Advertisement

مقالات لبنان24

قنبلة السفارة الأميركيّة في الجبل الأسود.. أصابع "داعشيّة" أم أكثر؟

جمال دملج

|
Lebanon 24
22-02-2018 | 09:37
A-
A+
Doc-P-442236-6367056364031952311280x960.jpg
Doc-P-442236-6367056364031952311280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
على رغم أنّ التحقيقات حول الهجوم الانتحاريّ الذي استهدَف مقرّ السفارة الأميركيّة في جمهوريّة الجبل الأسود عند منتصف الليلة الماضية ما زالت مستمرّة من أجل الكشف عن هويّة المهاجِم الذي قام بإلقاءِ قنبلةٍ على باحة المقرّ ومن ثمّ بتفجير نفسه، فإنّ أصابع الاتّهام سرعان ما راحت توجَّه بشكلٍ غيرِ رسميٍّ لتنظيم "داعش"، وذلك استنادًا إلى ما كانت السلطات المحلّيّة في بودغوريتسا قد كشفت عنه مؤخَّرًا بخصوص تورُّط حوالي ثلاثةٍ وعشرين مواطنًا من رعاياها في القتال إلى جانب المتشدّدين في كلٍّ من العراق وسوريا، الأمر الذي يرجِّح فرضيّة وجودِ خلايا إرهابيّةٍ نائمةٍ في البلاد، علمًا أنّ البيان الصادر عن الدوائر الأمنيّة صباح اليوم لم يتضمّن أيَّ إشارةٍ إلى أيِّ فرضيّةٍ بشأن الجهة التي تقف وراء الهجوم. على هذا الأساس، وبالنظر إلى أنّ البصمات "الداعشيّة" لم تُكتشَف في مسرح الجريمة بعد، فإنّ ثمّة المزيد من الاحتمالات الأخرى التي تؤشِّر إلى إمكانيّة ارتباط الهجوم بالخلافات الداخليّة المتفاقمة باضطرادٍ بين الحُكم والمعارَضة منذ الإعلان عن إقرار قانون انضمام الجبل الأسود إلى حلف شماليّ الأطلسيّ في شهر أيّار من العام الماضي، الأمر الذي من شأنه أن يعزِّز الاعتقاد بأنّ المهاجِم أراد إيصال رسالته إلى دوائر الحلف، عبر البوّابة الأميركيّة، بغية التعبير عن استمرار رفض غالبية الناس للنتائج التي ترتَّبت عن ذلك القانون، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ عدد النوّاب الذين صوَّتوا لصالحه لم يتجاوز الستّةَ والأربعينَ من أصل واحدٍ وثمانين، ناهيك عن أنّ حركة الاحتجاجات الشعبيّة ضدّ إقراره تفاعلت على مدى الأشهر العشرة الماضية بشكلٍ خطيرٍ وصل إلى حدِّ حصولِ مواجهاتٍ داميةٍ مع قوّات الأمن. وللتذكير، فإنّ مساعي الولايات المتّحدة في مجال إرغام الجبل الأسود على دخول بيت الطاعة الأطلسيّ كانت قد بدأت في الأساس على خلفيّة الأدوار التي لعبها سكّان البيت الأبيض المتعاقبون منذ مطلع تسعينيّات القرن الماضي من أجل التصويب على عناصر قوّة الاتّحاد اليوغسلافيّ السابق، علمًا أنّ الحروب الإثنيّة الكبرى التي شهدتها منطقة البلقان خلال تلك المرحلة، وعلى رغم أنّها أدّت لاحقًا إلى انفصال كرواتيا والبوسنة والهرسك وسلوفينيا عن بقيّة الجسد اليوغسلافيّ، ولكنّها لم تتمكّن من التأثير بشكلٍ سلبيٍّ على التماسك في إطار وثيقة الوحدة ما بين صربيا وما بين الجبل الأسود، الأمر الذي ساهم في المحافظة على تسمية الاتّحاد اليوغسلافيّ لغاية عام 2006، وهو العام الذي حدث فيه الطلاق بين الجمهوريّتين بعدما صوَّت البرلمانيّون في بودغوريتسا على وثيقة فضّ الوحدة والانفصال، الأمر الذي كان بمثابةِ مسمارٍ أخيرٍ دُقَّ في نعش اتّحادٍ قُدِّر له أن يجمع تحت لوائه في الزمن الجميل بين أبناء ستٍّ وخمسينَ قوميّةً وإثنيّةً مختلفةً، حيث أصبحت يوغسلافيا تُعرَّف اعتبارًا من ذلك التاريخ بـ "الجمهوريّة السابقة". وإذا كان اللافت هنا هو أنّ الإعلان عن ذلك الطلاق جاء بعد مرور أقلّ من شهرين فقط على وفاة الرئيس اليوغسلافيّ الراحل سلوبودان ميلوسوفيتش داخل زنزانته في مقرّ محكمة جرائم الحرب الدوليّة في لاهاي، فإنّ أسباب ذلك تعود في الواقع إلى أنّ غالبيّة أبناء الجبل الأسود لم يفقدوا الأمل يومًا في إمكانيّة انتهاء قطوع تلك المحاكمة التي استغرقت خمسَ سنواتٍ على خيرٍ، الأمر الذي يفسِّر سرَّ متانة الروابط القائمة ما بينهم وما بين الشعب الصربيّ، ولا سيّما أنّ الجانبين يدركان تمامًا أنّ الإطاحة بالرئيس ميلوسوفيتش، ومن ثمّ إلقاء القبض عليه والبدء بمقاضاته، تمّت في الأساس جرّاء قيام المقاتلات الأميركيّة والأطلسيّة بشنّ عشرةِ آلافٍ وأربعمئةٍ وأربعٍ وثمانينَ غارةً جوّيّةً على يوغسلافيا على مدى سبعةٍ وسبعينَ يومًا بين أواخر آذار ومطلع حزيران عام 1999. هذه التفاصيل إنْ دلَّت إلى شيء، فهي تدلّ إلى أنّ انضمام هذه الجمهوريّة اليوغسلافيّة السابقة العام الماضي إلى حلف الناتو، يعني في المحصِّلة النهائيّة أنّها بلَعَت الطُعم الأميركيّ، ودخَلَت في شِبَاك الصيد المرميَّةِ عند شواطئها الممتدَّة على مسافة مئتيْ كيلومترٍ من البحر الأدرياتيكيّ منذ ما يزيد عن العشرةِ أعوامٍ من الزمان، الأمر الذي أدّى بطبيعة الحال إلى ظهور بؤرةِ توتُّرٍ جديدةٍ في العالم من شأنها إعادةُ إشعالِ النار الراكدة تحت الرماد البلقانيّ القابِل للالتهاب في أيِّ لحظةٍ من جديد. من هنا، وبالعودة إلى الهجوم الانتحاريّ على مقرّ السفارة الأميركيّة في بودغوريتسا عند منتصف الليلة الماضية، يُصبح في الإمكان التكهُّن بأنّ الأصابع التي حرَّكت هذا الهجوم قد تكون أكبر بكثيرٍ من أصابع "داعش"، أو ربّما قد تكون أصغر بكثيرٍ أيضًا، وهي التكهُّنات التي سيبقى من السابق للأوان القطع ما بين الشكّ وما بين اليقين بخصوصها طالما أنّ النتائج النهائيّة للتحقيقات لم تصدُر بعد.. والخير دائمًا من وراء القصد.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك