Advertisement

إقتصاد

فضائح الإيجار غير السكني: مؤسسات دولية ومصارف "مستأجرون قدامى" لقاء بضعة دولارات!

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
23-06-2019 | 01:52
A-
A+
Doc-P-600036-636968768660286230.jpg
Doc-P-600036-636968768660286230.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم تنته معضلة الإيجارات القديمة في لبنان مع صدور القسم الاكبر من المراسيم التطبيقية لقانون الإيجار الجديد، والمتعلقة بإنشاء حساب دعم المستأجرين من ذوي الدخل المحدود، بل أنّ معاناة المالكين مستمرة مع بلوغ عقدها السبعيني. فقانون الإيجارات الذي صدر عام 2014 لم يشمل الإيجارات القديمة للمباني غير السكنية واقتصر على السكنية منها، وبالتالي كلّ الإيجارات المشغولة لأغراض غير سكنية لا زالت خاضعة لبدلات الإيجارات القديمة وأسيرة القوانين البائدة، التي تمنع المالك من الإستفادة من ملكه أو استرجاعه.
Advertisement

وبدل أنّ ينكبّ المشرّع منذ صدور قانون الإيجارات عام 2014 على دراسة قانون للإيجار غير السكني، عمد إلى الإستمرار في سياسة الإهمال والظلم، ومدّد عقود إيجار الأماكن غير السكنية لمدّة سنة أي لغاية نهاية 2019، في حينه تقدّم عدد من النواب بطعن أمام المجلس الدستوري الذي ردّ الطعن "منعًا للفراغ التشريعي"، ولكنّه اعتبر "أنّ التمديد مخالف للمساواة والعدالة الإجتماعية والأمان التشريعي". 

أشهر قليلة تفصل المجلس النيابي عن المهلة التي نصّ عليها قرار المجلس الدستوري لإقرار قانون جديد "ينظّم العلاقة بين المالك والمستأجر"، وإلى اليوم لا وجود لأيّ اقتراح قانون يُدرس في اللجان النيابية، في إشارة إلى قصور المشرّع عن القيام بدوره، الأمر الذي يُبقي النزاع قائمًا بين المالك والمستأجر.

ذريعة "تشريد المستأجرين الفقراء" التي أخّرت تطبيق قانون الإيجار السكني دحضتها احصاءات وزارة المالية ولا تنطبق على غير السكني الذي لم يصدر بعد، باعتبار أنّ المستأجر القديم لغير السكني قادر على دفع بدل إيجار عادل، كونه يجني الأرباح ويدفع بالمقابل إيجارًا زهيدًا، إضافةً إلى أنّ العديد من هؤلاء لا يمارس مهنة تجارية ويُبقي على المأجور منتظرًا التعويض، ومنهم من يؤجّر بسعر مرتفع ما استأجره بسعر زهيد، وهذا لا يستقيم وأيّ مفهوم للعدالة الإجتماعية، لا بل يعتبر ضربًا لكلّ مفاهيم المساواة والحقوق بحسب ما اعتبرت رئيسة اللجنة القانونية لتجمع مالكي الابنية المؤجرة أنديرا الزهيري في حديث لـ "لبنان 24". والفضيحة الكبرى تكمن بوجود العديد من المؤسسات والهيئات الدولية التي تستأجر من اللبناني وفق الإيجار القديم، وتدفع بضعة دولارات مقابل مكاتب شاسعة.

بلغة أرقام هذه الإحصاءات سقطت مقولة أنّ الدولة تخشى وضع قانون لأنّها المستأجر الأكبر، بحيث أظهرت الإحصاءات أنّ الإيجارات القديمة المشغولة من قبل الدولة والمؤسسات العامة لا تتعدى الـ 680 وحدة غير سكنية في كلّ لبنان. كما أنّ مجموع كلّ الإيجارات غير السكنية في المحافظات بلغ 25901 وحدة، وهنا تنتفي كلّ المقولات حول الأعداد المضخمة التي يتذرع بها البعض. ولقد تمّ تقسيم الإحصاء بين الإيجارات الجديدة والقديمة ووفق فئتين، فئة الأفراد وفئة غير الأفراد وتشمل (الدولة والهيئات الدولية وغير دولية واللجان والمؤسسات الخيرية والشركات الاجنبية والسلك الديبلوماسي وغيرها). 
الإيجارات القديمة غير السكنية بلغت 25901، منها 23366 للأفراد أي ما نسبته 90.21%، ولغير الأفرد 2535  أي ما نسبته 9.79%، بينما بلغت الإيجارات الجديدة 67686 للأفراد،ما نسبته 74.34 %، و19412 لغير الأفراد ما نسبته 88.45%. وبالمقارنة بين مجموع الإيجارات الجديدة والقديمة بلغت نسبة الإيجارات الجديدة 77.08% والقديمة 22.92%.

وفق الأرقام نفسها الصادرة عن وزارة المالية، احتلت محافظة جبل لبنان النسبة الأعلى في الإيجار غير السكني، بحيث بلغت 8129 وحدة قديمة أي 31.38% يليها محافظة الشمال وفيها 6442 أي ما نسبته 24.87% ، ومحافظة بيروت في المرتبة الثالثة وبلغت الإيجارات القديمة فيها 4631 أي ما نسبته 17.88% ، تليها محافظات زحلة الجنوب  النبطية بعلبك وعكار، وتجدر الاشارة إلى أنّ عدد الوحدات الجديدة غير السكنية في محافظة جبل لبنان بلغت 41824، فيما بلغت 9063 في محافظة الشمال و 17713 في محافظة بيروت.

الزهيري التي تعمل وعدد من الهيئات الحقوقية على تقديم اقتراح قانون حول الإيجار غير السكني إلى النواب، لفتت إلى أنّ استمرار الحال على ما هو عليه يغيّب مبدأ المنافسة المشروعة وتكافؤ الفرص بين الإيجارات القديمة والجديدة، ويعطي الأفضلية للمؤسسات المستأجرة القديمة ومنها المصارف، ويخالف الدستور الذي نصّ على حماية الملكية الخاصة. وأشارت الزهيري إلى أنّ تمديد عقود الإيجارات لغير السكني على مدى سبعين عامًا خلق مواطنين غير متساوين في الحقوق والواجبات، بحيث يدفع المالك التي يتقاضى إيجارات زهيدة ضرائب للدولة وفق صيغتها الجديدة، ويخلق الواقع الحالي تفاوتًا في الواجبات بين المالك والمستأجر، بما يتناقض ومبدأ عدم جواز استفادة جماعة من منفعة مبالغ فيها وتعرّض جماعة أخرى لضرر مبالغ فيه من قانون عام، كما أنّه من غير المنطقي أن يُحمّل المالك أعباء، لقاء أعمال تجارية ومصرفية يستفيد منها أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات الدولية على حسابه.

يبقى أن نشير إلى أنّ الجمهورية اللبنانية وعلى امتداد تاريخها لم تصدر قانون عادل للإيجارات، إذ لطالما عَمل المشرّع على تمديد عقود الإيجار سنة بعد سنة، مصادرًا حقوق الملكية الذي كفلها الدستور، ومحمّلًا مسؤولية سكن المستأجرين الفقراء إلى المالكين الفقراء منهم والميسورين، ومتقاعسًا عن إلزام الحكومات بواجب إيجاد سكن للمستأجر الفقير، ومحوّلًا المستأجر الميسور والفقير إلى شريك للمالك في ملكه بقوّة القانون، ولعلّ عدم صدور قانون الإيجار التملكي وغياب القروض المدعومة، أبرز دليل على تقاعس الدولة عن القيام بواجبها في حق السكن.  
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك