Advertisement

مقالات لبنان24

الحريري.. وسرّ المحطّة القبرصيّة في رحلة عودته إلى بيروت؟

جمال دملج

|
Lebanon 24
23-11-2017 | 01:40
A-
A+
Doc-P-401275-6367056087320057751280x960.jpg
Doc-P-401275-6367056087320057751280x960.jpg photos 0
PGB-401275-6367056087325062521280x960.jpg
PGB-401275-6367056087325062521280x960.jpg Photos
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
عندما سُئِل المتحدِّث الرسميّ باسم الحكومة القبرصيّة نيكوس كريستوذوليدس نهار أمس الأربعاء عمّا إذا كان يعتقِد بأنّ أيَّ انفجارٍ للوضع الداخليّ في لبنان يمكن أن يؤثِّر بشكلٍ سلبيٍّ على مشاريع الطاقة وخططها المستقبليّة في دول الإقليم، بما فيها جزيرة قبرص، فإنّه لم يتردَّد في الإجابة بإيجازٍ قائلًا: "ليس على هذا (القطاع) وحده فقط"، الأمر الذي سرعان ما أدّى إلى وضعِ عدّةِ فرضيّاتٍ حول الأسباب التي دفعته إلى الإعلان على الفور عن أنّ الرئيس القبرصيّ نيكوس أناستاثيادس يعتزم السعي إلى طرحِ مبادرةٍ من أجل تسوية الأزمة اللبنانيّة، بما من شأنه ترسيخ ركائز الاستقرار في المنطقة، وخصوصًا بعدما أكَّد أمام الصحافيّين على أنّ بلاده مؤهَّلةٌ للقيام بهذا الدور بنجاحٍ، نظرًا إلى المزايا العديدة التي تتمتّع بها، سواءٌ من خلال عضويّتها في الاتّحاد الأوروبيّ أم من خلال علاقاتها الوطيدة مع الدول العربيّة، وهي المزايا التي لا يختلف اثنان من الخبراء على أنّها أتاحت للجزيرة فرصةً نادرةً للمحافظة على مقوِّمات استقرارها، وعلى ديناميّة نهضتها ونموِّها في شتّى المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والفنّيّة والسياحيّة، منذ تقسيمها عام 1974 ولغاية يومنا الراهن، وذلك على رغم أنّ تاريخ انضمامها إلى الأسرة الأوروبيّة يعود إلى عام 2004، أيْ إلى ما بَعْد تاريخ التقسيم بقرابةَ الثلاثينَ عامًا من الزمان. على هذا الأساس، يُصبح في الإمكان تفسير السرّ الذي دفع الرئيس سعد الحريري إلى التوقُّف بشكلٍ مفاجىءٍ في مطار لارنكا لدى عودته أوّل من أمس الثلاثاء من القاهرة إلى بيروت، بغيةَ عقدِ اجتماعٍ عاجلٍ استغرق حوالي خمسٍ وأربعينَ دقيقةً مع الرئيس أناستاثيادس، وخصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار كافّة الدلالات المتعلِّقة بما تردَّد في بعض الدوائر الإعلاميّة القبرصيّة من تسريباتٍ عن أنّ هذا الاجتماع تمّ في الأصل بناءً على توصيةٍ من الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي الذي كان قد غادر جزيرة قبرص عائدًا إلى بلاده في صباح اليوم نفسه من أجل استقبال الرئيس الحريري في المساء، وذلك إثر انتهاء فعاليّات الدورة الخامسة للقمّة الثلاثيّة التي جمعته في نيقوسيا مع كلٍّ من نظيره القبرصيّ ورئيس الوزراء اليونانيّ أليكسيس تسيبيراس. هاجس ما بعد "داعش" وبحسب ما نشرته الدوائر الإعلاميّة المذكورة التي واكبت انعقاد القمّة عن قربٍ، ومن بينها صحيفة "سايبروس ميل" المحلّيّة العريقة، فإنّ ملفّ محاربة الإرهاب والفكر المتطرِّف، وسُبُل التصدّي للمخاطر التي تشكِّلها هذه الظواهر الإجراميّة على مقدِّرات شعوب المنطقة والعالم، وعلى أمنها واستقرارها ورفاهيّتها، طغى بأهمّيّته خلال الدورة الأخيرة من قمّة نيقوسيا على سواه من الملفّات الأخرى، قياسًا بما كان قد سُجِّل بهذا الخصوص في القمم القبرصيّة – اليونانيّة – المصريّة السابقة التي جرت العادة على أن تُعقَد سنويًّا في إحدى عواصم الدول الثلاث منذ عام 2014، وذلك على خلفيّة الخشية ممّا بات في حُكم المؤكَّد عن أنّ هزيمة "داعش" في كلٍّ من لبنان وسوريا والعراق ستؤدّي في نهاية المطاف، عاجلًا أم آجِلًا، إلى إعادة تشكيل هذا التنظيم بأسماءَ مختلِفةٍ، تمهيدًا لإطلاق العنان له مجدَّدًا فوق مسارحِ عمليّاتٍ جديدةٍ في العالم، الأمر الذي أصبح من الواضح للعيان أنّ كافّة التقارير الأمنيّة والاستخباراتيّة المتخصِّصة، على اختلاف وتنوُّع مصادرها، دأبت في الآونة الأخيرة على التحذير من عواقبه الوخيمة على الأمن والسِلم الدوليّيْن إذا ما قُدِّر له، لا قَدَّر الله، أن يتحوَّل إلى أمرٍ واقعٍ بالفعل. النازحون السوريّون من هنا، ووفقًا لمصادرَ رسميّةٍ قبرصيّةٍ خاصّةٍ، يأتي الحرص الشديد على تحصين الاستقرار اللبنانيّ ليُعبِّر عن مخاوفَ عديدةٍ تتعلَّق في مجملها بأنّ الارتدادات المحتمَلة لحصولِ أيِّ هزّةٍ أمنيّةٍ في الداخل، لا بدَّ من أن تصِل هذه المرّة إلى العمق الأوروبيّ، سواءٌ عَبْر البوّابة القبرصيّة اليونانيّة أم عَبْر البوّابة القبرصيّة التركيّة، وبمنسوبِ خطورةٍ لم يسبِق لارتفاعه مثيلٌ في أيِّ وقتٍ مضى، ولا سيّما بعدما كانت التقارير الأمنيّة والاستخباراتيّة الآنفة الذكر قد أشارت بوضوحٍ إلى وجود "نوايا داعشيّة" تستهدف البحث عن "ملاذاتٍ آمنةٍ" لعددٍ كبيرٍ من قيادات التنظيم وعناصره ريثما تتوفَّر الظروف الملائمة للإعلان عن إعادة انبعاثه من جديدٍ، ناهيك عن أنّ التقارير نفسها تحدَّثت أيضًا عن وجودِ "جهاتٍ إقليميّةٍ نافذةٍ" في المنطقة تسعى في الوقت الحاليّ إلى توفير التغطية اللازمة لعصابات الإتجار بالبشر التي تسعى بدورها في الموازاة إلى إعادة "إحياء" موضوع الهجرة إلى أوروبا في أوساط النازحين السوريّين حيثما يتواجدون في دول الجوار، بما فيها لبنان بالطبع، الأمر الذي يُفسِّر بالتالي سرّ الاهتمام الأوروبيّ اللافت، فرنسيًّا وقبرصيًّا على وجه الخصوص، بالتركيز على إحاطة قضيّة الإعلان عن استقالة الرئيس الحريري من الرياض يوم الرابع من شهر تشرين الثاني الجاري بما تستوجبه من عنايةٍ فائقةٍ، أملًا في إيصالها إلى خواتيمها السعيدة التي شهدناها البارحة بالفعل جرّاء التراجع، المفعَم بالشجاعة، عن تقديم كتاب الاستقالة إلى الرئيس العماد ميشال عون. المبادرة القبرصيّة ولكنْ إلى أيِّ مدى يا ترى يمكن التفاؤل بأنّ صفحة الأزمة السياسيّة الداخليّة اللبنانيّة طُويت إلى غيرِ رجعةٍ؟ سؤالٌ، لا بدَّ للإجابة عنه من أن تفتح نافذةً للتأمُّل في الشقّيْن اللذيْن تتشكَّل منهما المبادرة القبرصيّة المرتقَبة إذا ما قُدِّر لها أن تُبصِر النور بالفعل، سواءٌ من جهة الدفع في اتّجاه عقدِ مؤتمرٍ دوليٍّ برعاية الأمم المتّحدة من أجل ضمان عودة النازحين السوريّين من لبنان إلى ديارهم سالمين أم من جهة الإسهام في تمكين لبنان من البدء بالاستفادة من ثروته النفطيّة والغازيّة الكامنة في أعماق البِحار عند مثلَّث الحدود الإقليميّة اللبنانيّة – القبرصيّة – الإسرائيليّة، وهما الشقّان اللذان لم تكَد فحواهما تَخرج عن نطاق الهَمْس في الدوائر السياسيّة الضيِّقة حتّى تلقّى الرئيس نيكوس أناستاثيادس دعوةً رسميّةً لزيارة المملكة العربيّة السعوديّة. وإذا كان المتحدِّث باسم الحكومة القبرصيّة قد أعلن البارحة عن خبر هذه الدعوة الرسميّة بعد مرورِ ساعاتٍ قليلةٍ فقط على توقُّف الرئيس الحريري المفاجىء في مطار لارنكا، ومن ثمّ عودته المقرَّرة إلى بيروت، فإنّ ثمّة ما يدفع على الاعتقاد هنا بوجود بازارٍ عربيٍّ تمّ استحداثه للتوّ من أجل المضاربة في بورصةِ أسهمِ مبادرةِ الرئيس أناستاثيادس حيال لبنان، وذلك على رغم أنّ كافّة التفاصيل المتعلِّقة بهذه المبادرة قد أصبحت في متناول يد السلطات اللبنانيّة، سواءٌ بشقِّها الأوّل الخاصّ بأزمة النازحين السوريّين الذي اطّلَع عليه الرئيس سعد الحريري قبل يوميْن أم بشقِّها الثاني الخاصّ بمصادر الطاقة الذي اطّلَع عليه الرئيس نبيه بري أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة، الأمر الذي يعني في المحصِّلة النهائيّة أنّ الكرة التي يُفترَض أن نُسجِّل فيها، نحن اللبنانيّين، ضربة الجزاء الأخيرة في مباراة النهوض بلبنان من كبوته، نفطًا وغازًا واستقرارًا ورخاءً وبردًا وسلامًا، أصبحت مرميّةً اليوم في ملعبنا أكثر من أيِّ عصرٍ مضى.. وحسبي أنّ ما على الرئيس العماد ميشال عون سوى مواصلةُ السعي إلى رصِّ الصفوفِ بين مكوِّنات فريق "الصيغة التوافقيّة" اللبنانيّة جيّدًا، والاستعدادُ لتسجيل الهدف المنشود.. وحسبُنا أن نقول ذاتَ يومٍ في المستقبل القريب: "شكرًا قبرص"!
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك