Advertisement

مقالات لبنان24

رحل الطيّب.. طبيب الفقراء

خلدون الشريف

|
Lebanon 24
12-07-2017 | 03:56
A-
A+
Doc-P-335280-6367055584890222891280x960.jpg
Doc-P-335280-6367055584890222891280x960.jpg photos 0
PGB-335280-6367055584896128531280x960.jpg
PGB-335280-6367055584896128531280x960.jpg Photos
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لكل امرئ من اسمه نصيب، ونصيب عبد المجيد الرافعي من اسمه "الطيب". الرجل الذي عرفته بيوت طرابلس كلها في مرحلة الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، والذي دخل الندوة البرلمانية من بوابة قلوب أهل المدينة وناسها وفقرائها قبل أن يلج من أبواب بيوتهم، إذ إن مفتاح القلوب البسمة فكيف إذ ما رافقتها بلسمة؟ رحل طبيب الفقراء، وستسير طرابلس خلف نعشه كما تفعل دومًا مع كبارها، وفيةً لمن أحبها حدَّ الثمالة وتغزل بزرعها ونهرها وبنيانها وأسواقها وأبنائها، وعاش حالة عشق لا تنضب مع كل تفصيل من تفاصيلها. وخيار عبد المجيد الرافعي السياسي رافقه هو هو الى اللحد، آمن بأمة عربية واحدة رسالتها إسلامٌ منفتح على الحضارات والأديان والمذاهب. آمن ببعث مرتجى لحضارة حكمت العالم بعلمها وتسامحها وانفتاحها. آمن بالعراق البعثي نموذجاً يحتذى، ولم يحبطه احتلال أميركي لبلاد ما بين النهرين فظل مؤمناً بحتمية عروبة العراق وحتمية تحرره. لم يكن الرجل زعيماً بالمعنى التقليدي إذ لم تكن الدولة اللبنانية الى جانبه قط وجابهته الأجهزة الأمنية طويلًا، لكنه كان زعيماً بالمعنى العملي، محبوباً، محترماً ومسموع الكلمة. ظل دائم الحضور في كل المحافل؛ ثقافية وفنية وسياسية، ما منعه عمرٌ ولا أعياه مرض بل تابع نشاطه الإجتماعي وظل ذهنه حاضراً وذاكرته مشتعلة. متأنق، لطيف المعشر، قريب من الكل، فكره ثاقب وذهنه شديد الصفاء. سيظل الطبيب الطيب عبد المجيد الرافعي قصة تروى عن رجل حمل حقيبته المملؤة حباً ودواءًا وتنقل بين بيوت المدينة من أبسطها الى أكثرها عزًا وغنىً وعلى محياه ابتسامة لا تفارقه ولإرادته صلابة لا يطحنها الزمان أو المكان او التهديدات او المتغيرات، صلابة رجل حافظ على قناعاته وأخلص لها حتى حين أدى ذلك الى تهجير قسري وهجرة إرادية. رجلٌ لَبْس ثياب عمال الإنقاذ خلال طوفان نهر أبي علي 1955 وحمل الغرقى على كتفيه ومشى.. هو من دخل بيوت التنك وجلس الى جانب مرضاه حتى طلوع الفجر ليتأكد أن الحمى قد زالت أو قاربت الزوال. رجلٌ حمل القلم وكتب الشعر ولو أن أروع قصائده صيغت لحبيبة العمر ورفيقة الدرب "ليلى" التي ساهمت بشكل فاعل في كل أنشطة الحكيم، وفي صياغة قراراته فكانا مثالاً للشريكين والحبيبين والصديقين الى يومنا هذا. رجلٌ لَبْس البزة العسكرية لكن القتال لم يستهوه، وحين شعر أن وجوده يهدد أمن أهله ورفاقه طالبهم بإلقاء السلاح وحقن الدماء ومضى.. فسجل الموقف له وليس عليه لأنه أرضى ربه وأرضى ضميره وأرضى الناس الذين أحب.. وأحبوه. (فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.) رحم الله عبد المجيد الطيب الرافعي. (خلدون الشريف)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك