Advertisement

عربي-دولي

تقنية قادرة على إعادة الآثار التي دمرها "داعش" إلى الحياة

Lebanon 24
26-12-2017 | 10:03
A-
A+
Doc-P-416430-6367056198799425931280x960.jpg
Doc-P-416430-6367056198799425931280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
إذا كنت من الملايين الذين تحسَّروا على آثار البلاد العربية، وهم يشاهدونها تتدمر في السنوات الأخيرة في سوريا والعراق، أو تساءلت عن سرِّ اختفاء بعض الآثار الفرعونية من مقابر مصر، بينما تمتلئ متاحف أوروبا بها، فستسعد حتماً حين تعلم أن هناك بارقة أمل توفرها تقنية علمية حديثة، يمكن أن تعيد الحياة إلى هذا الإرث الثقافي الإنساني. قبل أن نتحدث عن هذه التقنية، لا بد من التذكير بما آلت إليه حال آثارنا، فكلنا نذكر عام 2014 حين تصدرت مدينة تدمر في سوريا المشهد الإعلامي العالمي، وتسمرت العيون، وهي ترى آثار مدينة عريقة أحاطت بها الأساطير، وقد أصبحت أثراً بعد عين على يد تنظيم "داعش". وتلا ذلك جريمة أخرى للتنظيم في حق الإرث الإنساني عام 2015، ولكن في العراق هذه المرة، عندما أزال أفراده معبداً أثرياً عمره 2500 عام في مدينة النمرود، دون أن تترجم الصيحات الدولية لإنقاذ التراث الثقافي إلى عمل. ثم في عام 2016 أصدر ذات التنظيم مقطعاً مُصوَّراً دعائياً يُهدِّد بتدمير الأهرامات المصرية التي أدانوها ووصفوها بأنَّها مكانٌ لـ"الكفَّار". وقبل هذا وذاك تعرَّضت الآثار المصرية حسب تقرير "The Daily Beast" تابوتٌ أبيض محفوظ يحتوي مومياء الفرعون المصري سيتي الأول الذي كان والده رمسيس الحاكم الموقَّر للمملكة المصرية القديمة على مرِّ أكثر من عقد في وقتٍ ما من القرن الثاني عشر قبل الميلاد. وكان التابوت موجوداً في غرفة مقبرةٍ مُزيَّنة بأكثر الكتابات الهيروغليفية والرسومات المحفوظة بعناية، التي عرفها البشر عن أساطير مصرية، وبعد قرونٍ من النهب الهائل، دُمِّرت المقبرة تدميراً غير قابل للإصلاح. إلا أن هذا كله قد يكون قابلاً للإصلاح بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي أعادت الحياة بالفعل لقطع من الآثار المصرية عرضت متحف Antikenmuseum في العاصمة السويسرية بازل أخيراً كنسخةٍ مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد. فبينما فشلت منظماتٌ دولية مثل اليونسكو فشلاً كبيراً في حماية الفن الأعلى قيمةً في العالم، حسب وصف التقرير، جاءت مبادرات صغيرة قادتها مؤسسة فاكتوم المتخصصة في هذه التقنية، قامت بالمسح الضوئي والطباعة بتقنية ثلاثية الأبعاد فاتبعت نهجاً جديداً كلياً. وقال آدم لو مؤسس منظمة فاكتوم المسؤولة عن إعادة إحياء مقبرة سيتي لـThe Daily Beast، الفن في النهاية ليس شيئاً ميتاً تُقدِّر قيمته الجمالية، بل شيئاً حيَّاً تماماً، وفي ظل وجود التكنولوجيا، يمكننا حقاً دراسة الأشياء بعمقٍ وفهم كبيرين". واستخدمت فاكتوم المسح الضوئي والطباعة بتقنية ثلاثية الأبعاد لإعادة إحياء مقبرة سيتي، لتُطلق بذلك ثورةً حقيقية في مجال الحفاظ على الآثار الذي اعتمد لسنواتٍ على تعديلات تجميلية. ويعرض في بازل أكثر من 6 آلاف قطعةٍ صغيرة ومجموعة من التوابيت المطبوعة بالتقنية ثلاثية الأبعاد، وصورة طبق الأصل من غرفة المقبرة تستخدم ضوءاً خفيفاً لتسليط الضوء على رسوم للفراعنة وأغراضهم. مقبرة سيتي والجديرٌ بالذكر أنَّ مقبرة سيتي اكتُشِفَت لأول مرة قبل 200 عام على يد المستكشف الإيطالي جيوفاني بيلزوني، الذي وصفه "لو" بأنَّه "شخصية مبالغ فيها على غرار إنديانا جونز". فبلزوني حسب مؤسس المنظمة مثل زملائه التابعين للنخبة الاستعمارية الأوروبية، رأوا ثروات مصر وغيرها من دول الشرق الأوسط حقاً مكتسباً لهم، واستخدموا الشمع بلا رقيب في كشط عيِّنات من جدران الغرفة. ثم عاد بيلزوني وزملاؤه إلى ديارهم بهدايا تذكارية لا تُقدَّر بثمن، انتهى بها المطاف في متحف اللوفر والمتحف البريطاني ومتحف البيرغامون في العاصمة الألمانية برلين. ووُضِع تابوت سيتي في متحف السير جون سوان منذ عام 1824، حين بيع مقابل 2000 جنيه إسترليني. أمَّا بالعودة إلى المصر، فقد تُرِكَت غرف المقبرة نفسها خاوية ومشوَّهة تماماً. وقال فلورنس أنلايكر، الطالب في علم المصريات بجامعة بازل البالغ من العمر 26 عاماً الذي كان شريكاً فعالاً في الترجمة والبحث وراء معرض Antikenmuseum، إنَّ الطباعة ثلاثية الأبعاد تعكس جزءاً مؤلماً من التاريخ الاستعماري الأوروبي في الشرق الأوسط. وأضاف أنلايكر: "ما فعلته أوروبا في مصر والعديد من الأماكن الأخرى التي استعمرتها شوّه الآثار وتحفها، والآن تحاول أوروبا تعويض ذلك في متاحفها". نهج ناجح في مصر فقط وقال "لو" إنَّ هذا النهج ناجحٌ في مصر فقط حتى الآن "لأنَّ الفرق المصرية تستثمر في الحفاظ على الموقع على المدى الطويل، لأنَّها ترى أنَّ بقاء الموقع يُمثِّل بقاء مجتمعاتها". وعندما يُغلق المعرض أبوابه في شهر أيار من عام 2018، سيُنقَل التابوت المطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد ونسخة شبه الأصل من غرفة المقبرة إلى وادي الملوك في جنوب مصر على ضفاف نهر النيل. وقالت الباحثة المصرية علياء إسماعيل، التي تعمل من مصر مع مؤسسة فاكتوم منذ عام 2014، إنَّ المبادرة تتعلق بالاستقلال على الجانب المصري (فالفريق مُدرَّب على إصلاح أي كسرٍ يُصيب الماسحات الضوئية أو الكاميرات)، والسياحة المسؤولة اجتماعياً على الجانب الدولي. وتهدف علياء إلى نمو الفريق نمواً مُضاعفاً عن طريق البداية، بتدريب فريقٍ مُكوَّن من 10 أعضاء محليين (خمسة رجال وخمس نساء)، على أن يتوجه هؤلاء الأعضاء بعد ذلك إلى تدريب مزيدٍ من الأشخاص المحليين، وتأسيس مركز ثقافي لعقد ورش عمل حول أساليب توثيق التراث المبتكرة. ووصفت علياء الاستجابة المصرية لمؤسسة فاكتوم قائلةً: "كأي تكنولوجيا جديدة في بدايتها، يصعُب على الناس بعض الشيء فهم الغرض من عملنا، ولكن مع زيادة حجم عملنا ورؤية نتائجه، ينبهرون للغاية. يتطلع العديد من أفراد المجتمع المحلي في الأقصر إلى الاشتراك معنا ومعرفة المزيد عن أساليب الحفاظ الرقمي على التراث". وبحسب تقرير "The Daily Beast" فإن مصر بحاجة إلى تنشيط سياحتها، فمنذ ثورة الربيع العربي في عام 2011، أدَّت الاضطرابات السياسية وانتشار الإرهاب في مصر إلى انخفاض أعداد السياح بنسبة 50%، علماً أنَّ السياحة كانت مصدراً أساسياً للدخل في الاقتصاد المصري على مرِّ سنوات. وقال أندريا بيغناسكا مدير متحف "Antikenmuseum"، إنَّ القِطع التي على شاكلة قبر سيتي تُمثِّل عنصراً حاسماً في خلق وحدةٍ ثقافية على المستوى المصري المحلي، ويمكنها إلى جانب ذلك تقديم دروسٍ قيِّمة للمجتمع الذي يتسم بقدرٍ هائل من الترابط والعولمة في العالم. وأضاف: "في العصر الحالي، قد يكون الناس في بازل في أحد الأيام، ثم في نيويورك في اليوم التالي، ثم في القاهرة في اليوم الذي يليه، ولكنِّي لست متيقناً من أنهم يعرفون المكان الذي أتوا منه أو تقاليدهم. فأنت محاطٌ بأخبار وهمية، وعليك انتقاء جميع معلوماتك. لكنَّ مقبرة سيتي على سبيل المثال تُمثِّل شيئاً ملموساً من العصور القديمة، وشيئاً جديراً بالإشارة إليه وهكذا بالنسبة لنا، وللأمانة، فهي كذلك حقاً". على أرض الواقع هناك قائمةٌ من المتبرعين الأفراد والشركات الذين يُموِّلون مشروع طباعة محتويات مقبرة سيتي بتقنية ثلاثية الأبعاد. وقال أنلايكر إنَّ التاريخ الحديث الفريد لبازل كمدينةٍ مهووسةٍ بالفن (إذ تضم أكثر من ثلاث عشرة مؤسسةً فنية تزهو بأعمال فرانك غيري وزها حديد وغيرهما من الأعلام الدوليين في مجال الفن، وتعمل معظم هذه المؤسسات برعاية بنوك سويسرية وشركات أدوية) يجعلها موطناً مؤقتاً مناسباً لمشروع مقبرة سيتي. كما أشار إلى أن هناك حاجة ماسَّة إلى موارد بازل المالية في مصر التي تضرَّرت من اضطراباتٍ سياسية على مرِّ سنوات، مما جَعَلَ مهمة الحفاظ على التراث الثقافي مهمةً عبثية باطراد. وذلك فضلاً عن ظهورها في وقتٍ يشهد تعرُّض القطع الأثرية في العالم الإسلامي لهجومٍ متزايد من جانب جماعاتٍ معروفة. (هافنغتون بوست)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك