كتب ابراهيم ناصر الدين في" الديار": استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وفدًا قياديًا من حركة المقاومة الإسلامية - حماس برئاسة الدكتور خليل الحية ومحمد نصر وأسامة حمدان.
لا تحتاج العلاقة الوطيدة بين حزب الله وحركة حماس الى نشر صورة اجتماع وفد الحركة مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لتأكيد المؤكد حيال ارتفاع مستوى التنسيق السياسي والميداني، ووصول العلاقة الى مستوى غير مسبوق منذ السابع من تشرين الاول الماضي والي يومنا هذا. حيث يمكن الحديث عن تكامل في الرؤى والاهداف التكتيكية والاستراتيجية، والتي يجري العمل على تحديثها بشكل يومي بما يتناسب مع واقع جبهة غزة، وجبهات المساندة.
لكن الاصرار على علنية اللقاء القيادي الاخير يحمل دلالات مهمة للغاية في توقيته، بعد تعثر مفاوضات القاهرة وبدء جيش الاحتلال عملية عسكرية في رفح، وهي محطة مفصلية في الصراع الحالي، حيث تستلزم المرحلة نوعا جديدا من المواجهة السياسية والعسكرية والامنية.
رسالة" الاجتماع قد وصلت الى كافة المعنيين بها، وعلى وجه الخصوص "اسرائيل" والولايات المتحدة الاميركية، ووفقا لمصادر مطلعة، فان اجتماعا على هذا المستوى القيادي لم يعقد عبثا، وهو لا يعتبر جزءا من اللقاءات الروتينية المفترضة فقط، لان توقيته شديد الاهمية وسيكون له ما بعده على المستوى التنفيذي، بما يخدم المواجهة المفتوحة على كافة الاحتمالات في مدينة رفح، حيث يرفع نتانياهو شعار "النصر المطلق"، ما حتم على الطرف الآخر وضع اللمسات الاخيرة على استراتيجية "الهزيمة " المطلقة للعدو، من خلال لقاءات مكثفة عقدت بين المعنيين بالملفات الامنية والعسكرية، وتم تظهيرها باجتماع القيادي "الحمساوي" خليل الحية الذي خلف صالح العاروري في ملف العلاقة مع حزب الله، والتي يواكبها عن كثب ايضا منذ سنوات اسامة حمدان الذي كان حاضرا في الاجتماع، وحضور الرجلين له معانٍ كبيرة لدى من يدرك حقيقة الملفات التي يحملانها، فضلا عن قلق جدي لدى قيادة الاحتلال من "رجال الظل" لدى الجانبين، والذين لم يظهروا في الصورة!؟
واذا كانت القرارات المتخذة على مستوى القيادتين تحمل طابع السرية المطلقة، الا ان الوقائع الميدانية على الارض في غزة واليمن، وخصوصا جنوب لبنان، تشير بوضوح الى ان ثمة شيئا ما قد تغير ميدانيا، وربما يكون الآتي اعظم، بحسب تلك الاوساط، لان المواجهة امام منعطف خطير وحساس للغاية، وتحتاج الى ردود فعل من "خارج الصندوق" لمنع "اسرائيل" من تحقيق اهدافها ميدانيا، والاهم منعها من استثمار الحرب سياسيا، وهما معركتان متوازيتان وعلى قدر واحد من الاهمية. ويمكن الجزم في هذا السياق، ان ما تم التفاهم حوله سيكون له وقعه الايجابي على الجبهة الرئيسية في غزة، وستتحدث الوقائع الميدانية على جبهات المساندة عن نفسها يوما بعد يوم بما يتناسب مع طبيعة المعركة وتطورها، وكما كان الشعار "لن تترك غزة وحدها"، فان رفح ايضا لن تترك وحيدة، وستكون المواكبة دقيقة ومحسوبة "بميزان من الدهب".
اوساط مقربة من المقاومة، تصر على الحفاظ على استراتيجة الغموض في ادارة المعركة. لكن يبقى على "اسرائيل" وقياداتها العسكرية والامنية ان تقرأ جيدا التحول الحاصل على الجبهة الجنوبية، لتقدير ما ينتظرها في المرحلة المقبلة اذا اصرت على الذهاب بعيدا في الحرب، خصوصا ان حزب الله لا يخفي اصراره على اصابة الجيش الاسرائيلي "بالعمى" الكامل على الحدود.
وقد تكون حادثة اسقاط المنطاد بعد النجاح في اسقاط المسيرات "رسالة" ذات مضمون واضح، خصوصا بعد اقرار وسائل الاعلام "الإسرائيلية" بأن "السيطرة على الحمولة الخاصة الموجودة على منطاد المراقبة التابع للجيش "الإسرائيلي" تسمح للحزب بتحليل قدرات ومديات المنظومة والمناطق التي تركز عليها بالمراقبة، ولعل المفارقة التي اغضبت الكثيرين أنه رغم تعقّب الجيش "الإسرائيلي" للمنطاد على مدى وقت غير قصير وتحديد مكان سقوطه، فقد تقرّر خلافاً لحالات سابقة أن لا تتم مهاجمة مكان سقوط المنطاد، خشية من رد فعل حزب الله!
هذا المعطى يشير الى امرين اساسيين: الاول ان "اسرائيل" فقدت نهائيا "الردع" في الشمال، والثاني ان حزب الله من خلال رفع نسق عملياته النوعية يحضر "مسرح العمليات" لمرحلة جديدة، لا تعرف قيادة الاحتلال الامنية والعسكرية ماهيتها وحدودها كما ونوعا، وما كانت تخشاه من مفاعيل القيادة الموحدة لساحات القتال بدأت بالظهور على نحو خطير للغاية. ولهذا فهي تنظر بالكثير من الريبة والقلق الى "صورة" السيد نصرالله وقيادة حماس، باعتبارها اعلانا عن مرحلة جديدة ستكون لها ترجمة عملية على جبهات القتال.