ذكر موقع "Middle East Eye"
البريطاني أن "السياسة الدولية شهدت في الأسابيع الأخيرة مشهداً دبلوماسياً سريالياً، يُزعم أنه يهدف إلى إنهاء الحرب في
أوكرانيا. ويدور الحديث حول خطة سلام مسربة من 28 نقطة، نُسبت في الأصل إلى الرئيس الأميركي
دونالد ترامب، والتي يُرجّح أن يكون من صاغها شخصٌ يفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية. ونسبت الخطة نفسها لاحقا إلى
روسيا، في محاولة محتملة لتخريبها. ليس واضحًا من سرّب الخطة، لكن من المؤكد أن هناك شخصيات في
واشنطن لا تريد أن تنتهي الحرب بهذه الطريقة، ووزير الخارجية ماركو روبيو من أبرز المحافظين الجدد في إدارة دونالد
ترامب".
وبحسب الموقع، "مع تكشّف كل هذا، سُرّبت إلى بلومبرغ محادثة هاتفية مُحرجة بين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ومستشار الرئيس الروسي يوري أوشاكوف. وتكهّنت موسكو بأنّ هدف التسريب، الذي زُعم فيه أن ويتكوف قدّم المشورة لأوشاكوف حول كيفية عرض خطة سلام أوكرانية على ترامب، كان إفشال المقترح المُكوّن من 28 نقطة. ويترأس أحد فرق التفاوض على الجانب الأميركي وزير الجيش دانييل دريسكول، وهو تلميذ
نائب الرئيس جيه دي فانس، الممثل الأبرز لـ"اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" داخل إدارة ترامب. وأصدر الأوروبيون، في حالة ذعر تام، خطتهم الخاصة لإنهاء حرب أوكرانيا، في محاولة لاحتواء الضرر الذي لحق بمكانتهم وبالأوكرانيين، ورغم أن صياغتها أفضل، إلا أنها غير واقعية".
وتابع الموقع، "وصف خبير السياسة في
الاتحاد الأوروبي إلدار محمدوف الخطة الأوروبية بأنها محاولة "لتفريغ الاقتراح الأميركي حتى يصبح غير مقبول بالنسبة لموسكو"، مشيرا في عمود في مجلة "السياسة المسؤولة": "يقدم القادة الأوروبيون خدمة لفظية علنية لجهود ترامب لإنهاء الحرب بينما يناورون لتخريب أي مبادرة تنحرف عن أهدافهم القصوى وغير القابلة للتحقيق المتمثلة في الاستسلام الروسي الكامل في أوكرانيا"."
وأضاف الموقع، "إن سياق مبادرة السلام المزعومة هذه فوضوي للغاية في الواقع. في هذه الأجواء السريالية، تسعى روسيا إلى إجبار أوكرانيا على الاستسلام، ويحاول الاتحاد
الأوروبي فرض استسلام روسي كامل، على أمل دفع النظام في موسكو إلى التغيير، وتتطلع
الولايات المتحدة إلى استسلام الاتحاد الأوروبي للشروط السياسية والاقتصادية التي تمليها واشنطن وموسكو، على أمل تمهيد الطريق أمام ترامب للفوز بجائزة نوبل للسلام التي طال انتظارها".
وبحسب الموقع، "يبدو الوضع غير قابل للاستمرار. فليس واضحًا حتى عدد فرق التفاوض التي أشركتها الولايات المتحدة في جهود السلام هذه، ولا من سيتعامل من الجانب الروسي. من الواضح أن صراعًا على النفوذ مستمر داخل الإدارة الأميركية بين فريق "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" والمحافظين الجدد، أي المتحالفين مع فانس مقابل المتحالفين مع روبيو. ولكن بينما تعكس المواقف الروسية والأميركية هدفًا واضحًا قائمًا على سياسات القوة والمصالح التجارية، فإن الخطة الأوروبية، كما هو متوقع، منفصلة عن الواقع. ويبدو القادة الأوروبيون عاجزين عن تقديم رؤية واضحة تتجاوز وقف إطلاق النار، في ظل غياب أفكار موثوقة لبناء هيكل أمني مستدام في القارة".
وتابع الموقع، "ما تعجز الدول الأوروبية عن فهمه، أو ترفض فهمه، هو أن روسيا لا ترغب في مجرد تجميد الصراع، بل تسعى إلى تسوية دائمة لهذا الوضع، وليس لديها أي مصلحة في تكرار تجربة اتفاقيات مينسك. خلال قمتهما في ألاسكا في آب الماضي، بدأ ترامب يفهم بعض حجج
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ربما لأول مرة. هذا لا يجعله تلقائيًا أداةً روسيةً في قمة القوة الأميركية، لكن هذا التعاطف المعرفي شرطٌ أساسيٌّ لأي مفاوضات ناجحة. وفي ما يتعلق بالممارسة الدبلوماسية، فإن المسودة الأولى لأي اتفاق سلام هي مجرد مسودة، وستكون عرضة لتعديلات عديدة. وعادةً ما تعكس المقترحات الواقع على أرض المعركة، وفي هذا الصدد، يبدو أن الأوكرانيين على وشك الانهيار. وعلى سبيل المقارنة التاريخية، في مؤتمر يالطا عام 1945، انتقد العديد من المنتقدين التنازلات الكبرى الممنوحة للاتحاد السوفييتي، ولم يأخذوا في الاعتبار أن الجيش الأحمر كان آنذاك على بُعد أقل من 100 كيلومتر من برلين، بينما كانت الجيوش الأنكلو-أميركية عالقة في آردين".
وختم الموقع، "من المقرر أن يزور ويتكوف موسكو اليوم الثلاثاء، لكن لا توجد إشارات مشجعة صادرة عن الكرملين بشأن قبول نسخة منقحة من خطة ترامب المكونة من 28 نقطة. ويواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي معضلة رهيبة: قبول صفقة سيئة للغاية الآن، أو صفقة فظيعة بعد بضعة أشهر".