Advertisement

صحافة أجنبية

رحَّالة الصيف: جعبة المسافر الدائم

Lebanon 24
29-07-2015 | 01:38
A-
A+
Default-Document-Picture.jpg
Default-Document-Picture.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ولد سعيد فريحة مطلع القرن الماضي في بلدة رأس الحرف. فقد والده وهو طفل، فيما ضربت لبنان كارثتان: الحرب العالمية الأولى والمجاعة الكبرى. وحملت أمه أطفالها وطفقت تبحث عن رغيف. وفي ملحمة من الملاحم البشرية، وصلت العائلة إلى حماه. ومن ثم إلى حلب. ولم يستطع الفتى التائق إلى العلم أن يدخل المدرسة، فكان يقف على نافذتها ليصغي إلى المعلم. وأحيانًا كان يرق له المعلمون فيسمحون للصبي الفقير بالدخول. وصل القدر بالعائلة إلى حلب. وعثر الفتى على أعمال بسيطة. لكن هذا لم يكن مرتضاه. وأخيرًا، عثر على عمل كمحبر في صحيفة محلية. ولم يتوقف عن الحلم والتطور. وعندما عاد إلى لبنان، انضم إلى الحركة الاستقلالية بقيادة الزعيم رياض الصلح. وسرعان ما أصبح من أقرب رفاق «الزعيم الخالد». ومع الاستقلال العام 1943 أصدر سعيد فريحة «الصياد»، مجلة سياسية كاريكاتيرية تزين دفتها الداخلية زاوية جديدة سماها «الجعبة». وكانت «الجعبة» وحدها كافية لاجتذاب القراء. وتصدَّر الصبي اليتيم، بجرأته وظرفه وأسلوبه الساحر، مجالس الصحافة والسياسة. وإلى جانب «الصياد» أصدر أول مجلة فنية في لبنان: «الشبكة». ثم أصدر صحيفة «الأنوار»، وأثبت مهارة مذهلة في إدارة الصحافة اليومية. ومنذ العدد الأول اتخذت «الأنوار» لنفسها موقعًا في الصف الأول، إلى جانب الصحف الأولى تلك الأيام، أي أواخر الخمسينات. لكن سعيد فريحة الذي أغرم بجميع النساء وشغف بالصحافة والسياسة والقومية العربية، كان له حب أول واحد، هو «الجعبة». في هذا العمل، أو الطقس الأسبوعي، كان يطل على الناس كل خميس بحكايات ساحرة ساخرة، أشبه بجولة في حديقة، ورودها عَطِرة وأشواكها ممتعة. ومن أجل «الجعبة» كان يسافر في الأرض جوًا وبحرًا وبرًا. ومن كل مدينة كان يعود بعمل هو مزيج من الريبورتاج والتجربة الشخصية وتدوين الملاحظات التي لا يراها إلا الصحافي الباحث عن زاد لقلمه. جال في الولايات المتحدة، وفي أوروبا، وفي اليابان وفي العالم العربي، حيث كان له أصدقاء في كل مكان. وأحب بصورة خاصة، القاهرة. وكان يسافر كل أول خميس من كل شهر لكي يصغي إلى أم كلثوم في الصف الأول. وكانت تربطه صداقة فوق الأخوة، مع مصطفى وعلي أمين. وعندما تركا مصر، فتح لهما أبواب «دار الصياد» كشركاء وأصحاب دار. ظل حتى وفاته العام 1978 ينتقم من الفقر واليتم. عاش كريم النفس، ممزق الجيب. ومن مدرسته تخرّج عدد كبير من أبرز صحافيي لبنان. غدًا نص رحلته إلى اليابان.
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك