Advertisement

مقالات لبنان24

أزمة الحريري.. فرصة لحضور فرنسي في الشرق

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
19-11-2017 | 01:06
A-
A+
Doc-P-399424-6367056073680594701280x960.jpg
Doc-P-399424-6367056073680594701280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
عاد الاهتمام الفرنسي الجديد بلبنان مع وصول الرئيس ايمانويل ماكرون في 7 أيار 2017 إلى الرئاسة الفرنسية. اهتمام سطع بعدما خفت النجم الباريسي في العقود الماضية بتراجع النفوذ الفرنسي في الشرق الاوسط، لصالح القطب الأميركي. لكن إلى أي مدى يمكن الاعتقاد بأن الدولة الفرانكفونية قادرة على إعادة لبنان الى دائرة نفوذها؟ تؤكد مصادر مطلعة لـ "لبنان24 " أن الدور الفرنسي هو جزء من تحول أكبر له علاقة بالمقاربة الفرنسية لمجمل الأوضاع في المنطقة، وجزء من تموضع أوسع في السياسية الفرنسية تجاه قضايا الشرق الأوسط على نحو أكثر توازناً. لقد شكل لبنان دوماً على مستوى الاليزيه ركيزة لتحديد وجهة السياسات الفرنسية تجاه المنطقة. من هذا المنطلق فإن بيروت ستؤدي دور المختبر لإعادة تصحيح السياسات الباريسية بطريقة مختلفة. لا يعني ما تقدم أن موقف الرئيس ماكرون وادارته بات تكاملياً ومتطابقاً مع حسابات فريق 8 آذار أو الجمهورية الاسلامية الايرانية أو ما شابه. فهناك نقاط خلافية كبيرة ذات صلة بسلاح "حزب الله "والملف السوري والصواريخ البالستية الايرانية. تفصل فرنسا بين الجناح السياسي والجناح العسكري لـ"حزب الله" لكنها في الوقت نفسه "تُشاطر"إسرائيل" قلقَها من أنشطة الحزب جنوب لبنان، وتسليحِه هناك، على حد قول ماكرون في تموز الماضي، فضلاً عن دور "حزب الله" في أزمات المنطقة. أما في ما خص الأزمة السورية، فهذه الأزمة لا تزال محل خلاف، وإن باتت أضيق. فأولوية الدبلوماسية الفرنسية لم تعد إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، بقدر ما باتت تشكل مكافحة الإرهاب أهمية قصوى في سلم أولويات العهد "الماكروني". وإذا كانت باريس والاتحاد الأوروبي سيدافعان عن الاتفاق النووي بقوة، كما أبلغ ماكرون نظيره الإيراني حسن روحاني في اتصال هاتفي الشهر الفائت، باعتبار أن سياسات البيت الابيض حيال الاتفاق النووي ناتجة عن خلافات واشنطن الداخلية، فإن الموقف الفرنسي حيال برنامج الصواريخ البالستية لا ينسجم مع الموقف من الاتفاق النووي. فهذا البرنامج بالنسبة إلى ماكرون (الذي يزور طهران العام المقبل)غير منضبط ولا يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2231، ويمثل مصدراً لعدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة. وهذا من شأنه أن يستدعي فرض عقوبات جديدة للاتحاد الأوروبي ضد إيران بسبب اختباراتها الصاروخية إذا لزم الأمر، بحسب المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية. دور فرنسا التاريخي إن أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري من السعودية وما رافقها من التباسات وغموض، ساهمت في تظهير الدور الفرنسي ودفعته الى الأمام. فباريس ترى نفسها مضطرة لإخراج لبنان من الأزمة. فأي خطوة غير محسوبة ستؤدي إلى تدهور الأوضاع. فهي أكدت مراراً تمسكها بالاستقرار اللبناني، ووجوب عدم انعكاس أي صراع خارجي على الداخل اللبناني ورفضها لأي تصعيد "إسرائيلي" قد يهدد هذا الاستقرار . لا تنتظر السياسة الفرنسية الجديدة ضوءاً أخضر أميركياً للتحرك لبنانياً، بمعزل عن أن الموقف الأميركي يقف عائقاً أمام أي خيار عسكري ضد "حزب الله" في المدى المنظور (إسرائيلي أو حرب أهلية). لقد فرضت الإدارات الأميركية المتلاحقة هيمنتها على السياسة الفرنسية في عهد الرؤساء السابقين فرنسوا هولاند، نيكولا ساركوزي وجاك شيراك ( خلال ولايته الثانية)، بحيث اقترب نهج الرؤساء الفرنسيين الثلاثة من السياسات الاطلسية، بيد أن لماكرون (الرئيس الشاب) حسابات جديدة، بعدما ضُربت الخصوصية الفرنسية التاريخية في المرحلة الماضية عرض الحائط. وترى مصادر مطلعة أن باريس بحاجة ماسة لأن تُظهر دورها الديبلوماسي في لبنان، ومن خلاله في المنطقة لما لهذا الكيان من ساحة إضاءة على الأدوار الفاعلة لدول الاقليم. فالأزمة اللبنانية الحالية تمثل جزءا من تبرير الانعطافة الفرنسية المطلوبة وإن كانت تتم بهدوء ومن دون صخب. دخل ماكرون إلى المشهد اللبناني من بوابة الحل لمشكلة الرئيس الحريري، مستنداً إلى العلاقة الجيدة التي تربط فرنسا بالرئيس عون قبل تربع الأخير على كرسي قصر بعبدا، مستنداً أيضاُ إلى الخصوصية الحريرية ذات صلة بـ "الشيخ سعد" الذي يحمل الجنسية الفرنسية وبالعلاقة العميقة التي بناها الرئيس الشهيد رفيق الحريري بين آل الحريري وفرنسا، وبوجود "أوجيه أنترناسيونال" التابعة لشركة "سعودي أوجيه" في سانت أوان قرب باريس. كل ذلك يوفر لفرنسا - ماكرون رافعة لتلعب هذا الدور على مستويات عدة. وقد تكون أزمة الحريري فرصة باريسية لمزيد من الحضور الفرنسي المشرقي بالتحديد. فماكرون لديه جرأة المبادرة لتقديم فرنسا جديدة على المستوى الشرق الاوسطي والعالمي، تؤكد مصادر دبلوماسية لـ "لبنان 24". يعود رئيس الحكومة في الأيام المقبلة من باريس إلى بيروت، سيشارك في احتفال عيد الاستقلال الأربعاء، وسيلتقي الرئيس عون ليقدم استقالته بحسب الاصول الدستورية وتحديد موقفه. فهو قال أمس من الاليزية "أنتم تعلمون أني قدمت استقالتي، وفي لبنان نتحدث إن شاء الله في هذا الموضوع". وسط ما تقدم، تبدو خارطة طريق الخروج من الأزمة غامضة حتى الساعة. فتسوية عودة الحريري عن استقالته أو إعادة تكليفه من جديد تنص على ضرورة تحييد لبنان عما يجري في سوريا واليمن وعن الصراع الإيراني – السعودي والإيراني – الأميركي . وعليه فإن إمكانية استمرار التسوية الرئاسية – الحكومية سيكون رهن ما أسماه الرئيس الحريري من الرياض التزام المكونات كافة النأي بالنفس عما يجري في الإقليم وعدم تدخل "حزب الله" في اليمن. اذاً الأزمة لن تنتهي بعودة الشيخ سعد الى بيروت، وإن كانت لن تطال الاستقرار الأمني المطلوب تثبيته غربياً ودولياً. هناك من يهمس أن التسوية قد تذهب نحو التجميد مع بقاء الرئيس الحريري على رأس حكومة تصريف أعمال حتى الانتخابات النيابية في أيار المقبل، وهذا يعني دخول لبنان في أزمة مراوحة سياسية طويلة في انتظار وضوح المشهد في المنطقة على ضوء تطوراتها الميدانية والتفاهمات الدولية حيالها.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك