Advertisement

لبنان

عندما "تبصبص" جدتي عالـ "واساب" ويجنّ جنونا!

سمر يموت

|
Lebanon 24
14-08-2018 | 02:31
A-
A+
Doc-P-502381-6367056775933265315b72772b1328e.jpeg
Doc-P-502381-6367056775933265315b72772b1328e.jpeg photos 0
PGB-502381-6367056775937969805b72772c9e084.jpeg
PGB-502381-6367056775937969805b72772c9e084.jpeg Photos
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

في تلك الزاويا المخصّصة لها تركن جدّتي التسعينيّة تُراقب عن كثب كلّ ما يدور حولها. المحدّق بعينيها الصغيرتين لا يحتاج لأكثر من ثوانٍ معدودة ليفهم نظرات التململ البادية على وجهها المجعّد. تتنقل عيناها بين هذا الهاتف المحمول وذاك لتسترق النظر على ما بات يشغل الأيدي الصغيرة منها قبل الكبيرة.

الدقائق تمرّ وكأنها ساعات طوال، الكلّ جنّ بنظر جدتي ، كيف لا وهي ترى هذا الثغر يبتسم وغيره يشهق وعيون تعبس وأخرى تدمع أمام تلك الشاشة الصغيرة. تحاول أن "تبصبص" على هواتف الجالسين بقربها قبل أن تسأل بتعجّب :" شو في .. مين هيدا.. ردّوا !!". وفجأة وبينما نحن الأحفاد منهمكون بتقليب صفحات الـ "سوشيل ميديا" يأتينا صراخها:" شيلولي هيدا الشو اسمّوا من ايدكن.. هيدا الواساب الزفت.. كل النهار بإيدكن مقصوف هالدينة، ولك ما بقى حدا عم يحكي مع حدا".

تعلو ضحكاتنا أرجاء الدار فنخفي خجلاً هواتفنا تحت أرجلنا ونربت على كتفها قائلين: "بأمرك تيتا". تحاول "بركة البيت" أن تخفي ضحكتها المحببة وراء وجه "متجهّم بتصنّع" وتسألنا:" هل تعلمون كيف كان واساب زمان (مع عدم لفظ حرف التاء) الغارقين به أنتم اليوم؟"، وتجيب نفسها: "كانت أمّي ترسلني عند الجارة ومعي خير الله مما حضرته من طعام وأعود من عندها بصحن مماثل. كانت متعة الحديث حين "نسولف" (نحكي) عبر الشرفات، حين نتواعد على اللقاء عند العصر لشرب القهوة أو الشاي، في تلك الجلسات نتسامر دون أن ينتهي الكلام، وحده وقت حضور الزلمي (الزوج) الى البيت كان يقطع جلساتنا. كنّا نجتمع لتحضير المونة من زعتر وكشك وشنكليش..".

وتتابع جدتي الممتعضة من الجهاز الصغير قائلة: ".. اليوم يا تيتا كل واحد منكن بيشحط تلفونو هيك وبيغرق بصور ونكات وأخبار، فإن كلّمته تراه يعود من غيبوبة أخذته الى غير عالم. يا ستي بدنا نسولف، بدنا نلعب برجيس (لعبة أحجارها مثل الدومينو) ونتسلّى بالشدّة، بدنا ننكش بالأرض مش بطق الحنك".

غمرت جدتي قبّلتها على جبينها، ورغم تعلّقي بالـ "سوشيل ميديا" تمنيت لو عاد بنا الزمن أدراجاً الى الوراء لنعود معه الى التواصل الاجتماعي الفعلي، يوم كان "واساب" ( ع قولة ستي) زمان، يجمع الناس وجهاً لوجه لا أن يكون صلة الوصل بينهم جهاز جامد بلا مشاعر.

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك