Advertisement

صحافة أجنبية

«معركة عفرين».. تركيا تقتنص الفرصة الإقليمية المؤاتية

Lebanon 24
22-01-2018 | 16:57
A-
A+
Doc-P-427840-6367056274948857411280x960.jpg
Doc-P-427840-6367056274948857411280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
الأكراد مازالوا ضحايا «لعبة الأمم» في العراق والآن في سورية في العراق بنى الأكراد مشروعهم الخاص في الشمال حجرا حجرا وخطوه خطوة منذ العام ٢٠٠٣ تاريخ الاجتياح الأميركي للعراق. هذا المشروع كان وصل مرحلة متقدمة جدا في الأعوام الأخيرة بعد ظهور تنظيم «داعش» وسيطرته على قسم كبير من أراضي العراق، وبروز قوات البيشمركة الكردية كرأس حربة لمحاربة «داعش». وكان أن حصل الأكراد على دعم المجتمع الدولي الذي كافأهم بتزويدهم بالسلاح والمال، وظنوا أن دورهم البارز في مقاتلة «داعش» يعطيهم شرعية دولية وحقا في السعي الى تثبيت مشروعهم الانفصالي. فكان أن تشجعوا بهذا الدعم وبادروا الى أول خطوة عملية هي الاستفتاء على الاستقلال. ولكن الرد من جانب إيران جاء سريعا وصاعقا، إذ شن الجيش العراقي مع قوات الحشد الشعبي، وتحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، هجوما على كركوك، وهي النقطة المركزية في الدولة الكردية الموعودة. وحصل ذلك بتأييد من تركيا وبغض نظر أميركي وعدم رغبة في حماية المشروع الكردي والاصطدام بإيران في العراق وكان سقوط كركوك، إعلانا لسقوط المشروع الكردي في العراق وهذا التطور شكل نقطة تحول في علاقة الأكراد مع الولايات المتحدة، إذ اتهموها بأنها «باعتهم» وتخلت عنهم وسلمتهم لإيران فقد كانت الانتكاسة أكبر من أن يتحملها الأكراد، والخيبة عميقة من واشنطن التي فقدوا ثقتهم بها ليضطروا الى الرضوخ للأمر الواقع والتعايش مع «عراق شيعي وإيراني» والعودة الى ما قبل العام ٢٠٠٣. ولا يبدو أن مصير أكراد سورية أفضل.. ما لقيه أكراد العراق على يد إيران بمساندة تركية وتخل أميركي، يلقاه أكراد سورية على يد تركيا بمساندة إيرانية وتخل روسي... السقوط في كركوك أعلن سقوط الحلم الكردي ومشروع الدولة الكردية في شمال العراق. وسقوط عفرين سيعلن سقوط مشروع الفيدرالية الكردية في شمال سورية عندما يتكرس الانقطاع الجغرافي بين المناطق والمفاصل الكردية. وقع أكراد سورية أيضا في خطأ التقدير والحساب، ومن الممكن أنهم: ٭ ذهبوا بعيدا في الاعتقاد أن دورهم في التصدي لـ«داعش» أعطاهم نوعا من الحصانة ضد حملات التأديب التي أدمنت جيوش دول المنطقة القيام بها ضدهم كل مرة انتفضوا فيها مطالبين بحقوقهم وخصوصياتهم. ٭ اعتقدوا أن القرار الأميركي بالبقاء في سورية وربط سورية ما بعد «داعش» بخطة احتواء إيران وتغيير النظام السوري، يوفر لهم حماية وحصانة لأنهم يشكلون حاجة لواشنطن التي ليس لها من حليف أفضل وأقوى على الأرض السورية. ٭ استقووا وتشجعوا بالموارد النفطية والمالية الكبيرة التي حصلوا عليها بعد الاستيلاء على حقول نفطية ومنشآت استراتيجية في دير الزور ووادي الفرات.. وهو ما جعل مشروع أي كيان كردي قابلا للحياة اقتصاديا. ٭ فسروا خطأ اتجاه الأميركيين الى إقامة قوة عسكرية رديفة للقوات الكردية يصل تعدادها الى ٢٨ ألف مقاتل وتحويل نهر الفرات الى خط حدودي مهمته منع القوات السورية من مهاجمة الكيان المزمع إنشاؤه، وبالتالي يكون هذا الجيش المنظم والمدرب أميركيا بمثابة حرس حدود لحماية مناطق الأكراد ومكتسباتهم. تركيا كانت في المرصاد للتطورات الجارية في الشريط الكردي الحدودي ولـ«التحولات المتعاظمة»، وكانت تتحين لحظة الانقضاض واختيار التوقيت المناسب لضرب مشروع التواصل بين أعزاز وجرابلس من جهة وعفرين ومنبج من جهة ثانية. وقد توافرت الظروف الملائمة للتدخل عسكريا وفتح معركة عفرين بعدما ضمنت تركيا الأمور والأوضاع التالية: أولا: الضوء الأخضر الروسي لعملية كهذه لم تكن ممكنة لولا تغاضي موسكو أو عدم ممانعتها... وهذا ما يصفه الأكراد بالتواطؤ والغدر الروسي الذي ترجم على الأرض بسحب وحدات روسية من عفرين باتجاه تل رفعت في ريف حلب، وإعلان الجيش الروسي أنه لن يتدخل في العملية التركية، وإعلان وحدات الشعب الكردية التي تهيمن على «قسد» أنها تلقت إشعارا من دمشق بأن موسكو منعت النظام من تنفيذ تهديد بالرد على الجيش التركي لوقف تدخله. وإعلانها أيضا أن الأكراد تلقوا قبل يومين من الهجوم التركي عرضا روسيا بتسليم عفرين الى النظام السوري لتجنيبهم مثل هذا الهجوم... وبعدما كان الأكراد في سورية يعولون على موقف موسكو التي عبرت مرارا عن دعم «فيدرالية الشمال» السوري وضغطت على دمشق للحوار معهم، فإنهم يتحدثون عن تبدل في الموقف الروسي ومقتنعون بأن روسيا باتت جزءا من المؤامرة ضدهم.. وذهبوا الى حد وصف دورها باللاأخلاقي. كان من الواضح أن روسيا كانت أمام اختبار وموقف حرج: فهي داعمة للأكراد ومعنية بضمهم الى «مؤتمر سوتشي»، ولكنها في النهاية غلبت مصلحتها في إنقاذ علاقتها مع تركيا، وهي تحتاج الى هذه العلاقة لإنجاح خطتها السياسية وللحؤول دون عودة تركيا مجددا الى الحضن الأميركي. ثانيا: الإحجام الأميركي عن التدخل في هذه المعركة بحجة أن عفرين تقع خارج النطاق الكردي المشمول بالرعاية الأميركية.. ولكن السبب الفعلي هو المسايرة الأميركية لتركيا حتى لا تندفع أكثر الى المحور الروسي ـ الإيراني، وحتى لا تخسرها كحليف إقليمي بعدما نجحت أنقرة في حشر واشنطن في زاوية الخيار بين الأتراك والأكراد. ثالثا: السكوت الأوروبي باستثناء موقف رفع العتب من جانب فرنسا التي كان لها موقف مشابه إبان معركة كركوك. فالأوروبيون يحتاجون الى تركيا في معركتهم ضد الإرهاب وفي احتواء ملف اللاجئين السوريين. كما أنهم معنيون بعدم حصول فك ارتباط بين تركيا وحلف شمال الأطلسي، خصوصا أن أنقرة تقدم نفسها مدافعة عن حدود أوروبا وأمنها. رابعا: التواطؤ الإيراني مع تركيا في سياق تبادل الخدمات، وحيث ان إيران في ضوء الاستراتيجية الأميركية الجديدة باتت في حاجة أكثر الى مسايرة تركيا، خصوصا أنها مرتابة من قيام تفاهمات روسية ـ أميركية تفضي الى تحجيم دورها وحضورها في سورية. استفادت تركيا من كل هذه العوامل والظروف واندفعت الى عفرين التي تعتبر الضلع الثالث من مقاطعات فيدرالية شمال سورية، إضافة الى الجزيرة وكوباني. وهذه العملية تهدف الى محاصرة عفرين وإرغام «قسد» على مغادرتها وتصب في نهاية المطاف في مشروع إقامة منطقة أمنية حدودية بعمق ثلاثين كيلومترا داخل الأراضي السورية.. هذه الخطة تتضمن تطويق المنطقة من لواء اسكندرون (هاتاي) وكيليس وأعزاز وتل رفعت، وإدلب. وستتولى قوات خاصة منع تسلل عناصر «الوحدات» إلى الأراضي التركية من غرب عفرين، بينما سيتولى أفراد من فصائل «الجيش الحر» مهمة حماية محيط منبج وجرابلس.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك