Advertisement

مقالات لبنان24

معركة إدلب.. والسيناريو الشيشانيّ في حسابات روسيا!

جمال دملج

|
Lebanon 24
16-01-2018 | 12:01
A-
A+
Doc-P-424954-6367056256580264911280x960.jpg
Doc-P-424954-6367056256580264911280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
في موازاة التطوّرات العسكريّة المتسارعة باضطرادٍ على الساحة السوريّة بالتزامُن مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطنيّ في مدينة سوتشي الروسيّة أواخر الشهر الحاليّ، يكثر الحديث في الوقت الراهن عن شكل السيناريو الذي سيُصار إلى وضعه لدى بدء معركة الحسم النهائيّ مع عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب ممّن لا يزالون يتحصَّنون بقوّةٍ في أماكنَ مختلِفةٍ داخل إدلب، ولا سيّما بعدما أشارت تقاريرُ استخباراتيّةٌ في الآونة الأخيرة إلى جملةٍ من الصعوبات والتعقيدات التي توحي بأنّ حلّ هذه المسألة بالتحديد لن يكون يسيرًا على الإطلاق، ليس بالضرورة فقط لأنّ عدد هؤلاء المقاتلين يُقدَّر حاليًّا بثلاثةٍ وثلاثين ألفًا، بينهم عشرةُ آلافِ مقاتلٍ متمرِّسٍ ينتمون إلى قوميّاتٍ وإثنيّاتٍ تركمانيّةٍ وطورانيّةٍ وشيشانيّةٍ، وإنّما لأنّ الظروف التي استوجبت إحضارهم تِباعًا إلى جبهات القتال منذ عام 2013، نجمت في الأساس عن حيثيّات لقاء المصالح وتقاطُعها بين المشاريع الدوليّة والإقليميّة ذاتِ الصلة بالشأن السوريّ، وخصوصًا على خطِّ واشنطن – أنقرة، الأمر الذي يُفسِّر أسباب تلازُم لهجة السخط والارتياب باستمرارٍ مع مفردات غالبيّة المسؤولين الرسميّين السوريّين كلّما أتوا على ذِكر الأبعاد الحقيقيّة للدوريْن الأميركيّ والتركيّ في بلادهم. وإذا كان المرء لا يحتاج إلى التمتُّع بالكثير من سمات النباهة لكي يُدرك أنّ الزخم الذي تشهده المعارك الجارية على قدمٍ وساقٍ في هذه الأيّام، سواءٌ بقوّةِ دفعٍ أميركيّةٍ أم بقوّةِ دفعٍ تركيّةٍ، لا يعدو عن كونه مجرَّدَ محاولةٍ مستميتةٍ تستهدف السعي في اتّجاه إعادة خلط الأوراق وقلب موازين القوى لصالح المتوجِّسين من تنامي النفوذ الروسيّ، عبر البوّابة السوريّة، على الساحتين الدوليّة والإقليميّة، أملًا في فرض وقائعَ ميدانيّةٍ جديدةٍ يمكن أن يُصار لاحقًا إلى شرعنتها على الورق اثناء انعقاد مؤتمر سوتشي، ومن ثمّ في مفاوضات السلام الجارية تحت رعاية الأمم المتّحدة، فإنّ المرء لا يحتاج أيضًا إلى التمتُّع بالسمات نفسها لكي يُدرك أنّ موسكو باتت تتقاسم مع دمشق نسبةً كبيرةً من القلق والتوجُّس حيال ما قد ينجم عن هذه المحاولة المستميتة من عواقبَ وخيمةٍ في المستقبل، ولا سيّما بعدما أظهرت تجلّيات عمليّة السعي إلى استهداف قاعدتيْ حميميم وطرطوس مؤخَّرًا بطائراتٍ من دون طيّارٍ أنّ النزعة العدوانيّة ضدّ الدور الروسيّ في سوريا لم تعُدْ تتوقَّف عند أيِّ حدٍّ، تمامًا مثلما أظهرت في الموازاة أنّ الغاية باتت تبرِّر الوسيلة في أجندات القيِّمين على لقاء المصالح الدوليّ – الإقليميّ الآنف الذِكر طالما أنّها ستؤدّي في نهاية المطاف إلى كبح جماح هذا الدور. الثأر الإسرائيليّ القديم من هنا، ومع الأخذ في الاعتبار أنّ الإدارة الروسيّة سارعت إلى إزالة الشبهات التي حامت للوهلة الأولى حول احتمال تورُّط تركيا في هذه العمليّة، يُصبح من المنطقيّ جدًّا توجيه أصابع الاتّهام إلى دولةٍ إقليميّةٍ أخرى، أغلب الظنّ أنّها تتحدَّث بالعبريّة وليس بالعربيّة، وهي الدولة التي يُعتقَد أنّها أرادت توجيه رسالةٍ مبطَّنةٍ لروسيا من أجل حثِّها على عدم الوقوف كحجرِ عثرةٍ في المحافل الدوليّة أمام تطبيق قرار الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب بشأن الاعتراف بمدينة القدس كعاصمةٍ لها، الأمر الذي يُفسِّر سبب إعلان الرئيس فلاديمير بوتين عن أنّ بلاده تعرف هويّة هذه الدولة جيّدًا، من دون تسميتها، ولا سيّما إذا أعدنا للذاكرة أنّ ثمّة ثأرًا قديمًا بين الطرفين يعود إلى ذلك اليوم البعيد من عام 1999 عندما قام المؤتمر اليهوديّ الروسيّ، عن طريق الملياردير الأوليغارشيّ بوريس بيريزوفسكي، بتمويل عمليّة دخول القائديْن الشيشانيّيْن المتطرِّفيْن شامل باساييف وابن الخطّاب على رأس أربعمئةِ "مقاتلٍ جهاديٍّ" إلى جمهوريّة داغستان من أجل جرِّ القوّات الروسيّة إلى حربِ استنزافٍ في الشيشان، وذلك من أجل قطع الطريق أمام فرص وصول الرئيس بوتين إلى الحكم في قصر الكرملين، وفقًا لما كان الرئيس الراحل بوريس يلتسين قد وعد به وقتذاك عندما قال إنّ فلاديمير بوتين سيكون "الخلَفَ المختار" للعبور بروسيا إلى الألفيّة الثالثة، وهو الخَلَف الذي لم يتردَّد لوهلةٍ واحدةٍ في دخول الحرب مع الأوليغارشيّين والمتطرِّفين على حدٍّ سواء، وبالتالي في حسمها لصالحه في غضون أقلّ من عاميْن من الزمان، ممّا ضيَّع على الإسرائيليّين فرصًا كثيرةً، كان من أهمّها الحصول على أسهمٍ وازنةٍ في شركة "غازبروم" التي كانت لا تزال حديثة العهد. السيناريو الشيشانيّ على هذا الأساس، وبالنظر إلى أنّ التقديرات الميدانيّة الحاليّة تشير إلى وجود ما لا يقلّ عن ثلاثةِ آلافٍ مقاتلٍ شيشانيٍّ يتوزَّعون في مدينة إدلب ومحيطها مثل أريحا وجسر الشغور وخان شيخون ومعرّة النعمان، فأغلب الظنّ أنّ الجهد العسكريّ الروسيّ في محاولة القضاء على هذا العدد من الإرهابيّين الذين يشكِّلون الخطر الأكبر على فرص نجاح العمليّات العسكريّة في سوريا، سيتركَّز اعتبارًا من الآن على شنِّ غاراتٍ مشبَعةٍ بمعلوماتٍ استخباراتيّةٍ تستهدف قياداتهم ورموزهم بشكلٍ شخصيٍّ، على غرار ما حصل لدى استهداف جوهر دوداييف وأصلان ماسخادوف وشامل باسييف وابن الخطّاب وأبو وليد الغامدي وغيرهم أثناء حرب الشيشان الثانية، الأمر الذي أدّى إلى انفراط تماسُك مجموعاتهم القتاليّة، وبالتالي إلى تسهيل تحقيق النصر على الإرهاب في شمال القوقاز.. وحسبي أنّ السيناريو نفسه أصبح على وشك التنفيذ في سوريا، وأنّ الرسائل هنا ستكون موجَّهةً للإرهابيّين ولمن يقفون وراءهم في المجالين الدوليّ والإقليميّ على حدٍّ سواء.. وما على الصيّادين في مياه الإرهاب العكرة سوى أخذ العِبرة، واليقين.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك