Advertisement

لبنان

السيكوباتي" يتفلّت من كلّ الحدود... ما هي مؤشرات الخطر؟! (2)

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
18-11-2017 | 01:54
A-
A+
Doc-P-399009-6367056071135657301280x960.jpg
Doc-P-399009-6367056071135657301280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
يشرح الطبيب والمعالج النفسي مرام الحكيم أنّ الشخص الذي يتمّ تشخيص حالته على انه (psychopath أو sociopath ) يكون أرعناً بتصرفاته فيتخطّى كل الحدود ويتفلّت منها، علماً أنّ هذه "الحدود" قد تكون ماديّة، جنسية، إجتماعيّة، قانونيّة... ويلفت الطبيب إلى أنه عادة ما يُقال عن الأطفال (دون 18 سنة) الذين يظهرون هذه الإشارات أنهم يعانون من اضطرابات في السلوك (من خصائصها التفلّت من الحدود)، فيما يبدأ الأطباء بإطلاق تسمية "سيكوباتي" على البالغين الذين ينتهي بهم الحال، في معظم الأحيان، في السجون، أو قيد الملاحقة القضائية. ويشرح الحكيم في حديث لـ "لبنان24": "عند الأطفال الصغار نلاحظ إضطرابات في السلوك من نوع معيّن متمثل بوجود مشاكل مع الحدود والقوانين والقواعد، فيلجأ هؤلاء إلى الكذب، والسرقة، والضرب، وإطلاق الشتائم، وما إلى هنالك من أمور يُفترض ألا تحصل أو تُرتكب لكونها مخالفة لكلّ القوانين والأنظمة والقيم والحدود. وبالنسبة إلى البالغين ذوي الشخصيات السيكوباتية، فإننا نلاحظ بأنهم يعمدون إلى الاغتصاب، أو يبدأون بتعاطي الممنوعات، أو ارتكاب جرائم مُختلفة. بمعنى آخر، لهؤلاء ملفات قضائية مع الدولة دائماً. وبخلاف الشخصية المصابة بالاكتئاب القهري، فإن السيكوباتيين لا يتعظون من القصاص أو العقاب بل لا يأبهون إطلاقاً به ولا يستجيبون له، فهو لا يردعهم ولا يخيفهم. هم أيضاً يُجاهرون بما يفعلونه نظراً إلى عدم شعورهم بالذنب. لكن هل الاعتلال النفسيّ مُكتسب أم وراثيّ؟! يقول الحكيم إلى أنّ العاملين قائمان، لكن وجود عوامل بيئية تؤدي إلى الإصابة بهذه الحالة النفسية هو أمرٌ أكيد ورئيسيّ، مشيراً إلى أنّ "الإساءة المُفرطة والإهمال هما من أهمّ العوامل المُسببة". ويلفت إلى أنّ تصوير دماغ المُصاب عبر الأشعة السينية (Scanner) يُظهر وجود فرق في شكله مقارنة مع أشخاص أصحاء، لكنّ الطب لم يتمكن بعد من معرفة ما إذا كان هذا التغيّر في الشكل قد حدث بعد الحالة أو قبلها. ومن المعروف طبياً أنّ الحالة النفسية مسؤولة في كثير من الحالات عن تغييرات فيزيولوجيّة، على سبيل المثال لا الحصر، القرحة في المعدة الناتجة من الضغط النفسيّ. ويشرح الحكيم عن "الإساءة المفرطة والإهمال"، فيُشددّ على ضرورة وأهمية معرفة تاريخ الشخص المُصاب بدءاً من تكوينه في الرحم. يقول الطبيب أنّ "فترة الحمل والولادة، للأسف، مغيّبة في كثير من الأحيان، إذ يلجأ المعالجون والاختصاصيون إلى التركيز عادة على الفترة التي تعقب مرحلة الكلام عند الطفل. هذا الأمر برأيه خطأ كبير لأنّ مرحلة الحمل أساسيّة ومهمة بقدر أهمية كلّ المراحل اللاحقة، وقد يتعرّض في خلالها الجنين إلى إساءة أو إهمال، مقصودين أو غير مقصودين، ما يُعرّضه إلى تكوين شخصية مُعتلّة أو حالة نفسية مرضية. كيف يكون ذلك؟ وهل للجنين إدراك؟ يشرح الحكيم:" محاولات الإجهاض، إصابة الوالدة بأنفلونزا شديدة أو التهابات قويّة، تسممها جرّاء التدخين، إهمال وضعها الجسدي والنفسي في فترة الحمل (مثلاً يمرّ هرمون الضغط النفسي عبر البلاسنتا والحبل السري من الأم إلى الجنين)، وصولاً إلى مضاعفات في الولادة أو ولادات عسيرة...هي بعض الأمثلة على "الإساءة أو الإهمال" اللذين يمكن أن يوّلدا عند الجنين غضباً وشعوراً بالألم والخوف. فللجنين جهازٌ عصبيّ يُترجم هذه المواقف إلى مشاعر. ويندرج أيضاً ضمن الإساءة غير المقصودة، إصابة الطفل (في أشهره الأولى) بأمراض وأوجاع قاسيّة، أو تعرّضه لعمليات جراحية من دون بنج أو كمّ هائل من الوخز بالإبر أو ما هنالك من أمور موجعة. أما الإهمال فيتمثل بعدم إعطاء الطفل الرعاية والحنان والأمان، إذ لا يكفي طبعاً أن يُطعم الطفل فقط! كلّ النواقص المحتملة في مرحلة الطفولة أو الآلام المقصودة وغير المقصودة هي وفق منطق الجهاز العصبي، إساءة وإهمال. لذلك، قد يحصل ألا يتوّصل الاختصاصيون إلى معرفة أسباب الحالة النفسية أو المرض النفسي لدى الطفل (ة) في حال تمّ تغييب هذه المرحلة "المجهولة" التي تبدأ من لحظة التكوين وصولاً إلى عمر السنة. وطبعاً، قد تأتي الإساءة في المراحل اللاحقة، ما يهدد بحصول اضطرابات نفسية وسلوكية، علماً أنّه ليس بالضرورة حكماً أن تتفاقم الحالة لتصبح اعتلالاً نفسياً، ذلك أنّ ثمة عوامل كثيرة تدخل في هذا الإطار (قوّة الإهمال والإساءة وتكرارهما)، علماً أنّ الضغوطات النفسية قد تؤدي أيضاً إلى الإصابة بالاكتئاب أو أنواع أخرى من الاضطرابات. بحسب الحكيم، فإن تشخيص الاعتلال النفسي ليس بالأمر الصعب، لكنه يسلتزم إجراء جملة من الفحوصات الجسدية والنفسية على حدّ سواء. وعن العوارض، يُكرر الحكيم أنها تتمثل بعدم اكتراث السيكوباتي لمشاعر الآخرين أو كراماتهم أو حدودهم، لذلك نرى أنه لا يتوان عن حرق الأشخاص المحيطين به أو إلحاق الأذى بهم. هذا السلوك ناتجٌ من غضب دفين وكبير ولدته الإساءة أو الإهمال. ويندرج ضمن إطار التلفّلت من كلّ الحدود والقيود، غياب حرمة الأعضاء الجنسية. والطفل يعرف أنّ هذه الأعضاء "عيب" أو يجب احترامها من خلال الاكتساب، فبمجرد أن ينبّه الأهل طفلهم (تهم) إلى ذلك مرة أو أكثر، يصبح هذا الأخير أكثر حذراً في التعامل معها. أما مؤشرات الخطر التي يجب على الأهل أن يتحّركوا سريعاً بعد ظهورها، فهي بحسب الطبيب الحكيم قيام الطفل (ة) بضرب الآخرين مراراً وتكراراً رغم معاقبته (التي لا تكون طبعاً بالضرب)، أو إلحاق الأذى بالحيوانات بشكل عنيف، أو السرقة بالرغم من التنبيهات...باختصار، قيام الطفل (ة) بالممنوعات القانونية والإجتماعيّة وعدم استجابته للتوعية والتحذير. التصرّف لا يكون حتماً وقطعاً بقتل الطفل (ة)، بل بعرضه على طبيب نفسي مُختصّ يجري له (ها) الفحوصات كافة ليخلص إلى تشخيص نهائي للحالة. بحسب الحكيم، الاعتلال النفسي ليس سهلاً، فهو مزمن ولا يستجيب عادة للعلاج. يقول: "السيكوباتي الأصيل لا يتخلّص من هذه الحالة، للأسف. لكن بعض المحاولات عبر تاريخ علم النفس بيّنت أن ثمة أشخاصاً سيكوباتيين تجاوبوا بشكل طفيف مع عناية فائقة أعطيت من قبل متخصصين". لماذا إذاً العلاج؟ يقول الحكيم أنه من الضروري عرض الطفل (ة) صاحب السلوك المنحرف على طبيب مختصّ من أجل تشخيص حالته أولاً، وثانياً من أجل معرفة ما إذا كان هناك من عوامل بيئية يمكن أن نزيلها قبل تفاقم الحالة وتأصل هذه الشخصية النرجسية السيكوباتية في الشخص. وأيضاً من أجل حماية أفراد العائلة، وحماية المصاب نفسه. وفي حال بات الطفل (ة) يُشكّل خطراً داهماً على عائلته، فينصح الأطباء بنقله إلى مركز صحيّ للاعتناء به. لكنّ الطبيب يُقرّ بأنه ليس متأكداً من أنّ هذا الإجراء سيعود بالإيجابية على الطفل (ة) نفسه (ها).
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك