في ظلّ الأحوال الإقتصادية المترديّة٬ لا يتوقف المواطن اللبناني عن البحث عن فسحة أمل أو أيّ وسيلة تسهل حياته وتريح جيبه٬ ولو لفترة قصيرة٬ بمبلغ قد يعيد له أنفاسه المقطوعة.. وهذا الوتر الحساس٬ لابدّ أن يُدق من مقدمي هذه العروض المغرية.. فيكون للمصارف اللبنانية الحصة الأكبر منها.
إعلانات هنا وهناك٬ بدءاً من الرسائل القصيرة عبر الهواتف٬ وتلك الإلكترونية٬ فإعلانات على الإذاعة والتلفزيون وصولاً إلى اللوحات التي تمتدّ على الأوتوسترادات كما الطرق الفرعية٬ فتسرق انتباهك تارة وتلهيك طوراً.
وفي خضم زحمة الإعلانات٬ لابدّ أن يلفتك إعلان مصرف BLC- فرنسبنك الذي يرسم صورة باص مدرسي يطل من نوافذه طلاب يغنون: "يا شوفور دعاس بنزين عالـ 351" (أيّ القيمة الواجب تسديدها من القرض المعروض شهريّاً).
مطران يعترض
هذا الإعلان الذي يعرض قرضاً شخصيّاً بقيمة 20 ألف دولار٬ لم يمر وجوده على خير ما يرام٬ إذ طالب النقيب ميشال مطران مجموعة فرنسبنك بـ"سحب الإعلان والإعتذار عن إيصال رسالة خاطئة تشجع السرعة والخروج من النوافذ".
وأضاف عبر مواقع التواصل الإجتماعي: "بغياب سوء النية مش مقبول ما نعترف بالغلط. مجموعة فرنسبنك يمكن مش مسؤولة عن تحضير الإعلان بس المطلوب سحبه. هيدا الإعلان أكبر دليل على غياب ثقافة السلامة المرورية وانه تناولنا للموضوع سطحي ومش عن قناعة ولا تخصص".
ولم يكن مطران وحده المعترض٬ إذ لاقى الإعلان انتقادات كثيرة منها ما يؤكّد أنّ الإعلانات تلعب دوراً سيئاً ومؤثراً في حياة الأطفال٬ ومنها ما سخر قائلاً إنّ الإعلان "غاشي وماشي"٬ أمّا آخرون فوجهوا دعوة لإقامة حراك مدني عن السلامة المرورية. كلّ ذلك في حين أنّ عدداً آخر لم يستفزه الإعلان ولم يرَ فيه أيّ إساءة أو رسالة مؤذية.
في القانون
توازياً٬ ومن الناحية القانونية٬ كشف المحامي أشرف الموسوي لـ"
لبنان 24 " أنّ الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية والنقيب مطران بصدد تقديم إخبار قضائي بصفة الإدعاء الشخصي على مجموعة فرنسبنك بسبب الإعلان المخالف لمرسوم سلامة النقل المدرسي من قانون السير الجديد.
في السياق ذاته٬ أوضح رئيس الأكاديمية رمزي سلامة لـ"
لبنان 24"٬ أنّ "الصورة مخالفة لمبادئ السلامة المرورية٬ وما تظهره يخالف قانون السير الجديد في الفقرة الرابعة من المادة 16 منه٬ إذ يُمنع إخراج أي عضو من الجسم خارج المركبة٬ في حين أن عقوبته هي من الفئة الثانية٬ لذا من غير اللائق أن نضع هذه الصورة في إطار طبيعي". وأضاف: "ألوم من صمم الإعلان ومن نشره. بالطبع لم يكن عن سوء نية بل عن جهل"٬ مؤكّداً "السعي حتى تتم إزالة هذه الدعاية بأسرع وقت ممكن".
بدوره٬ رأى مدير الأكاديمية كامل ابراهيم أن "الهدف الأساسي هو المحافظة على السلامة المرورية في حين يُقتل حوالي 80 طفلًا ويصاب أكثر من 400 سنوياً"٬ لافتاً إلى أنّ "خطورة الصورة تكمن٬ ولو بشكل غير مباشر٬ في تعزيز الفكرة بأن الصورة طبيعية".
الدعاية رمزية
لاحقاً٬ أصدر المصرف بياناً عبر "تويتر"٬ استغرب فيه "ما جاء في بعض وسائل التواصل الإجتماعي بخصوص دعاية القرض الشخصي"، كما استغرب المصرف "التعليقات خصوصاً أنّ مجموعة فرنسبنك وتحديداً "بي ال سي" صاحب هذه الدعاية من أكبر الداعمين للجمعيات الأهلية الناشطة للحدّ من حوادث السير وعلى رأسها "رودز فور لايف" التي أنشأتها زينة القصار قاسم ابنة عادل القصار إثر المأساة التي ألمّت بعائلتها بعد مصرع ولدها البكر طلال قاسم".
وأكّد البيان أنّ "هذه دعاية لقرض شخصي وكل ما فيها رمزي وبعيد كلّ البعد عن تشجيع السرعة ومخالفة قوانين السير". واكتفى المصرف بهذا الحد من التعليق٬ من دون الكشف عن وجود أيّ إجراء قد يتخذه لاعادة الامور إلى مسارها الصحيح.
تجدر الإشارة إلى أنّ مصرف "BLC" قرّر سحب هذه الحملة الدعائية تفادياً لأيّ لغط، بحسب ما ردّ المصرف عبر حسابه على موقع "تويتر".
(خاص "
لبنان 24")