رأت صحيفة "The Washington Post" الأميركية أن "سلسلة الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران أضافت تفوقًا نوويًا إلى التداعيات الإقليمية للحرب في غزة. وهنا، شاهد العالم قوتين تمتلكان التكنولوجيا النووية، بينما هددت كل منهما بضرب المواقع النووية في كل منهما. قال داريل كيمبال، المدير التنفيذي لجمعية الحد من الأسلحة ومقرها واشنطن، لكاتب المقال: "الوضع مقلق للغاية، ويكشف بعض الحقائق الصعبة حول السبب الذي يجعل ان الأسلحة النووية يمكن أن تشكل عبئا أكبر من أي نوع من أصول الأمن القومي"."
وبحسب الصحيفة، "فإن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل كانت بمثابة تذكير بالمخاوف النووية التي تلوح في الأفق في ظل هذا الانقسام الإقليمي. وبعد مرور أكثر من نصف قرن على بدء تطويرها ، أصبحت الأسلحة النووية الإسرائيلية أمراً واقعاً. إن إسرائيل هي القوة الوحيدة المسلحة نووياً في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه، لا تمتلك إيران أسلحة نووية. ومع ذلك، فإن سعيها للحصول على التكنولوجيا النووية، التي تدعي أنها ليست لأغراض عسكرية، جعلها معزولة دوليا. ومما يثير القلق أن المعايير تبدو وكأنها تتغير. وكانت الضربة الإيرانية على إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران البلاد من أراضيها. والخميس الماضي، حذّر مسؤول إيراني من أنه إذا قامت إسرائيل بضرب مواقعها النووية، فإنها قد تعيد النظر في موقفها الرسمي بشأن تطوير الأسلحة النووية وربما استهداف المنشآت النووية الإسرائيلية".
وتابعت الصحيفة، "في الواقع، لم تعترف أي حكومة إسرائيلية رسميًا بامتلاك البلاد أسلحة نووية، ولم توقع البلاد مطلقًا على معاهدة عام 1968 بشأن منع انتشار الأسلحة النووية، ولم تقبل البروتوكولات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويقول الخبراء إن البلاد تمتلك 90 رأسًا نوويًا أو أكثر، مع البلوتونيوم اللازم لتصنيع المئات. وفي حين أن هذه الأرقام أقل من تلك التي تحتفظ بها دول مثل روسيا والولايات المتحدة، إلا أنه لا يوجد سوى تسع دول مسلحة نووياً في المجموع، وإسرائيل جزء من هذه الدول. وكتب روبرت إي كيلي، خبير الأسلحة النووية السابق بوزارة الطاقة الأميركية، في رسالة بالبريد الإلكتروني أن "عدد الأسلحة النووية الإسرائيلية، حتى لو كانت قليلة، ستشكل "تهديدًا كبيرًا" لطهران.وأضاف كيلي أن إسرائيل تمتلك قنابل أكثر من الأهداف في إيران".
وأضافت الصحيفة، "لقد كان تطوير إسرائيل للأسلحة النووية سريا، وبدأت البحث عنها بعد وقت قصير من استخدامها لأول مرة في عام 1945، وعملت سراً مع فرنسا في عام 1957 لإنشاء منشأة تعتمد على البلوتونيوم في ديمونة، وهي مدينة صغيرة في صحراء النقب. وبحلول منتصف الستينيات، أظهرت الوثائق التي رفعت عنها السرية أن المسؤولين الأميركيين خلصوا إلى أن برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي كان قيد الانشاء. وقد عانت العديد من الإدارات الأميركية من هذا الأمر، حتى قبلته إدارة ريتشارد نيكسون على مضض بشرط أن يظل سرا. ومع عدم وجود اختبارات عامة وعمليات تفتيش دولية، هناك القليل من التفاصيل حول كيفية عمل الأسلحة الإسرائيلية عمليا. وقال كيلي إن الأسلحة النووية الإسرائيلية ربما تكون موجودة في قواعد جوية "بالقرب من الصواريخ أو الطائرات التي ستحملها". ويعتقد أن البلاد تمتلك صواريخ وغواصات وطائرات، بما في ذلك طائرات إف-35 الأميركية الصنع، القادرة على إطلاق أسلحة نووية".
وبحسب الصحيفة، "زعمت إيران، دون دليل، الأسبوع الماضي أنها قادرة على ضرب مواقع نووية إسرائيلية. وقال أحمد حق طلب، قائد الحرس الثوري الذي يشرف على الأمن النووي، بحسب وكالة تسنيم: "تم التعرف على المنشآت النووية للعدو الصهيوني، ولدينا المعلومات اللازمة عن كل الأهداف". وأضاف أن الضربات على المنشآت النووية يمكن أن تؤدي إلى "مراجعة العقيدة النووية" في إيران. بدأ البرنامج النووي الإيراني في عهد العاهل الإيراني محمد رضا بهلوي المدعوم من الغرب قبل الإطاحة به في عام 1979. ورسميا، لم يركز البرنامج قط على تصنيع القنبلة النووية. وتشير التقارير إلى أن المرشد الأعلى الحالي للبلاد، آية الله علي خامنئي، أصدر فتوى ضد الأسلحة النووية في عام 2003، على الرغم من اختلاف الخبراء حول نطاق هذه الفتوى. وعلى عكس إسرائيل، إيران من الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي لعام 1968 التي تهدف إلى حظر انتشار الأسلحة النووية. وأعرب المسؤولون الإيرانيون عن دعمهم لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط".
وأضافت الصحيفة، "قال جون غازفينيان، المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط في جامعة بنسلفانيا، إن طهران حافظت على موقف غامض استراتيجيا بشأن الأسلحة النووية منذ البداية. وتزعم إسرائيل، إلى جانب بعض حلفائها، أن إيران تخفي طموحاتها في مجال الأسلحة النووية. وفي حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2018، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أدلة زعم أنها تظهر أن طهران لا تلتزم بالاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى العالمية قبل ثلاث سنوات".
وبحسب الصحيفة، "قبل ضربات هذا الأسبوع، أعرب خبراء الأسلحة النووية عن قلقهم بشأن الهجوم الإسرائيلي المباشر المحتمل على المنشآت النووية الإيرانية. وقال كيمبال: "الضربات العسكرية على المنشآت النووية، سواء في أوكرانيا من قبل روسيا، أو من قبل إسرائيل ضد إيران، أو من قبل إيران ضد إسرائيل، محظورة بموجب القانون الدولي ويجب إدانتها بشكل لا لبس فيه من قبل المجتمع الدولي والولايات المتحدة على وجه الخصوص". وقال عبد الرسول ديفسالار، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن أي هجوم على المنشآت النووية في إيران من المحتمل أن يؤثر على عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في البلاد وربما يعرض حياتهم للخطر".