Advertisement

إقتصاد

كباش الحكومة والمصارف ينتهي بالسطو على أموال المودعين

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
27-05-2020 | 04:00
A-
A+
Doc-P-707397-637261670160868820.jpg
Doc-P-707397-637261670160868820.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
في خطتها للإنقاذ كشفت الحكومة أنّها ستعيد هيكلة القطاع المصرفي وستخفّض عديده إلى النصف. هذا الشقّ لا يزال مدار كباش بينها وبين المصارف. القطاع المصرفي يعترض على تحميله كامل الخسائر، بدل توزيعها بشكل عادل على الدولة ومصرف لبنان والمصارف. كما يعتبر أنّ تقدير الحكومة للخسائر المالية الإجمالية مضخّم، وقد بلغ 241 ألف مليار ليرة وفق أرقام الحكومة، فيما لا يتعدى 104 الآف مليار ليرة وفق أرقام المصارف. ولأنّ المصارف ترى في خطة الحكومة نهجًا انتقاميًا عقابيًا بحقها، طرحت خطّتها، وضمّنتها رؤية مختلفة للإنقاذ.
Advertisement

مقاربة قانونية للخطّتين، كشفت حجم الثغرات القانونية في كلّ منهما، أي في خطّة التعافي الحكومية وفي خطة التعاون التي قدّمتها المصارف، والإثنان أي الحكومة والمصارف أدارا بندقية الإنتقام نحو رؤوس المودعين، لتحميلهم أثمان الأزمة المالية. الأستاذة الجامعية الباحثة في الشؤون القانونية والمصرفية دكتورة سابين الكيك وفي مطالعة شاملة فنّدت بنود الخطة الحكومية، وما شابها من مخالفات للأحكام القانونية للنظام المصرفي، وخصّت بها "لبنان 24"، سنكتفي ببعض نقاطها نظرًا لشموليتها.

اعتبرت الكيك أنّ خطة التعافي ضربت عرض الحائط بكلّ الحقوق الجماعية والفردية للمواطن اللبناني. فالحكومة قدّمت ورقة مبعثرة في مضمونها، ومتناقضة في أهدافها، في إرباك واضح سرعان ما تبلور في أولى جلسات التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

في خطتّها تشدّد الحكومة على وجوب دمج المصارف، كإجراء ملّح، طوعاً أو بالأكراه، وبرأي الكيك "هذا تعبيرٌ لم يسبق أن ورد على لسان سلطة منبثقة عن نظام ديمقراطي. فضلًا عن أنّ كلّ الإجراءات الآيلة إلى ما يسمى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ستصب في الانتقاص من حقوق المودعين، إن لم يكن الغاءها". وأذ تؤكد الكيك على قدسيّة الملكية الفردية الخاصة، تلفت إلى أنّ الودائع تشكّل ذمّة ائتمانية موضوعة باستعمال المصرف، وتكون منفصلة تماماً عن ذمته المالية، وتدوّن في بند خاص بها، ويجب أن تبقى بمنأى تماماً عن دائني المصرف، ولا تقبل الحجز عليها.

وبشأن البند المتعلق بالأسهم العادية والتفضيلية أكدت الكيك أنّ المس بحقوق المساهمين، أياً كانت أنواع الأسهم التي بحوزتهم، يعتبر تعدّيًا صريحًا على حق الملكية الخاصة الفردية، وانتقاصاً من النظام الإقتصادي الحر، الذي من شأنه الإساءة إلى جذب الاستثمارات.

أمّا الدمج المصرفي الطوعي أو القسري الذي تطرحه الحكومة، فدونه صعوبات، من شأنها أن تتسبب بنتائج عكسية أوغير مرضية في كثير من الأحيان وفق الكيك "إن لناحية الثغرات القانونية في تطبيقه أو لناحية الآثار الإجتماعية والإقتصادية الناتجة عنه. كما أنّه لا يشكّل حلّاً سحرياً يمكن تعميمه لمعالجة الأزمات المصرفية بشكل عام ". وهنا أعادت الكيك التذكير بإستشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل رقم ١٥٠ تاريخ ٦/٢/١٩٧٩، ومفادها "أنّ الدمج في حالة المصرف المتعثر، لا يجوز ألّا بعد إعادة بناء رأسماله وتعويض الخسائر الفعلية، ولا يمكن تصفية تلك الخسائر دفترياً فقط، ومن ثمّ إعادة قيدها مجدداً، وذلك بهدف الحصول على بعض الاعفاءات." وأضافت الكيك "أنّ الخطورة الكبيرة تكمن في الصلاحيات المطلقة الإستثنائية المعطاة للمجلس المركزي خارج أي رقابة إدارية او قضائية أو جزائية، حيث إمكانية الاعتراض على صحة الاجراءات السابقة لعملية الدمج معدومة. علمًا أنّه بظل عم تعيين المجلس المركزي تبقى آليات الدمج معطّلة. هذا فضلًا عن مشكلة صرف الموظفين والعاملين بالمؤسسة المصرفية، ومدى مراعاة حقوق العمال المنصوص عنها في الاتفاقيات الدولية، خاصة في ظلّ أزمة البطالة".



معايير بازل 3

بالمقابل شدّدت الكيك على وجوب هيكلة الأجهزة المصرفية الداخلية، حسب معايير بازل٣، مما يؤدي إلى رفع مستوى الصناعة المصرفية، عبر تفعيل كفاءة الرقابة، وإعادة تنظيم الاداء المهني المحترف، وتدعيم الملاءة المالية، وتفعيل التشريعات السارية المفعول.

المخالفات كبيرة بحيث لا مجال لذكرها في مقال، "ومنها أنّ الخطة الحكومية شرّعت الكابيتال كونترول واعتبرته منطلق استعادة الأموال المحوّلة، وعلى رغم أنّها اعترفت بأنّه طُبّق باستنسابية، لم تبادر إلى طرح أي سبيل للحؤول دون ذلك. كما أنّها تعطي لنفسها الحق باجراء جردة حساب للمحفظة الإئتمانية للمصارف، وتتوقع أرقاماً أقل بكثير من الأرقام المعتمدة حالياً . وتنشئ صندوقاً او شركة تملكها الأصول المصرفية التي تصنّفها بالرديئة، وتضيف إليها الشركات والمؤسسات العامة المنهوبة، لتقدمها هدية إلى ال ٢٪ من كبار المودعين، وإلا لن ينالوا فلساً واحداً من حقوقهم. وتلغي الاسهم العادية والتفضيلية وشهادات الإيداع، مع اعترافها بأن هذا من شأنه أن يغيّر في صورة ملكية المصارف". وتذهب أبعد من ذلك، فتقرر إلغاء احتياطي الودائع لدى مصرف لبنان ورأسمال المصارف، وتجاهر بحقّها في استخدام أصول المصارف العقارية في الداخل والخارج، ولا تستكين قبل التأكيد على حقّها بشطب جزء كبير من سندات اليوروبوند وسندات الخزينة. علمًا أنّ المصارف تخضع لقيود فيما يتعلق بقواعد رأس المال، كونه الضمانة الرئيسية ويعكس قدرتها الإئتمانية تجاه المودعين، وهو خط الآمان الآخير لهم في حال انتقاص موجودات المصرف او هبوط قيمتها كحالة الديون الرديئة (اليوروبوند مثلا). بحيث يجمّد المصرف من اصل رأس المال نسبة، يحدّدها المجلس المركزي كأمانة لحسابه لدى الخزينة اللبنانية، تعاد اليه بدون فائدة عند تصفية اعماله. كما لا يجوز لأي مصرف أن يخفض رأسماله المصرح عنه أو يسترد جزءًا منه (المادة ١٣٢ من قانون النقد والتسليف ).

في المقابل خطة التعاون التي قدّمتها جمعية المصارف أتت على حساب المودع بحسب رؤية الكيك "بحيث تنصّلت المصارف بموجبها من كافة الإلتزامات القانونية والعقدية تجاه المودع. وحاولت بكل وقاحة أن ترمي على عاتق هذا الأخير مسؤولية القرارات التي أخذتها منفردة طوال ثلاثة عقود. وقامت بتحويل العلاقة التعاقدية بينها وبين العملاء إلى علاقة بين العملاء والدولة، عبر اقتراح إنشاء صندوق سيادي استثماري ليضمن استعادة أمواله، وكأنها ليست المسؤولة الأولى والاخيرة عن كلّ سياسات الإقراض التي قامت بها، وبذلك مخالفة صريحة لقانون الموجبات والعقود اللبناني، الذي ينصّ على أنّ حوالة الدين هو تصرف قانوني لا يتم إلا بموافقة الدائن أي المودع".

إذن الحكومة والمصارف اختلفا على كل شيء واتفقا على أمر واحد، وهو الإلتفاف على حقوق المودعين، والسطو على جنى العمر، الذي تبّخر في إقراض المصارف دولةً فاسدة، أنفقت المليارات على مشاريع وهمية، لم تعد بالنفع سوى على جيوب مفسديها، فمن قال لهم إنّ المودع يوافق على تحويل أمواله إلى ديون لدى دولة منهوبة؟
تابع
Advertisement
22:10 | 2024-04-17 Lebanon 24 Lebanon 24

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك