Advertisement

مقالات لبنان24

فلاديمير جيرينوفسكي.. وسرّ المليارات الأميركيّة المخصَّصَة لـ "الديمقراطيّة الروسيّة"!

جمال دملج

|
Lebanon 24
18-02-2018 | 12:49
A-
A+
Doc-P-440308-6367056351964918681280x960.jpg
Doc-P-440308-6367056351964918681280x960.jpg photos 0
PGB-440308-6367056351969122781280x960.jpg
PGB-440308-6367056351969122781280x960.jpg Photos
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يكن مستغرَبًا على الإطلاق أن يتطرَّق زعيم الحزب الليبراليّ الديمقراطيّ الروسيّ فلاديمير جيرينوفسكي في سياق مؤتمره الصحافيّ الأخير إلى ما تقوم به الدول الغربيّة من تدخُّلاتٍ مباشِرةٍ تستهدف التأثير على مزاج الناخبين قبيل توجُّههم إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في معركة الانتخابات الرئاسيّة المقرَّرة يوم الثامن عشر من شهر آذار المقبل، ولا سيّما أنّ هذا الرجل المعروف بمواقفه الحادّة التي يحلو للبعض وصفها بـ "الشعبويّة"، غالبًا ما ظلّ يركِّز في لغة تخاطُبه مع قاعدته الجماهيريّة على التحذير من أنّ غايات الغرب لطالما تمثَّلت طيلة سنوات الألفيّة الثالثة في السعي إلى إيصالِ "يلتسين جديدٍ" إلى قصر الكرملين، نسبةً إلى الرئيس الراحل بوريس يلتسين الذي اتّسمت فترة حكمه (1991 – 1999) بالضعف الشديد، وهي التحذيرات التي وصلت في الآونة الأخيرة إلى حدِّ الكشف عن أنّ وزارة الخارجيّة الأميركيّة خصَّصَت ميزانيّةً بقيمةِ خمسةِ ملياراتِ دولارٍ من أجل تنفيذِ برنامجٍ يُسمّى "تطوير الديمقراطيّة في روسيا"، وذلك في خطوةٍ مشبوهةٍ تحمل في طيّاتها الكثير من الدلالات والأبعاد. وعلى رغم أنّ فرص فوز المترشِّحين الحاليّين الثمانية في دورة الانتخابات المقبلة تكاد تبدو محسومةً سلفًا لصالح الرئيس فلاديمير بوتين، وخصوصًا بعدما أظهرت نتائج آخِر استطلاعٍ للرأي أُجريَ حول هذا الموضوع قبل قرابة الأسبوعين وصول شعبيّته إلى أكثر من واحدٍ وسبعينَ في المئة، بينما تراوحت شعبيّة بقيّة منافسيه على التوالي مثل بافيل غرودينين وفلاديمير جيرينوفسكي وكسينيا سوبتشاك وغريغوري يافلينسكي وبوريس تيتوف وسيرغي بابورين ومكسيم سورايكين ما بين سبعةٍ وما بين واحدٍ في المئة فقط، فإنّ مجرَّد الكشف عن سرّ المليارات الأميركيّة الخمسة، وتزامُن ذلك مع استمرار الكرّ والفرّ حول الاتّهامات التي وجَّهتها دوائرُ رسميّةٌ في الولايات المتّحدة لروسيا بخصوص تدخُّلها المزعوم لصالح الجمهوريّ دونالد ترامب ضدّ غريمته الديمقراطيّة هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، لا بدَّ من أن يحمل في الموازاة مادّةً انتخابيّةً مجّانيّةً ودسمةً لكلٍّ من الرئيس بوتين ومنافسيه على حدٍّ سواء، بما يمكن أن يندرج في سياق المبدأ القائل بردِّ الصاع صاعين وأكثر، ولا سيّما إذا وضعنا في الحسبان أنّ موسكو لم تفوِّت أيَّ مناسبةٍ خلال العاميْن الماضييْن إلّا وأكَّدت فيها على أنّ لا أساس من الصحّة لتلك الاتّهامات، على غرار ما فعله وزير الخارجيّة سيرغي لافروف أثناء مشاركته نهار أمس السبت في "مؤتمر ميونيخ للأمن" عندما وصفها بأنّها "هراء"، على حدِّ تعبيره، بينما أصبحت محاولات تدخُّل واشنطن في الحياة السياسيّة الروسيّة مفضوحةً ومكشوفةً أمام الجميع. وإذا كان جيرينوفسكي يدرك مسبَقًا أنّ حظوظه في الجلوس على كرسيّ الرئاسة تكاد تكون معدومةً في الوقت الحاليّ، ولدرجةٍ كانت قد تجلَّت بوضوحٍ عندما أعرب في وقتٍ سابقٍ من العام الماضي عن ثقته في إمكانيّة فوزه شريطة أن يقرِّر الرئيس بوتين عدم الترشُّح لولايةٍ رئاسيّةٍ جديدةٍ، فإنّ هذا الإدراك، وعطفًا على ما تقدَّم ذكره بخصوص الكشف عن سرّ المليارات الأميركيّة الخمسة، لا بدَّ من أن يؤدّي في نهاية المطاف إلى رفع نسبة حضوره في الشارع الروسيّ إلى ما فوق خمسةٍ وسبعةِ أعشارٍ في المئة، ليتقدَّم بذلك على منافسه المترشِّح عن الحزب الشيوعيّ بافيل غرودينين الذي يحظى بنسبةِ سبعةٍ في المئة، وليُصبح إثر ذلك في المرتبة التنافسيّة الثانية وليس الثالثة، الأمر الذي يتَّضِح أكثر فأكثر إذا ما أخذنا في الاعتبار أنّ غرودينين بدأ حملته الانتخابيّة بالدعوة إلى سحب القوّات الروسيّة بشكلٍ كاملٍ من سوريا، خلافًا لما تشتهيه إرادة الغالبيّة العظمى من المواطنين الروس، بينما ظلّ جيرينوفسكي في المقابل محافِظًا على ثوابته في مجال التأكيد على حقّ بلاده في إقامةِ توازنٍ حقيقيٍّ مع الولايات المتّحدة حيثما تستوجب الضرورة ذلك في مختلف أنحاء العالم، بما من شأنه أن يطوي صفحة الضعف الشديد الذي اتّسمت به حقبة حكم الراحل بوريس يلتسين، وهي الثوابت التي قُدِّر لي أن أسجِّلها بالصوت والصورة في أحد أيّام عام 2001، وخصوصًا عندما شدَّد جيرينوفسكي أثناء لقائي الأوّل معه في مكتبه داخل مقرّ مجلس الـ "دوما" في موسكو على أهمّيّة توجُّه الرئيس بوتين إلى إقامةِ تكتُّلٍ استراتيجيٍّ بين روسيا والصين وإيران من أجل الشروع في بناءِ عالمٍ متعدِّد الأقطاب. ولعلّ ما يعزِّز الاعتقاد بأنّ قاعدة جيرينوفسكي الشعبيّة آخذةٌ في الاتّساع، يتمثَّل في أنّ مطالبته المستمرّة بوجوب إجراء إصلاحاتٍ للنظام التقاعديّ والبنكيّ، وإصراره على ضرورة إعادة الأمور إلى قبضة الدولة، وهجومه على القطاع الخاصّ باعتباره "العدو اللدود" للمواطن الروسيّ، هي عواملُ تلامُس في مجملها وجدان الناخبين في الصميم، خلافًا لما هو الحال عليه في أجندات المترشِّحين الآخَرين، وعلى وجه الخصوص المترشِّحة كسينيا سوبتشاك التي لم تتمكَّن من استثمار إرث والدها أناتولي باعتباره كان عرّاب الرئيس بوتين في السياسة في تسعينيّات القرن العشرين، فقَّررت بدء حملتها الانتخابيّة الأسبوع الماضي من الولايات المتّحدة الأميركيّة.. وحسبي أنّ اثنين لا يختلفان على أنّ هذا القرار مموَّلٌ أصلًا من قيمة المليارات الخمسة التي رصدتها وزارة الخارجيّة في واشنطن من أجل "تطوير الديمقراطيّة في روسيا" بما يخدم مصالح الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض.. وحسبي أنّ الأمانة الأخلاقيّة تستوجب الثناء على ما فعله فلاديمير جيرينوفسكي لدى قيامه بالكشف عن هذا السرّ، حتّى ولو كانت نتيجة انتخابات آذار المقبل قد أصبحت محسومةً سلفًا لصالح غريمه فلاديمير بوتين.. فهنا تتراجع مستلزمات التنافس الانتخابيّ حتمًا خدمةً للمصلحة القوميّة الروسيّة العليا، وهنا تذهب الملياراتُ الأميركيّة، مليارًا بعدَ مليارٍ، مع الريح.. والخير دائمًا من وراء القصد.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك