Advertisement

مقالات لبنان24

بين بوتين والأسد: قطار التسوية ينطلق من سوتشي!

جمال دملج

|
Lebanon 24
21-11-2017 | 09:48
A-
A+
Doc-P-400598-6367056082108466381280x960.jpg
Doc-P-400598-6367056082108466381280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ما أن انتهت القمّة الروسيّة – السوريّة المفاجئة نهار أمس الاثنين في منتجع سوتشي المطلّ على البحر الأسود حتّى سارعَت الدوائر الإعلاميّة في قصر الكرملين إلى الإعلان عن أنّ الرئيس فلاديمير بوتين يعتزم الاتّصال هاتفيًّا مع عددٍ من زعماء العالم من أجل وضعهم في أجواء المباحثات التي أجراها مع نظيره السوريّ بشّار الأسد، من بينهم الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب والعاهل السعوديّ الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير القطريّ الشيخ تميم بن حمد، وذلك في إطارِ تحرُّكٍ لافتٍ، وإنْ كان يرتكز في الأصل على قواعد اللياقات الديبلوماسيّة التقليديّة التي يتمايز بها الأداء السياسيّ الروسيّ، ولكنّ أهمّيّته هذه المرّة تتمثَّل في أنّه يأتي للتأكيد على الالتزام بثوابتَ أخلاقيّةٍ لطالما ظلّ الرئيس بوتين يُعبِّر عنها في مواقفه المعلَنة خلال العاميْن الماضييْن، ومؤدَّاها أنّ "أيَّ تسويةٍ سياسيّةٍ للأزمة السوريّة يجب أن تُراعي مصالح كافّة الأطراف"، الإقليميّة والدوليّة على حدٍّ سواء، الأمر الذي يبدو أنّه يتجلّى بوضوحٍ للتوّ، ولا سيّما بعدما أصبح في حُكم المؤكَّد أنّ اللمسات الأخيرة على هذه التسوية ستُوضع أثناء انعقاد القمّة الثلاثيّة التي ستجمع يوم غدٍ الأربعاء في المنتجع الروسيّ نفسه بين الرئيس بوتين ونظيريْه التركيّ رجب طيّب أردوغان والإيرانيّ حسن روحاني. في هذا السياق، جاء تأكيد الرئيس الروسيّ البارحة على أنّ بلاده تعوِّل على مشاركةٍ نشطةٍ من الأمم المتّحدة في المرحلة النهائيّة من التسوية في سوريا ليعزِّز الرأي القائل بعدم وجود أيِّ نوايا مبطَّنةٍ لديه للسعي إلى التفرُّد أو إلى التحكُّم بمسار تلك التسوية لصالحِ طرفٍ ضدّ طرفٍ آخَر، وخصوصًا بعدما قال إنّ موسكو على اتّصالٍ دائمٍ حول الحلّ في سوريا مع كلٍّ من العراق والولايات المتّحدة ومصر والسعوديّة والأردن. من هنا، وبالنظر إلى أنّ الهدف الأساسيّ للعمليّة العسكريّة الروسيّة التي بدأت يوم الثلاثين من شهر أيلول عام 2015 كان قد تحدَّد مسبَقًا بهزيمة الإرهاب، والمحافظة على تماسُك مؤسّسات الدولة السوريّة، وتوفير الأجواء الملائمة لإطلاقِ عمليّةٍ سياسيّةٍ تفضي إلى تسويةٍ نهائيّةٍ عن طريق المفاوضات، يُصبح في الإمكان القول إنّ هذا الهدف يُوشِك على أن يتحقَّق كاملًا بالفعل، الأمر الذي سرعان ما حثَّ الرئيس بوتين على الإعراب عن أمله في "وضع نقطة النهاية في مكافحة الإرهاب في سوريا في أقربِ وقتٍ ممكنٍ"، قبل أن يُوضِح من دون لُبْسٍ "أنّه من المفهوم أنّ البؤر ستكون موجودةً، وسوف تظهر"، مشيرًا إلى أنّ "مشاكل الإرهاب لا تزال موجودةً في العالم وفي الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، ولكنّ المهمّة الرئيسيّة أصبحت قريبةً من الانتهاء، وسيكون من الممكن القول في أقربِ وقتٍ، إنّنا نفّذناها"، على حدِّ تعبيره. وإذا كان هذا الموقف يندرج في سياق المواقف البراغماتيّة التي جرت العادة على أن يُعبِّر عنها الرئيس الروسيّ بشكلٍ تقليديٍّ طيلة حياته السياسيّة، من دون موارَبةٍ وبعيدًا عن أيِّ تجميلٍ، فإنّ اللافت هذه المرّة هو أنّه جاء متطابقًا إلى حدِّ التوأمة مع فحوى الخطاب الذي ألقاه الأمين العامّ لحزب الله السيّد حسن نصر الله البارحة، وخصوصًا لدى الإشارة إلى ما مؤدَّاه أنّ هزيمة "داعش" في كلٍّ من العراق وسوريا لا تعني بالضرورة عدم وجود خلايا صاحيةٍ أو نائمةٍ هنا أو هناك، وهو التطابق الذي يدلّ، بغضّ النظر عمّا إذا كان مقصودًا أم إنّه تمّ بمحض الصدفة، على أهمّيّة ورسوخ ما وصل إليه مدى التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث الضامنة للاستقرار في سوريا وفقًا لمرجعيّة أستانا، أيْ روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول التي سيجتمع قادتها غدًا في سوتشي للبحث في السبُل المتاحة لتدعيم هذا الاستقرار، وبالتالي لوضع قطار الأزمة السوريّة على سكّة التسوية النهائيّة. على هذا الأساس، لم يكن مستغرَبًا أن يُثني الرئيس الأسد على الدور المحوريّ الذي لعبته روسيا في مجال التوصُّل إلى تحقيق الإنجازات التي تشهدها بلاده في الوقت الحاليّ على كافّة المستويات السياسيّة والعسكريّة، وخصوصًا عندما قال ما حرفيّته: "يجب الاعتراف بأنّ هذه العمليّة سمحت بتعزيز التسوية السياسيّة في سوريا. وهذه العمليّة التي أطلقتها روسيا، أسهمت في الدفع بها في مختلف الاتّجاهات، وبالدرجة الأولى، على أساس ميثاق الأمم المتّحدة، وسيادة واستقلال الدولة. هذا الموقف تمّ التأكيد عليه في مختلِف الساحات الدوليّة، بما فيها عمليّة أستانا. وينطبق ذلك أيضًا على خطط عقد مؤتمر الحوار الوطنيّ في الأيّام القليلة المقبلة". وممّا لا شكّ فيه هو أنّ هذا الموقف يحمل في طيّاته من التفاؤل الواضح بالمستقبل ما ظلّ بعيدًا حتّى الأمس القريب عن متناول اليد، الأمر الذي يُعزِّز الاعتقاد بأنّ صفّارة قطار التسوية النهائيّة في سوريا ستُطلَق غدًا من سوتشي، تمهيدًا لانطلاقه بأمانٍ غيرِ مسبوقٍ، تشي تجلّيات التطوّرات السياسيّة والعسكريّة الأخيرة بأنّ كافّة عناصره وشروطه باتت مضمونةً وفي متناول اليد هذه المرّة.. وحسبي أنّ ما على المراقبين سوى انتظار سماع صوت هذه الصفّارة ومتابعة دخانها الأبيض خلال الأيّام القليلة المقبلة.. واليقين.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك