مصورٌ فلسطيني ـ لبناني نحو العالمية: السرُّ في العجوز الذي نام على "رصيف برلين"

منذ سنواتٍ قليلة، بدأت مسيرة الشاب الثلاثيني أحمد الحنجول مع "التصوير الإحترافي". فهو الشاب الفلسطيني – اللبناني الذي نشأ وترعرع في برجا – الشوف، أراد أنْ يحترف هذا الفن، وينطلق نحو العالمية من خلال عدسته التي صوّرت الكثير من اللقطات التعبيرية والجمالية. الجديد بالنسبة لـ"أحمد" هو الجائزة الأخيرة التي حصل عليها قبل أيام بمناسبة اليوم العالم للتصوير، حيث احتلّت صورة "Grand Jury " المرتبة الأولى بين صور أهم المصورين العالميين عبر موقع "Viewbug" الأميركي الشهير.

البداية من برلين
في بلاد الألمان حيثُ يعيشُ كلاجئ منذ 6 سنوات، بدأ "أحمد" بتصوير الطبيعة والورود. وبين مدينتي هامبورغ وبرلين، تم التقاط أبرز الصور. يقول "أحمد" لـ"لبنان24": "مسيرتي في عالم التصوير بدأت عام 2014 وذلك عن طريق الصدفة. في أحد الأيام، طلب مني أحد أقارب أصدقائي في ألمانيا أن أشتري له كاميرا مستعملة عن طريق الإنترنت، وهذا ما حصل فعلاً. عندما أتتنا الكاميرا، فإنّها لم تعجب صاحبها، فقرّر الأخير الإحتفاظ بها لي".

ويتابع: "عندها قرّرت أن أقوم بتصوير الطبيعة والحيوانات عبر هذه الكاميرا وهي كانون D450 مع عدسة 18-55. بالنسبة لي، فإنّي رأيت متعةً كبيرة في التصوير، فقررت تطوير نفسي أكثر. عمدتُ إلى البحث أكثر عن أصول التصوير وعن كيفية استعمال الكاميرا بشكلٍ إحترافي أكثر. وبعد ذلك، قرّرت أن أذهب بعيداً نحو تصوير الأشخاص، وهذا ما أعطاني حافزاً أكبر للتطور لأنني اكتشفت أن في تصوير الوجوه فناً كبيراً".

الصورة أحساس
في حديثه، يشير "أحمد" إلى أنه "وإلى جانب تصويره للطبيعة، أراد أن يعمل على تصوير وجوه الأولاد"، وهو شقٌّ في التصوير قلّما نجده لدى الكثيرين من المصورين العرب. من خلال هذه الصور، يمخرُ أحمد في عباب الصورة، فيشقُّ ألوانها التي تتماوج بين البراءة تارةً، وبين تصوير نسجِ حكايةٍ تارةً أخرى. ويقول: "تصوير الأولاد هو أكثر ما أحببته أيضاً خلال التصوير. من يريد أن يصور الأولاد عليه أن يحاكيهم روحياً وأن يحبهم لكي تكون صورته صادقة، إذ أن الإحساس في الصورة هو الأساس، وحقاً إن الصورة إحساس وأبلغ تعبير صادق".

المعرض الأول
مئات الصور باتت في سجل أحمد.. خلال مسيرته "الفوتوغرافية"، شارك في العديد من المسابقات، حيث فاز بجائزة المرتبة الأولى في المسابقة التي نظمتها المنظمة العربية للتصوير عبر "فيسبوك" خلال العام 2017، إلى جانب مسابقة أخرى نظمها موقع "عرب بكس" في العام نفسه. ومن ألمانيا إلى لبنان، حمل "أحمد" في جعبته الكثير من الصور، وأراد أن ينطلق منها عبر معرضٍ ينظمه بين أصدقائه وأبناء البلدة التي نشأ وترعرع فيها. وهذا ما كان فعلاً، حيثُ أقام "أحمد" معرضه الأول في برجا قبل أسبوعين، وعرض خلاله 45 صورة، ومن بينها العديد من الصور التي حصدت جوائز عالمية. وفي هذا الصدد، يقول "أحمد": "إنه معرضي الأول، وقررت أن تكون البداية في برجا، البلدة التي أحب. وما دفعني وما شجعني أكثر هو دعم أصدقائي لي، الذين عملوا لإنجاح المعرض، وهذا ما كان". وعن أبرز الصور اللافتة، قال أحمد: "خلال المعرض، كانت هناك صور لافتة أبرزها صورة السنجاب، إلى جانب صورة "شحادة" الرجل البرجاوي المسن الذي يشتهر بتأدية التحية العسكرية لأي شخص آخر يبادره السلام". ويتابع: "صورة شحادة كانت من ضمن الصور التي التقطها للمسنين، وهي الصور التي تحمل الكثير من المعاني. فصورة شحادة وصورة "هاجر" الامرأة البرجاوية المكادحة وهي أشهر "فرّانة" في البلدة، هي صورٌ "توثيقية"، إلى جانب صورة المسن الذي وجدته نائماً على رصيف الطريق في برلين. هذه الصورة لها أثرٌ كبير في خاطري وفيها إحساس غريب وحكاية أغرب". ويضيف "أحمد": "هذه الصورة هي التي حصدت الجائزة الأخيرة قبل أيام. من يراها، يقرأ حكاية نضال وتعب، ويرى حياة تعيسة، وعندما نحدق في العينين، فإننا نرى جمالاً تخرقه دمعة".

رسالة..
يؤكد "أحمد" الذي يستعدُّ للعودة إلى ألمانيا بعد أيام، أنه سيسعى جاهداً لإقامة معرضه الثاني في بيروت وعرض صورٍ جديدة تحمل في طياتها حكاياتٍ جديدة. ومع ذلك، فإنّ "أحمد" يعتبر أن "فن التصوير بحرٌ كبير وعميق، والتخصص في هذا المجال أساسي وغاية لا بدّ منها"، ويرى أن "كل محور من محاور التصوير التعبيري يحملنا نحو الإحساس".

يختم "أحمد" حديثه برسالة عبر "لبنان24" إلى كل من يحب التصوير بالقول: "العمل الناجح يجب أن يقترن بالتواضع، والإطلاع على أعمال الآخرين لتطوير عملك جانب مهم، شرط أن تصنع الجديد لا أن تعمد إلى التقليد.. وهنا يستمر النجاح".

"شحادة البرجاوي"