Advertisement

مقالات لبنان24

طلعت ريحتكم.. وطلع قرفنا

كلير شكر

|
Lebanon 24
28-08-2015 | 08:12
A-
A+
Doc-P-52964-6367053135651637401280x960.jpg
Doc-P-52964-6367053135651637401280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
عجيب أمر هذه الطبقة السياسية. يحتار المرء كيف يتعامل معها، هل يفترض أن يهنىء نفسه بها أم يشمت لحالها... كل هذا الصراخ من حولها والضجيج المتصاعد الذي ينبىء بأنّ ثمة شيئاً قد تبدّل في مزاج الناس، وهي تتمالك أعصابها. فعلاً يسجّل لها بأنّ ذات أعصاب حديدية، ذات قدرات خارقة على هضم كل الانفعالات المتفجّرة من حولها، من دون أي ردة فعل. فعلياً، ليس مزاج الناس هو الذي تغيّر، وانما قدرة السلطة على التصرف بوقاحة هي التي زادت عن حدّها. الناس هم أنفسهم، هم الذين عانوا ويلات الحرب وكانوا وقودها وأسلحتها وضحاياها، وهم من تأملوا من زمن السلم بعض السلام والبحبوحة، وهم من انتظروا ودفعوا من جيوبهم كي تقوم دولتهم ومؤسساتها من غيبوبتها وتقف على رجليها لتصير دولة بالفعل، لا مجرد صور رسمية تعلق على الجدران. فالدولة بالمفهوم الحديث، تعني الشفافية اللازمة لتكون مصدراً للثقة، تعني احترام القوانين، تعني أن تكون المؤسسة الضامنة للشعب لا أن تكون مصاص دمائه وأمواله. بينما دولتنا لا تتمتع بأي من تلك المقومات، ومع ذلك ماشية ولا من يسأل. قد يكون اليوم حان وقت السؤال... أو لم يحن. تلك ليست المسألة. الجديد هو رغبة الناس بالانتفاض على كل ما هو قائم، على الطبقة السياسية من دون المفاضلة بين السيء والأسوأ من تقديم أي من مكوناتها الى مرتبة الأفضل، على النظام بكل موروثاته الطائفية والمذهبية، على كل من يقف على المنبر ويدعّي النطق باسم الناخبين والشعب، على قانون الانتخابات، على النفايات... على كل شيء. باختصار، ثمة حالة قرف عامة لا تميّز بين طبقة اجتماعية وأخرى أو بين منطقة وأخرى أو بين طائفة وأخرى. لا يهمّ من يقف في طليعة المتظاهرين أو من هي الجهة الداعية للتحرك، يكفي الناس أنّ هناك من يقول لهم إنّ ساحة الاعتراض بانتظارهم كي يعبّروا عن "قرفهن" وعن "سخطهم" على الحالة المزرية التي بلغها البلد. فجأة صارت لغة عامة الناس واحدة: لا كهرباء، لا مياه، لا فرص عمل... فقط نفايات. وكأنّ شعباً بكامله كان مخدراً واستفاق من نومه. تنبّه الى أنه يعيش في القعر، وأن سبعين مليار دولار ديناً عاماً لم تؤمن له أبسط مقومات العيش الكريم، لا بل تنذره بأن الآتي أعظم. كل هذا المشهد السوداوي الذي يغلي غضباً، لم يثر انتباه السلطة السياسية الى أنّها باتت مكروهة ومرذولة من شعبها ومغضوب عليها من ناسها. ولم يحذرها بأنّ "شوراعها" لم تعد ملكها ولا هي قادرة على استعراض عضلاتها أمام الآخرين فيما لو دعت الحاجة... وبأنها باتت مأزومة جماهيرياً، أو بالأحرى من دون ورقة توتها. فتستمر بأدائها المتعالي المتجاهل لوجع الناس، وكأنّ شيئاً لا يحصل. ولكن بكلام سياسي هادىء، هناك من ينظر الى هذا الحراك الشعبي بعين الريبة فيها بعض الخبث السياسي الذي يربط الأحداث بغيرها من التطورات الكبيرة الحاصلة في المنطقة، والتي لا تعفي لبنان من ترتيباتها. يقول: انه زمن "السيسي"... او المؤتمر التأسيسي. (لبنان 24)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك