Advertisement

مقالات لبنان24

إسقاط الـ "إف – 16" الإسرائيليّة.. وملامح الشرق الأوسط الجديد!

جمال دملج

|
Lebanon 24
11-02-2018 | 11:11
A-
A+
Doc-P-437235-6367056332732799211280x960.jpg
Doc-P-437235-6367056332732799211280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بغضّ النظر عن أهمّيّة التعبئة المعنويّة وشدِّ الهمَم وإثارة الحماس في أوساط الناس أثناء اندلاع المعارك والحروب بين الأعداء، فإنّ التطوُّر اللافت الذي استجدَّ البارحة على خلفيّة نجاح الدفاعات الجوّيّة السوريّة في إسقاط مقاتلة الـ "إف – 16" الإسرائيليّة فوق الجليل في فلسطين التاريخيّة، لا بدَّ من أن يدفعنا إلى التمعُّن في حيثيّاته باهتمامٍ بالغٍ، بما يضمن لنا فرص استثماره على أفضلِ وجهٍ لدى وضع المعادلات الاستراتيجيّة المستقبليّة في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيّما بعدما أصبح في حُكم المؤكَّد أنّ موازين القوى بين العرب والإسرائيليّين خلال مرحلة ما بعد العاشر من شهر شباط عام 2018 لن تبقى على الإطلاق كما كانت قبله، بمعنى أنّ الزمان الذي تمايزت فيه الدولة العبريّة باتّخاذ قرارات خوض الحروب منفردةً، ومن ثمَّ فرضها على الآخَرين أو استدراجهم إليها، ولّى إلى غيرِ رجعةٍ، ليس بسبب وصول المسؤولين هناك إلى درجة اليقين بأنّ مثل هذه الحروب لم تعُدْ مجرَّدَ نزهةٍ سهلةٍ تُحصَد فيها المواسِم والغنائم والمكاسِب وحسب، وإنّما لأنّ واقع الحال الناجم عن بدء مرحلة الانخراط الروسيّ المباشِر في رسم ملامح المستقبل السوريّ، اعتبارًا من يوم الثلاثين من شهر أيلول عام 2015 ولغاية يومنا الراهن، وما ترافق مع ذلك من نقلاتٍ ميدانيّةٍ نوعيّةٍ جرّاء تفعيل التعاون والتنسيق في إطار الارتصاف القائم على خطّ موسكو – أنقرة – طهران، بات يُلزِم أولئك المسؤولين بالعدّ إلى العشرة قبل الإقدام على أيِّ مغامرةٍ عسكريّةٍ متهوِّرةٍ من شأنها التمهيد لاندلاعِ حروبٍ كبرى، ناهيك عن أنّ معادلة الردع الاستراتيجيّ المنبثقة عن شعار "جيش – شعب – مقاومة" في لبنان، أثبتت فاعليّتها وجدارتها بامتيازٍ على هذا الصعيد، الأمر الذي تجلّى مؤخَّرًا بعدما دخل اللبنانيّون بالفعل إلى نادي الدول النفطيّة والغازيّة على رغم كافّة التحذيرات والتهديدات الإسرائيليّة المعروفة للجميع. أمام هذا الواقع، وبالنظر إلى أنّ تطوُّر الأمس أظهَر بما لا يترك أيَّ مجالٍ للشكّ مدى تعطُّش الشعوب العربيّة إلى تحقيق إنجازاتٍ بطوليّةٍ على شاكلة ما تحقَّق جرّاء إسقاط مقاتلة الـ "إف – 16"، وفقًا لما دلَّت إليه حصيلة تعليقاتهم وتغريداتهم ومواقفهم، سواءٌ في الشوارع أم على مواقع التواصل الاجتماعيّ، فإنّ شروط المحافظة على استمراريّة هذه الروح المعنويّة العالية في أوساط الناس، باتت تستوجب تضافر الجهود على المستويات السياسيّة والعسكريّة، وقبل ذلك الإعلاميّة، بغية تحمُّل المسؤوليّة في مجال التعاطي بحذرٍ شديدٍ مع التسريبات المشبوهة التي تصدر تِباعًا عن دوائرَ إسرائيليّةٍ في الوقت الحاليّ، ولا سيّما بعدما أدّى الاعتماد على مثل هذه المصادر في مناسباتٍ سابقةٍ إلى ظهور العديد من التقديرات غير الدقيقة للكثير من الأحداث والمستجدّات، على شاكلة ما حصل مثلًا أواخِر الشهر الماضي، عندما تمَّ تفسير زيارة رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو لروسيا، واجتماعه مع الرئيس فلاديمير بوتين، قبل يومٍ واحدٍ من افتتاح مؤتمر الحوار الوطنيّ السوريّ في مدينة سوتشي، باعتبارها استهدفت فرض "الإملاءات" الإسرائيليّة على موسكو فيما يتعلَّق برؤية تلّ أبيب للحلّ المنشود في سوريا، وذلك عن طريق الإيحاء بأنّ الروس "وافقوا ضمنيًّا" على تلك الإملاءات، الأمر الذي كاد يتسبَّب في دقِّ إسفينٍ مؤقَّتٍ بين الدول الثلاث الراعية للمؤتمر، استنادًا إلى مرجعيّة أستانا، أيْ روسيا وتركيا وإيران. هذا الكلام، وإنْ كان لا ينطوي على أيِّ نيّةٍ للادّعاء بعدم وجودِ اختلافاتٍ أو تبايُنٍ في وجهات النظر على خطّ التواصل الروسيّ – التركيّ – الإيرانيّ الراهن في سوريا، ولا سيّما في ظلّ استمرار خضوع التقييم النهائيّ الخاصّ بمغامرة عمليّة "غصن الزيتون" في عفرين لمزاجيّة الكرّ والفرّ بين توجُّسٍ منطقيٍّ من هنا وقبولٍ على مضضٍ من هناك، ولكنّ الهدف المرجوّ من ورائه، يتمثَّل في وجوب الإضاءة على حقيقةٍ مؤدَّاها أنّ موسكو، وعلى رغم أنّ عودتها بقوّةٍ إلى الساحة الشرق أوسطيّة، عبر البوّابة السوريّة، بدأت بمحاربة الإرهاب وستنتهي بتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، فإنّها لا يمكن أن تطعَن الحلفاء من الخلف على الإطلاق، الأمر الذي يعني في المحصِّلة النهائيّة أنّ التسريبات الإسرائيليّة الرائجة في هذه الأيّام، سواءٌ من خلال الصحف التقليديّة أم من خلال المواقع الاستخباراتيّة المتخصِّصة، ليست أكثر أو أقلّ من مجرَّدِ محاولاتٍ مستميتةٍ تستهدف السعي إلى تعكير المياه بين روسيا وحلفائها، أملًا في الإيحاء بأنّ تلّ أبيب قادرةٌ على الاصطياد فيها. من هنا، وبالعودة إلى خبر الصاروخ السوريّ الذي أدّى البارحة إلى إسقاط مقاتلة الـ "إف – 16" الإسرائيليّة فوق الجليل في فلسطين التاريخيّة، وعطفًا على ما تقدَّم ذكره بخصوص مدى "تعطُّش" الشعوب العربيّة إلى سماع مثل هذه الأخبار، فإنّ الأمانة المهنيّة والأخلاقيّة تستوجب التحذير من مخاطر الاعتماد على معظم ما تروِّجه الصحافة العبريّة في هذه الأثناء من تقديراتٍ متباينةٍ حول حسابات الربح والخسارة، لغايةٍ في نفس يعقوب، على غرار ما جاء على لسان نتنياهو اليوم الأحد عندما تحدَّث عن أنّ بلاده سدَّدت "ضربةً قاسيةً للقوّات الإيرانيّة والسوريّة"، على حدِّ تعبيره، وخصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار أنّ هذه الثقة المفرِطة بالنفس، لو كانت في مكانها بالفعل، لما كان السفير الإسرائيليّ لدى روسيا هاري كورين قد سارع إلى مطالبة موسكو بالتدخُّل لمنع التصعيد والحيلولة دون تدخُّل حزب الله، ولما كان نتنياهو قد سارع بدوره إلى الاتّفاق مع الرئيس بوتين على ضرورة تجنُّب أيِّ خطواتٍ من شأنها أن تؤدّي إلى حدوثِ مواجهةٍ جديدةٍ في المنطقة. وحسبي أنّ الأمانة المهنيّة والأخلاقيّة تستوجب التحذير أيضًا من عواقب الإسراف في التفاؤل بأنّنا دخلنا للتوّ، نحن العرب، في مرحلة الأمان الكامل، ولا سيّما إذا وضعنا في الحسبان أنّ أكثر القراءات رصانةً لما حدث في الأمس على الساحة السوريّة، هي تلك التي تحدَّثت عن أنّ شوكة الدولة العبريّة في الجسم العربيّ، وإنْ كانت قد كُسِرَت إثر إسقاطِ مقاتلةٍ إسرائيليّةٍ بصاروخٍ سوريٍّ، ولكنّها لم تُنتزَع من هذا الجسم بشكلٍ كاملٍ بعد، الأمر الذي يستوجب في الموازاة الوقوف على درجةٍ عاليةٍ من التأهُّب في مواجهةِ أيِّ مفاجآتٍ غيرِ متوقَّعةٍ، اعتبارًا من الآن وحتّى إشعارٍ آخَر، لكي نتمكَّن من المحافظة على معنويّاتنا العالية، وبالتالي، من الردّ على أيِّ مغامراتٍ مرتقبةٍ ضدّنا، بلغةِ العقل، وليس بلغةِ المغامرات.. والخير دائمًا في التذكير هنا بأهمّيّة دور الحليف الروسيّ في رسم ملامح الشرق الأوسط الجديد من وراء القصد.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك