة (من 6 إلى 9 صباحاً)، التأكد من أنّ دراسات سير علمية تجرى حول المجمعات والأبنية قيد الإنشاء قبل الاستحصال على تراخيص البناء، زيادة عديد العناصر الأمنية المولجة تطبيق قانون السير وفرض النظام ومنحها "حصانة" حقيقية تحول دون أن تتدخل أي جهة في عملها، وضع خطة طوارئ للتعامل مع حوادث السير وتعطل المركبات...". هذه إجراءات مرحلية ولعلّها تفصيلية وصغيرة لكنها قادرة على إحداث الفرق. لكنّ الأزمة لن تزول إلا بوضع الخطة. هذه الأخيرة تلزمها بالتأكيد الإرادة السياسية التي تحدث عنها إبراهيم. وعلى الأرجح، يلزم ولادة هذه الإرادة السياسية تدخل إلهي ربما، رأفة بناس هذا البلد المخنوق!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك